- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الطواشة .. تهريب للنفط مرتين .
حجم النص
بقلم:حمزه الجناحي كثيرة هي الابتكارات الاسمية التي يجدها العراقيون ويبدأون يتحدثون بها وكأنه قد ولدت منذ الف من الاعوام..البحارة..الفضائيين..الصكاكة..العلاسة..الكيكية..الجراوة..الايمو وعشرات مثل هذه الاسماء التي وجدها العراقيين في ظروف حرجة وصعبة لتجد طريقها الى التداول في الشارع العراقي واصبحت مثار للسخرية والتندر والضحك لكن في الوقت عينه اعطت دلالات واشارات لمهنة او مودة او حركة او حتى اصبحت مثل هذه المسميات يشار لها لشخصيات لها موقع مهم في الدولة او الحكومة او لها سمعة في التداول اليومي لدى العراقيين.. اخر هذه الاسماء وليست الاخيرة هو كلمة الطواشة وهذه الكلمة اكثر تداولا في جنوب العراق وخاصة على البحر والعاملين في الخليج وقادة السفن الصغيرة واللنجات والبواخر ولايعني ان هذه التسمية متداولة في ذالك الوسط فقط دون العامة بل هي مسموعة في الجلسات العامة في المقاهي ومرتادوا وموظفي الموانئ وعوائلهم.. الطواشة..سفينة كبيرة تتوقف في عرض البحر واحيانا في المياه الدولية وفي مرات عدة تدخل في المياه الاقليمية العراقية ترفع علم دولة ما كأن تكون عربية او اجنبية او حتى عراقي ومسجلة في دفاتر الضمانات العالمية ,,قد تتجاوز حمولتها المئة الف من الاطنان ومخصصة لنقل المشتقات النفطية فقط ,,بمجرد ان تخرج ميل او ميلين بحريين خارج المياه الاقليمية العراقية قبالة احد الموانئ العراقية تشاهد سفينة كبيرة واقفة في عرض البحر كأنها طائر مائي عملاق يحيط به عدد لابأس به من افراخه يقتربون منه تارة ويبتعدون عنه اخرى ويستمر هذا الحال ساعات واحيانا ايام تختفي افراخ هذا الطائر العملاق مساءا عند الغروب وتبدأ الافراخ بالاقتراب منه بأول ساعات الصباح في حركة مستمرة ودءوبة والسفينة متوقفة لا حراك بها... حتى تفاجأ في احد الصباحات لتجدها وقد رست وبصورة اصولية ورسمية في احد المراسي العراقية العملاقة وبدأ تفريغ محتوياتها لخزانات النفط ومشتقاته العملاقة على ارض الميناء لتكتشف بعد فترة وجيزة ان هذه الباخرة تفرغ حمولتها من زيت الكاز(الكاز)او النفط الابيض او البنزين المستورد الى العراق من احد الدول العربية او الخليجية او ايران او دولة اجنبية اخرى وبأوراق اصولية وبأسعار متفق عليها بين الحكومة العراقية وبين الموردين والأموال تحول الى المصارف الخاصة التي اتفق عليها الطرفان المستورد والمصدر.. اكيد ستسأل احدهم او صديق او اي شخص تعرفه عن حكاية هذه الباخرة العملاقة التي رايتها بالأمس في عرض البحر تحيط بها اللنجات والسفن الاصغر حجما من كل الجهات وحتى لو وجهت السئوال الى موظف في الميناء عن الصورتين لتلك السفينة سيجيبك بكل صراحة كأي شخص تسائله بلا خشية ولا خوف ولا تردد وربما معها قهقهة او ابتسامة وربما يستغرب لسؤالك لأنك لا تعرف الطواشة أو سيقول لك هل انت غريب ؟ لماذا لا تعرف عن هذه الحكاية اي شيء ؟ ليبين لك انها الطواشة السفينة المشهورة التي يعتاش عليها المئاة من العوائل ويبدأ يشرح لك عن هذه الحكاية الغريبة.. بما ان العراق يستورد شهريا مئاة الالاف من الاطنان للمشتقات النفطية من ايران والامارات وعمان او حتى من الهند اوربما من الصومال او اليمن لأنه بلد غير نفطي وهو بلد صناعي وزراعي بأمتياز وذات ريع عائدي متعدد من كل مناحي الحياة الا النفط فهو اكيد يحتاج لتلك المشتقات لتشغيل مصانعه ومعامله وآلاته الزراعية ومحطاته الكهربائية فلابد له ان يشتري تلك المشتقات من الدول المصدرة تلك.. يالسخرية القدر وضحك الزمان على ما نحن فيه من حال غريب وعجيب لايوصف ولايمكن وضعه الا في خانة التدهور والانهيار والذهاب الى قاع الهاوية.. الطواشة كنت اضن اول ما سمعتها انها المهنة العراقية الشريفة التي تمتهنها نساء العراق الفقيرات في وسط وجنوب العراق وهن يخرجن بمعية ملاك بساتين التمور الى البساتين وقت (الكصاص) ليحوين التمور ويجمعنه لقاء اجر يومي ومنحة بضع كيلوات من التمر واصبحت هذه المهنة شائعة ولها اوقات ولها حتى اماكن شبيهه بالمعسكرات خاصة للنساء اللواتي يفارقن اهلهن ايام عدة من اجل لقمة العيش هذا ماكنت اضنه ,, ليتبين لي ان الطواشة.. الطواشة هي عملية شيطانية خبيثة يمتهنها الفقراء ايضا لحساب الفسدة من اصحاب الملايين والمليارات من الدولارات وبأشراف مافيات عراقية وأجنبية تسرق ممتلكات الفقراء وما تجود به ارض العراق من خيرات نفطية ليتم سرقته وبيعه لهؤلاء ويعودون بيعه على الفقراء ثانية ,,تقف تلك السفينة في عرض البحر وتبدأ السفن الصغيرة المحملة بمشتقات نفطية خالصة من زيت الكاز بعد شراءه من محطات التعبئة او من سائقي وزارة النفط الناقلين اصحاب الحوضيات اللذين يستبدلون او يخلطون المنتوج بالماء ويعبئوه في المحطات الرسمية وبتواطئ مع موظفي وزارة النفط العاملين في محطات التعبئة ,,وتبدأ الحوضيات بنقل المنتج المسروق الى تلك السفن الصغيرة واللنجات العاملة في البحر وبعد التحميل تذهب تلك السفن لتفريغ حمولتها في بطن السفينة الكبيرة لقاء اسعار متدنية اقل من اسعار شراء المنتوج من قبل الحكومة العراقية بمقدار الضعف وبعد ان تمتلئ تلك السفينة بالحمولة تدخل المياه الاقليمية العراقية في موانئ البصرة كسفينة قادمة من احدى الدول الاجنبية المتعاقد معها وبأوراق مزورة وغير اصولية وتفرغ ماسرقته في الموانئ العراقية ليعاد بيعه للعراقيين وتستمر الدورة.. طبعا القائمين على هذا العمل المشين ليس من الفقراء ولا سواق السفن الصغيرة فهؤلاء يعملون لقاء اجر نقل وليس اصحاب مال وعند مداهمة تلك الباخرة وأفراخها صرح اكثر العاملين وقادة السفن انهم يتعاملون مع اشباح كبار متنفذين في الدولة العراقية في البصرة وبغداد وما هم الا عمال لديهم والافصاح عن اي اسم من هؤلاء يعني قتلهم او اغراق سفنهم ولا يمكن حتى للدولة السيطرة والقدرة عليهم لأنهم هم الحكومة نفسها ,, الغريب في الامر ايضا ان هذه العملية تتم على مرآى ومسمع خفر السواحل ووحدات الجيش الحامية للممتلكات العراقية وعمال تلك السفن الصغيرة هم خليط من العراقيين والهنود والخليجيين والايرانيين والكويتيين وجنسيات اخرى متنوعة.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً