حجم النص
ما إن تلبدت السماء بالغيوم الكثيفة، حتى تمتم المواطن حازم قاسم محمد من أهالي البصرة، بكلمات متضرعاً الخالق بعودة الشمس على عياله، وعيناه ترمقان داره المهددة بالسقوط في كل شتاء. لحظات بعدها وانهمر المطر الغزير وفاضت الشوارع واقتحم الماء والأوساخ بيته المنخفض، تحت إيقاع تساقط قطرات الإمطار وماء المرازيب شديدة الوقع على عياله وهم يتنقلون من غرفة إلى أخرى، والماء يتلف أثاثهم مستسلمين لإرادة الطبيعة في معاناة ليست بجديدة عن شريحة الفقراء، دون وجود حلول جذرية. ويقول حازم المعروف بأبو حسين الذي يسكن حي الأساتذة (الأربعة شوارع) لراديو المربد ان "الماء دخل على داري المنخفضة من الأبواب والسقف ومن كل مكان، وهو أشبه بالفيضان، واتلف لي الفراش والأثاث، وأطفالي فروا مرعوبين يرتجفون من البرد، رغم استعدادي الخجول لموسم الشتاء هذا". وأضاف قائلاً "هرعت القي الماء إلى الخارج بوسائل بدائية مع مساعدة أطفالي الصغار الأربعة وزوجتي، لكنه يعود إلى الدار مجددا". ويختتم أبو حسين بالقول"علي القبول بقدري كشخص فقير عاطل عن العمل، أمسيت غريباً في محافظة غنية ومليئة بالثروات، ولم تنل عائلتي من الجهات الحكومية سوى الوعود". أبو حسين الذي يسكن داراً عشوائية، معروف في منطقته ومعاناته المتكررة، وجيرانه تكفلوا بمساعدة وشاركوه العناء، فهناك من سارع بإحضار ماكنة (الروبن) لسحب ماء الدار، وآخرون انشغلوا بنقل الأثاث، أما نساء الجيران فاهتمت بالزوجة وأطفالها. ويقول جاره أبو علاء الساعدي للمربد ان "أبو حسين إنسان فقير نتكفل بمساعدة في هكذا مواسم، وداره المنخفضة زادت من ويلاته التي يبدو أنها لا تنتهي". ويلفت الساعدي ان "موظف المجاري لم يشغل الغطّاس، بعذر عدم وجود تيار كهربائي، ما تسبب في طفح مجاري المنطقة وصعود الماء على دار أبو حسين" مطالباً الجهات المعنية "بتوفير تيار بديل لإنقاذ الفقراء في مثل هكذا ظروف". ويبدو ان صيت معاناة ابو حسين فاقت الحدود، فهو مقدمة اهتمام بعض الجهات الإنسانية والخيرية التي تقدم المساعدة له وأخرى تكتفي بالمواساة. ويقول امين ممثلية الشعائر والمواكب والهيئات الحسينية في البصرة طاهر لازم البديري ان "الممثلية تبرعت له بفراش وبطانيات، لان الماء اقتحم داره لم يبق شيئاً يابساً، فضلاً عن مساعدته بإخراج الماء من داره". ويضيف لراديو المربد ان "الكثير من العائلات الفقيرة تعاني من المشكلة ذاتها، سيما في المناطق الشعبية كالقبلة وحي الحسين(الحيانية) وخمسة ميل، وأماكن اخرى في الاقضية والنواحي، مادفعنا إلى تشكيل لجان مكونه من أعضاء المواكب لإبداء المساعدة قدر الإمكان، وهي أهداف نستلهمها من قضية" الأمام الحسين الإنسانية". قصة ابو حسين واحدة من مئات القصص المشابهة التي تسجل في البصرة الغنية بالنفط، مدينة تحتضن وبحسب المختصين العدد الأكبر من الفقراء والبيوت العشوائية والتجاوز لم يكتب لها النعيم والرفاهية بعد إطلاق العديد من القرارات والوعود بإيجاد الحلو لهم وغلق صفحة معاناتهم. وكانت مديرية البلدية ودائرة المجاري في البصرة قد أعلنتا استعدادهما لاستقبال تلك الأمطار عبر خطة عمل مشتركة، فيما شكل ديوان المحافظة لجنة لتدارك ما وصفه بـ"الأزمة" لمعالجة إخفاقات الأمطار السابقة وتصريف الموجة القادمة، فضلا عن إعلان منظمات وجمعيات إنسانية وطوعية تشكيلها غرف عمليات ولجان، لاحتواء مخاطر الأمطار والفيضانات. وبين تشكيل تلك الغرف تبقى ضحايا المطر تبحث بقلق عن معين ينتشلها من وضعها المزري بأصوات قد لاتخرق مسامع الجهات الحكومية التي انشغلت بالدفاع عن نفسها من موجة انتقادات المواطنين لها، بأعذار وتبريرات لا تصمد قبالة فشل مشاريع البنى التحتية في كل موسم للإمطار حيدر الجزائري
أقرأ ايضاً
- البصرة.. تحرير امرأتين وطفلة والقبض على الخاطف
- البصرة.. الفتى قاتل عائلته يقول إنه خطط لجريمته بسبب تعرضه للضرب والتعنيف من والده!
- مخبأة بحليب الأطفال .. الأمن الوطني: إحباط محاولة تهريب مخدرات في البصرة