منذ منتصف العام الماضي وحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تتحدث عن حزمة من مشاريع المدن السكنية الجديدة في بغداد والمحافظات لتخفيف حدة أزمة السكن وانتشار العشوائيات، في الوقت الذي تفتقر فيه البلاد لوجود شبكة طرق معبدة وخدمات من كهرباء وماء وغاز بشكل يلبي الزخم السكاني المتعاظم خلال العقود الماضية.
ومع الزخم المروري الذي فاق كل التوقعات وتحديدا في العاصمة بغداد، أكدت وزارة التخطيط، أن العراق بحاجة إلى أكثر من مليوني وحدة سكنية لإنهاء أزمة السكن.
يشار إلى أن جهات متنفذة دخلت على خط إنشاء المجمعات السكنية، حتى باتت تستحوذ على مساحات شاسعة داخل بغداد، مما جعل سعر المتر الواحد ببعض المدن السكنية إلى أكثر من سبعة ملايين دينار (5000 دولار).
وقال المتحدث باسم الوزارة محمد عبد الزهرة الهنداوي في تصريح صحافي، إن “هناك توجهاً حقيقياً وجاداً لوضع المعالجات لحل أزمة السكن في الفترات الزمنية الممكنة”.
وأضاف أن “بموجب معطيات عدد السكان الحالي الذي وصل إلى 43 مليون نسمة في عموم العراق سنحتاج الى ما لا يقل عن مليونين أو مليوني وخمسمئة مئة وحدة سكنية لسد هذهِ الحاجة وأن هناك توجها لبناءِ ستة عشرَ مدينة سكنية جديدة ثلاث منها في محافظة بغداد هي مدينة الجواهري، وعلي الوردي، ومدينة الصدر الجديدة”.
وتابع أن “هذهِ المدن سوف تتكون من أعداد كبيرة من الوحدات السكنية تتراوح من ثلاثين ألفا إلى أكثر من مئة وعشرين ألفاً، وهي تتوفر بها كل المتطلبات الحياتية من البنى التحتية، وجميع الخدمات، وربما تضم الدوائر الحكومية على حسب حجم المدينة، وهذهِ المدينة سوف تكون خارج حدود التصاميم الأساسية لمحافظة بغداد والمحافظات، حتى يتم تخفيف الزخم داخل العاصمة ومراكز المحافظات، لا سيما ذات الكثافات السكانية العالية”.
أوضح الهنداوي “سوف يكون توزيع المدن مدينة والجواهري بسعة ثلاثين أو خمس وثلاثينَ ألف وحدة سكنية، وهي غرب بغداد، ومدينة علي الوردي جنوب العاصمة، وبسعة مئة وعشرين ألف وحدة سكنية ومدينة الصدر الجديدة بسعة سبعين ألف وحدة سكنية، واغلب هذهِ المشاريع هي مشاريع استثمارية، أي لا تكلف الدولة أموالاً بل ستعود بالفائدة".
ويمثل الازدحام المروري معضلة حقيقية بالنسبة إلى أهالي بغداد، وهو أمر مستمر منذ سنوات، حتى بعد اتخاذ إجراءات ميدانية لفتح شوارع حيوية عدة ظلّت مغلقة منذ عام 2003 بسبب "دواعٍ أمنية".
وتنتشر تلك المجمعات داخل العاصمة، وبالتحديد في مناطق: العلاوي (أمام متنزه الزوراء)، والبياع، وشارع مطار المثنى، والسيدية، والكاظمية، وحي العدل، وسريع محمد القاسم، حيث تباع شققها بأسعار باهظة تتراوح في المتوسط بين 100 ألف دولار و400 ألف دولار.
وخاطبت سلطة الطيران المدني بكتاب رسمي في نيسان أبريل الماضي، هيئة الاستثمار الوطنية من أجل الحد من هذه المجمعات على اعتبار أن بعضها مخالف للضوابط، خاصة تلك التي شيدت بالقرب من مطار بغداد الدولي والتي قد تتسبب بمشاكل عديدة وتعيق حركة الإقلاع والهبوط من مدارج المطار، إلا أن الشركات المتنفذة لم تصغ لتلك المخاطبات واستمرت بإكمال بناء المدن السكنية.
يشار إلى أن العراق يفتقر لقوانين تنظم بيع وشراء وإيجار العقارات، على عكس دول المنطقة التي تنظم هذه العملية بقانون، وتحدد سعر الارتفاع سنويا، كما تضمن حقوق طرفي العقد في الإيجارات، وتحدد القيمة وفق ما تراه الدولة متوازيا مع طبيعة الأجور والوضع الاقتصادي العام.
يشار إلى أن ما تم بناؤه في العراق من مجمعات سكنية منذ العام 2003 إلى الآن بتمويل حكومي لا يتجاوز السبعة آلاف وحدة سكنية، وفقا للبيانات الرسمية، فيما يجدر الانتباه إلى وجود جميع المدن السكنية الجديدة في مناطق جرداء تم تخصيصها لها، ما يعني استهدافها إنهاء عمليات تجريف الأراضي الزراعية التي باتت تتحول لأحياء سكنية بكثرة في داخل مراكز المدن وأطرافها.
ويشهد العراق ارتفاعا كبيرا في نفوسه، حيث تخطت 43 مليون نسمة، بحسب آخر إحصائية لوزارة التخطيط، بعد أن كانت نفوسه 35 مليونا في العام 2015.
وكانت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم أكدت في تقرير سابق، أن “الزيادة غير المحسوبة أو غير المدروسة في السكان، تؤدي الى عملية تكالب على الموارد، وبالتالي فان الفجوة الحاصلة بين زيادة حجم السكان وقلة الموارد ستكون كبيرة، وكلما كبرت هذه الفجوة كلما زادت الصراعات داخل المجتمع وليس التنافس على الوظائف فقط، وفي النتيجة ستستمر الفوضى التي يعيشها مجتمعنا”.
وفي ظل ذلك، تبقى الحاجة ملحة لتأهيل شبكة الطرق العامة في العراق، بالنظر لزيادة الحوادث المرورية وزيادة أعداد المركبات، إضافة إلى ضرورة تشييد طرق معبدة وحديثة تكون متكاملة من حيث شروط السلامة لإيقاف تفاقم أعداد الحوادث المستمرة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- العراق في المرتبة الرابعة عربياً بعمالة الأطفال وتحذير من تنامي ظاهرة "خطيرة"
- القضاء العراقي يوجه بفرض عقوبات رادعة للحد من ظاهرة الربا
- الأمن العراقي يُسقط أخطر مُزور في ميسان بحوزته أكثر من 80 وثيقة