على الرغم من وفرة الأمطار في الموسم المطري للعام الحالي، إلا أنها لم تحل أزمة الجفاف في العراق بسبب أن غالبية مياه الأمطار والسيول والإيرادات الواردة من دول المنبع لا يتم الاحتفاظ بها داخل الأراضي العراقية لعدم وجود سدود على امتداد نهري دجلة والفرات والأحواض المائية في المحافظات الوسطى والجنوبية، باستثناء سدة الكوت في محافظة واسط وما هو موجود في شمال وغرب العراق.
وتعرض العراق لموجة جفاف شديدة حولت غالبية مشاريعه المائية والبحيرات، والأهوار التي أدرجت مؤخرا على لائحة التراث العالمي، إلى أراضٍ قاحلة، كما أن الحكومات المتعاقبة استخدمت نسبة كبيرة من الخزين المائي الإستراتيجي لتغطية الحاجة المحلية بالتزامن مع عدم تقاسم الضرر من قبل الدول المتشاطئة وهي تركيا وإيران.
وحول هذا الأمر، يقول مدير السدود الأسبق رعد عبد الجبار، إنه “لا حاجة لبناء الحكومة سدود كبيرة كون السدود الخزنية الموجودة حاليا لم تمتلئ بالأساس كما أن الوضع الاقتصادي الحالي ليس بالجيد نسبيا على اعتبار أن إنشاء السدود يكلف الدولة مبالغ مالية كبيرة جدا، كما أن خزن العراق قليل ومنذ سنوات طويلة وهو ما يجعلنا في غنى عن أي سدود”.
ويضيف “نحن بحاجة إلى تدابير ضرورية للاستفادة من المياه وفق خطة صحيحة وذات جدوى وتقليل الاستهلاك والتجاوزات، إضافة إلى التوزيع العادل للمياه بين جميع مدن البلد، كما أن السدود الصغيرة ذات فائدة كبيرة لو تم اختيار مواقع جيدة لها، فهي أساسية في تغذية المياه الجوفية التي نحن في حاجة كبيرة لها بالتزامن مع الجفاف الحالي والمشاكل الكبير بالموارد المائية والاتفاق مع دول الجوار”.
ويتابع “عملنا على إنشاء 12 سدا صغيرا بعد سنة 2003 في العراق، وتسمية السدود الصغيرة تطلق على التي تقام على الأنهار ومسارات سيول مياه الأمطار والفيضانات، في حين أن أغلب سدود العراق هي كبيرة أي والتي تبلغ أعماقها عشرات الأمتار”.
هذا كشفت وزارة الموارد المائية، عن خطط حكومية محكمة لتعزيز الخزين المائي، من خلال تحديد 36 موقعا لإنشاء سدود حصاد المياه، وفيما بينت أن جميع السدود الخزنية مستغلة لاستيعاب كل الإيرادات ومنها الطبيعية المتحققة من خلال السيول والأمطار وذوبان الثلوج، أشارت إلى وجود منظومة خزنية كاملة في هذه السدود تحتوي على فراغ خزني كبير ممكن أن يستوعب الإيرادات المائية التي تحققت خلال الفترة الماضية أو التي من الممكن أن تتحقق الفترة المقبلة.
وفي السياق، يشرح الخبير المائي عادل المختار، أن “الفضاء الخزني للعراق يسع 100 مليار متر مكعب وما تم تخزينه لغاية الآن هو 21 مليار متر مكعب، أي توجد مساحة فارغة كبيرة ولهذا لا حاجة لإنشاء أي سدود جديدة”.
ويرى أن “العراق ليس بحاجة إلى بناء سدود بقدر ما هو بحاجة إلى إعادة النظر بالسياسة الزراعية والمائية على اعتبار أننا خامس أكثر دولة متضررة من التغير المناخي وتواجه الجفاف”.
ويردف المختار “العراق اليوم لو أعاد النظر بسياسته الزراعية لكان تجاوز أضرار الجفاف أو قلل منها إلى حد ما لأن صرف المياه أكثر من المعقول في البلد ولا يوجد أي سياسة اقتصادية تحد من هذا الاستهلاك”.
هذا وحصلت في الكثير من المدن الجنوبية على وجه التحديد، هجرة جماعية للسكان نتيجة لجفاف الأهوار والبحيرات والأنهار الفرعية في جنوب البلاد.
ويتفق المختص في الشأن الاقتصادي علي كريم إذهيب، مع الرأي القائل بإن العراق ليس بحاجة إلى إنشاء سدود جديدة.
ويقول إذهيب إن “العراق فيه العديد من السدود الكبيرة والفرعية ولكن ما يلاحظ أنها تتركز في المناطق الشمالية والغربية باستثناء سدتيّ الكوت (محافظة واسط)، والهندية (محافظة بابل)، ولو أن الحكومة أرادت إنشاء سدود جديدة فلا بد من بنائها في مدن الجنوب”.
ويوضح “يكلف إنشاء أي سد الكثير من المبالغ المالية، وترشيح 36 موقعا هو رقم مبالغ فيه على اعتبار أن تكلفة السد الواحد تتراوح بين 3 إلى 5 مليارات دولار”.
وأعلنت وزارة الموارد المائية في الخامس من آيار الجاري، عن استثمارها لكميات الأمطار التي هطلت في جميع أنحاء البلاد، إذ تم تعزيز الخزين المائي لسدود الموصل، ودوكان، ودربنديخان، وحمرين، والعظيم، وتحويل كميات من المياه التي وردت في نهر الزاب الأعلى إلى السدود الرئيسية وبحيرة الثرثار لتعزيز نهر الفرات بالإطلاقات المائية خلال فترة الصيف.
وأشارت إلى أن السيول الأخيرة القادمة من المنطقة الشرقية تم الاستفادة منها في زيادة الواردات المائية إلى الأهوار، خصوصا هور الحويزة والأهوار الوسطى مما أدى إلى زيادة نسب الإغمار فيها.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- عائلة بارزاني على المحك.. هل تطيح "الرئاسة" بأحد أولاد العم؟
- سعر النفط بموازنة 2025.. طبيعي أم يؤدي لأزمة؟
- بعد الانتخابات.. أزمة قانونية وسياسية تنتظر الإقليم والبوصلة تتجه لـ"الاتحادية"