في السنوات الأخيرة عانى العراق من انحسار معدلات المياه الواردة إليه من دول المنبع وشح الأمطار، ما أدى إلى انخفاض خطير في مناسيب الأنهر والبعض منها جفت تماما، الأمر الذي وضع وزارة الزراعة أمام مهمة صعبة قبيل انطلاق الخطة الزراعية الصيفية المقبلة، لكن بعد ارتفاع مخزون المياه بفضل السيول الجارفة التي دخلت الأراضي العراقية، يرى مسؤولون ومراقبون أن هذا من شأنه إنعاش الموسم الزراعي وتأمين معدلات جيدة من المحاصيل.
وتشكل الزراعة موردا اقتصاديا مهما للعديد من الفلاحين والمزارعين في قرى ومدن العراق المختلفة لاسيما المحافظات التي تسجل إنتاجا وفيرا بالمحاصيل الزراعية والحبوب.
ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي، إن "الخطة الصيفية سيتم إطلاقها بعد اختتام أو نهاية الموسم الشتوي أي بعد انتهاء حملات الحصاد لمحصول القمح في بداية شهر أيار المقبل، وهناك اجتماعات فنية بين لجان مشتركة من وزارتي الزراعة والموارد المائية من أجل العمل سويا لإكمال خطة الموسم المقبل".
ويضيف الخزاعي، "بحسب الخزين المائي المتوفر حاليا سيتم تحديد المساحات التي ستدخل في خطة الموسم الصيفي الخاصة بزراعة الشلب، بتوسع أكبر عن الموسم الماضي، ونتوقع أن يكون إنتاج الموسم المقبل أفضل وخاصة في محافظات النجف والديوانية المثنى".
وبشأن تقسيم الخطة الزراعية على المحافظات، يوضح الخزاعي أنه "لا يوجد تقسيم بين المحافظات وإنما كل محافظة ستنتج ما تقوم بزراعته من المحاصيل والخضروات والحبوب التي تشتهر بها، وكل فلاح يقوم بزراعة المحصول الذي يدر عليه فائدة ربحية أكثر".
ويشير إلى أن "الأمطار ساهمت بشكل كبير بسد الاحتياجات من المياه الخاصة لري محصول القمح الذي بلغت مساحته أكثر من ثمانية ملايين و500 ألف دونم للموسم الثاني على التوالي، وبالتالي لم نضطر إلى استخدام الخزين المائي لتكلف الأمطار بكامل الريات الخمس، بالإضافة إلى رية الفطام".
ويكمل المتحدث باسم وزارة الزراعة، أن "مياه الأمطار ساهمت في الحفاظ على مخزون المياه أولا، ومن ثم زيادته من خلال الكميات المطرية والسيول، إلى جانب انتظارنا لموسم ذوبان الثلوج، وهذه كميات كبيرة جدا وبالتالي سيكون الموسم المقبل موسم خير على القطاع الزراعي والفلاح في مختلف محافظات العراق".
ويعاني العراق من أزمة كبيرة في المياه، بسبب تقليل تركيا لإطلاقات نهري دجلة والفرات وقطع إيران لمنابع الروافد من أراضيها، ما أثر بشكل كبير على الخطط الزراعية للمواسم الماضية، فضلا عن تأثير ذلك على تربية الأسماك، وكذلك أدى إلى ارتفع اللسان الملحي ونفوق كميات كبيرة في أحواض الأسماك بمحافظة البصرة.
بدوره، يؤكد مدير دائرة الموارد المائية في محافظة ديالى، مهند المعموري، أن "الخطة الزراعية الصيفية في ديالى تقتصر على الخضر الصيفية فقط وإرواء البساتين التي تبلغ مساحتها نحو 140 ألف دونم، الإضافة إلى مياه الشرب في عموم المحافظة".
ويردف المعموري، أن "مزارعي ديالى يعتمدون على الخطة الزراعية الشتوية لمحصولي القمح والشعير والمحاصيل الإستراتيجية الأخرى، وقد ساهمت الأمطار الأخيرة في تعزيز الخزين في عموم السدود وعلى وجه الخصوص سد حمرين الذي يقع عليه الاعتماد بنسبة 80 بالمئة".
وفي آب 2021، أعلنت محافظة ديالى، أن نقص المياه تسبب بغياب الخطة الزراعية الصيفية لذلك العام، وتحديدا المحاصيل الصيفية كالشلب والذرة الصفراء والقطن، بسبب شح الأمطار وانعدام السيول القادمة من الأراضي الإيرانية وجفاف بحيرة حمرين وانخفاض مناسيب المياه في سد دربنديخان الذي يغذي المحافظة.
من جهته، يؤكد الخبير المائي والزراعي عادل المختار، أن "تصريحات وزارة الموارد المائية تشير إلى ارتفاع الخزين المائي لدى العراق بنسبة بسيطة، الأمر الذي من الممكن أن ينعش الموسم الصيفي المقبل".
ويبين المختار، أن "نسبة الخزين المائي للعام الماضي وصلت إلى 11 مليارا ونصف المليار متر مكعب، أما في العام الحالي فوصلت إلى 13 مليار متر مكعب، أي أن هناك ارتفاعا بنسبة بسيطة عن السابق، الأمر الذي من الممكن أن يتم استثماره في زراعة المحاصيل المتنوعة".
ويشير إلى أن "المشكلة ليست في موسم الصيف المقبل وإنما ماذا لو كان شتاء العام المقبل جافا، كيف سيتم حل الأمر من قبل الجهات المعنية، لذلك يجب أن تكون لنا نظرة مستقبلية وأن لا نفكر فقط في الخطة الزراعية الصيفية وإنما نعمل على تأمين المواسم كافة في ظل خزين مائي فقير يمتلكه العراق".
وكانت وزارة الموارد المائية قد أكدت في وقت سابق، أن السنوات الثلاث الجافة التي مرت على العراق دفعتها إلى الاستعانة بالخزين الإستراتيجي، ما أدى إلى انخفاضه من 60 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى أقل من 10 مليارات متر مكعب حاليا، وقد وصل تقريبا إلى 8 مليارات متر مكعب مؤخرا.
وقد فقد العراق 70 بالمئة من حصصه المائية بسبب سياسة دول الجوار، ما أدى إلى انخفاض الحصص المائية للمحافظات الجنوبية القادمة من سد الموصل على دجلة، وسد حديثة على الفرات، بحسب بيان سابق لوزارة الموارد المائية أيضا.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- عائلة بارزاني على المحك.. هل تطيح "الرئاسة" بأحد أولاد العم؟
- بعد الانتخابات.. أزمة قانونية وسياسية تنتظر الإقليم والبوصلة تتجه لـ"الاتحادية"
- تبعد (165) كيلومتر عن دمشق: يد السيستاني الرحيمة تغيث اللبنانيين في حمص السورية(فيديو)