بقلم: علي حسين
بالأمس كنت مع عشرات الملايين من البشر أتابع أشهر مباريات الكرة فى نهائي مونديال قطر، وصدق أو لا تصدق فقد كان المذيع يصرخ بأعلى صوته "لم تمت يا مارادونا"، كادت صواريخ ميسي أن تنهي القتال المثير بين فرنسا والأرجنتين، لكن كل شيء يحدث في كرة القدم، ولا أحد يعرف النتيجة ما دامت المباراة عادلة، فللجميع فرصة الفوز.
لا عجب ان اولئك الذين يشاهدون كرة القدم ينغمسون احيانا في التفكير ويشرعون في تحليل ما يرونه على مستوى اكثر فلسفية.
توفر كرة القدم مهربا وملاذا للناس يبعدهم عن هموم السياسة والعمل والحياة، وفي العراق توفر فرصة لغياب سحنات السياسيين عن شاشات الفضائيات.
أصبحت كرة القدم مرآة لكل شيء في زمننا الحديث هذا، لأنها تثير مشاعر وإعجاب الملايين، فتختلف الجماهير حولها وتتحزب هكذا، وتتشاجر، لكن جميع الذين يتخاصمون ويتحزبون يتفقون على أن هناك خليفة لفتى الارجنتين الذهبي الراحل، اسمه ميسي يثير المشاعر والعواطف حول العالم، واستطاع أمس أن يجعل الأرجنتين على لسان الملايين، أكثر مما فعل سياسيوها على مر عصورها فقد أطل على العالم ساحراً كرته أمام الشاشات، يفوز عليهم بالجري، ويتفوق عليهم بالخفة ويربح عليهم بمهارة الإصرار. عندما سئل ميسي حول مقارنة الجمهور له بالأسطورة مارادونا قال: "حتى لو لعبت لمليون عام، فلن أقترب أبداً من دييغو مارادونا. لا أريد هذه المقارنة على أي حال. إنه الأعظم على الإطلاق".
من العبث الادعاء بأننا لا نتابع كرة القدم، ونتلصص على رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وهو يقضي "الويك ايند" في ملاعب قطر، فيما الناس حائرة في قفزات الدولار، تصحوا كل يوم فتجد أن نسبة الفقر في العراق تضاعفت، وأن مزاد بيع العملة يصر على ملء جيوب السراق بالسحت الحرام، لكننا ياسادة برغم كل ذلك تركنا عالية نصيف وانشغلنا بأقدام ميسي، وبين متابعة نجاحات كليان إمبابي، وتذكر دموع رونالدو، عشنا مع ساحر اسمه ميسي أصر على أن الفوز الذي حققته الأرجنتين كان بفضل ساحر الارجنتين الذي رحل عن عالمنا قبل عامين حيق قال للصحفيين؛ كان "دييغو مارادونا يراقبنا من السماء. يمثل الدافع لنا وآمل حقاً أن يظل على هذا الحال حتى النهاية".
عشنا سنواتنا العشرين الأخيرة مع سحرة من نوع آخر أرادوا أن يوهمونا أن سنواتهم في الحكم هي الأفضل في تاريخ العراق ولولا المؤامرة الدولية ضدهم لكان العراق الآن ينافس قطر على تنظيم المونديال، وربما تفوق عليها، لكن يبدو أن العديد من سياسيينا يعانون من خلل في الذاكرة يمنعهم أحيانا من تذكر أن البلاد تعاني من الخراب بسبب خطبهم وشعاراتهم الوهمية.
أقرأ ايضاً
- فلسطين من الحجارة الى الصواريخ
- العراق وكرسي الحلبوسي
- إقالة الحلبوسي... نهاية زعامة سياسية وبداية أزمة