بقلم: د. اثير ناظم الجاسور
منذ العام 2006 وبدأ الحديث عن تقسيم العراق لثلاث أقاليم (شيعية – سنية – كردية) مع احاطتنا بمشاريع أهمها كان مشروع بايدن الذي تصدعت به رؤوسنا لغاية اللحظة، مع العلم ان التغيير الحقيقي في شكل ومضمون الدولة يأتي من خلال إرادة دولية إقليمية مستبعدين كل البعد الإرادة الداخلية التي بالضرورة هي التي تعمل على تهياه الأرضية لأي مشروع او قناعة داخلية بالتغيير، جملة من الاحتمالات والفرضيات التي وضعت بالمقابل جملة من الأسئلة التي ترسخت في العقل الجمعي العراقي وأصبحت الإجابة عنها بديهية مفادها ان المؤامرة على العراق حتمية تاريخية ولابد من تقسيمه سواء كان هذا التقسيم من خلال تحويله على فدرالية او كونفدرالية او اضعافه من الداخل والتحكم به ضمن ديموغرافية مناطقية او تقسيمه لثلاث دويلات قومية وطائفية.
وقد طال الحديث عن هذه المؤامرة التي لا ينفك المثقفين والسياسيين وأصحاب الفكر بالحديث عنها تحديداً تلك الخارجية التي اما ان تأتي من خارج الحدود او توظفها القوى الكبرى من خلال ادواتها الإقليمية الخ ... من التكهنات والتنبؤات، لكن المشكلة التي نعاني منها هي اساساً قائمة على فكرة أحادية غير قابلة للتصحيح إلا وهي مصلحة من في السلطة، بالتالي فان قياس حجم المؤامرة التي ترسخت في العقل الجمعي من قبل السلطة وادواتها جعلت من التقسيم شبح يطارد الافراد الماسكين بهويتهم الواحدة (الهوية الوطنية) او أولئك الغير قادرين على تغيير قدرهم وحياتهم داخل بلدهم، سيما وان التقسيم بات حتمياً من خلال طبقات المجتمع بعد ان تم التمييز بينهم وبين الصف الاول (أبناء وعائلات النخب الحزبية) اللذين استطاعوا ان يتسلقوا إلى مرتبة النبلاء ويجعلوا من باقي الطبقات عبيداً مع اختلاف المسميات.
لكن الحقيقة واضحة إذا ما أردنا ان نكون أكثر واقعية ونتحدث بالمنطق دون اللجوء لمسالة من مع من، فالعراق تحكمه مجموعة من الأحزاب لا تحتاج إلى مشروع بايدن ولا إلى تطبيع حتى تقرر متى يتم التقسيم من عدمه لان الحقيقة ان العراق يُقسم من اول يوم لتشكيل حكومة جديدة انتهاءً بأول يوم اعلان عن بدء موعد جديد للانتخابات، وكل أربعة أعوام يًقسم العراق مناطقياً ومذهبياً وقومياً، ان وعي المجتمع بات ضرورياً لمجابهة خطر السلطة التي تحاول ان ترسخ مفهوم الهوية الفرعية التي استطاعت من خلالها ان تضع معايير جديدة للحكم داخل العراق، فالقوائم الانتخابية تقسم على الهوية الفرعية وتوزيع المنصب والوزارات والوكالات والمديريات والهيئات المستقلة الخ ... كله على الفرعية التي يحاول من في السلطة تعزيزها وتقويتها، كل ما يجول في تفكيرهم قابل للتقسيم دون ان يرف لهم جفن، حتى فكرة الموت يأخذ التقسيم فيها حيزاً كبيراً فهو الحقيقة الوحيدة التي لابد من ان تتعود عليها انظارنا ومسامعنا، فالأحزاب الحاكمة لا تحتاج لمشروع او مؤامرة في سبيل تقسيم العراق والأخير لا يحتاج ان يكون دويلات صغيرة تتقاتل فيما بعد على الموارد، ولا يحتاج الشعب ان يؤرق تفكيره ويعود إلى الوراء من اجل التقصي والتعمق في المؤامرة الكبرى عليه فكل الأدوات المستخدمة من قبل الأحزاب الحاكمة سواء الفائزة منها والخاسرة هي تعمل على التقسيم الداخلي وما على الشعب إلا السمع والطاعة.
أقرأ ايضاً
- لماذا ترتفع درجات الحرارة في العراق؟
- ماذا يريد التاجر.. دولار المزاد ام الدولار الموازي؟
- مَن يرعى داعش في العراق؟