- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الإسلام دين السماحة..والنبي محمد مبعوث الرحمة والإنسانية / 9
في جزئنا هذا سنناقش تعامل النبي الأكرم محمد(ص)مع المرأة والنساء بصورة عامة ومن جانب معين والذين الكثير من العلمانيين والليبراليين المتأثرين بما يقوله المعاديين في الغرب عن الإسلام لا يقيم للمرأة والنساء أي وزن وأنها مضطهدة وانها ليس لها اي مكانة في المجتمع الإسلامي ...الخ هذه الخزعبلات من كلامهم الفارغ والمموج والذي يرددها هؤلاء العلمانيين ومن لف لفهم وبغباء واضح لأنهم عبارة عن أبواق مأجورة تردد ما يقوله كل المعادين لديننا الحنيف من كافة الجهات من الصهيونية والغربية والإنجيليين وغيرهم والذين يقفون في صف واحد هو معاداة الرسالة المحمدية ممثلة برسول الإنسانية محمد(ص). والذين حديثه الشريف معروف انه يقول(ص) { استوصوا بالنساء خيراً }(1).
الشيماء وغزوة حنين
ذكر الإمام ابن حجر(2)وغيره أنها وقعت في السبي في أيدي المسلمين يوم هوازن، وأخذوها فيمن أخَذُوا من السَّبْي، فقالت لهم: «أنا أُخْتُ صاحبكم»، فلما قدموا بها على رسول الله قالت له: «يا محمد، أنا أُخْتُك»، وعرفته بعلامةٍ عرفها، فرحب بها، وبسط لها رداءه، فأجلسها عليه، ودمعت عيناه، وقال: «إِنْ أَحبَبْتِ فَأَقِيميِ عِنْدِي فَأَقِيميِ مُكَرَّمةً مُحَبَّبَةً؛ وَإِنْ أَحْبَبْتِ أَنْ تَرْجِعِيِ إِلَى قَوْمِكِ أَوْصَلْتُكُ»، فقالت: «بل أرْجِعُ إلى قومي.» فأسلمت، فأعطاها رسول الله ثلاثة أعبد وجارية وأعطاها نِعَمًا وشاة، وكان ذلك سنة 8 هـ (3)،(4).
وقد انشد أبا جرول، زهير بن صرد شعراً ...بعد أن خطب بنحو ما تقدم....، فلما سمع رسول الله «صلى الله عليه وآله» هذا الشعر قال: «ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم».
وقالت قريش: ما كان لنا فهو لله ولرسوله(5).
هذا حديث جيد الإسناد عال جداً، رواه الضياء المقدس في صحيحه، ورجح الحافظ بن حجر: أنه حديث حسن. وبسط الكلام عليه في بستان الميزان(6).
قال ابن إسحاق: فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «نساؤكم وأبناؤكم أحب إليكم أم أموالكم»؟(7).
ويشير المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي بخصوص هذا الموضوع " أما الشيماء فكانت ابنة حليمة السعدية التي أرضعته، بأجرة بذلها لها جده عبد المطلب، ولم ترضعه تكرماً وتفضلاً. وإن كان الإسلام قد جعل هذا الرضاع منشأً لحقوق، ورتب عليه تعاملاً إنسانياً وأخلاقياً يرقى به إلى درجة لحمة النسب، كما ظهر من طريقة تعامل رسول الله «صلى الله عليه وآله» مع الشيماء.
رابعاً: إنه «صلى الله عليه وآله» قد أطلق سراح جميع أسرى حرب حنين بما فيهم قائدهم الأول، وجميع الأسرى والسبايا، والذراري بشفاعة هذه المرأة الأسيرة والمسنة التي لم يرها النبي «صلى الله عليه وآله» منذ ما يقرب من ستين عاماً، حيث كان رضيعاً عند أمها حليمة السعدية..
خامساً: إن ذلك يعطي: أن للمرأة مكانة عظيمة في الإسلام، حتى لو كانت عجوزاً ولا تزال أسيرة، ولم تُظْهِر ما يدل على قبولها الإسلام، وليس لها أي فضل أو يدٍ عنده «صلى الله عليه وآله».. بل غاية ما ظهر منها مجرد إظهار رغبتها بإطلاق سراح الأسرى.. فاعتبرها «صلى الله عليه وآله» مبادرة إنسانية منها تشير إلى أنها تملك بعض التوازن، وتختزن قدراً من الإحساس بما يعانيه الآخرون، وذلك يدل على نبل عاطفتها، وعلى صدق مشاعرها، حين حاولت أن تستفيد من مكانتها وموقعها من أجل حل مشكلة الآخرين، فعرف لها رسول الله «صلى الله عليه وآله» ذلك "(8).
وأن النبي «صلى الله عليه وآله» قبل شفاعة الشيماء في مالك بن عوف، فقد ذكر اليعقوبي: أن الشيماء بنت حليمة السعدية هي التي كلمت النبي «صلى الله عليه وآله» في مالك بن عوف النصري، رئيس جيش هوازن، وآمنه، فجاء فأسلم. ووجهه رسول الله «صلى الله عليه وآله» لحصار الطائف(9). وحتى قبل شفاعة الشيماء في اخيها بجاد وكلمته في بجاد أن يهبه لها ويعفو عنه، ففعل «صلى الله عليه وآله»(10).. .
ونود ان نشير مسألة مهمة في غزوة حنين والتي ذكرها الله سبحانه وتعالى في محكم ويصف فيه المسلمين والصحابة الذين اهزموا وارتدوا عن رسول الله(ص) إذ يقول في محكم كتابه {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}(11).
حيث يلاحظ أنه قد بخلت مصادر السلطة في ذكر بطولات علي عليه السلام وكيف حقق النصر للمسلمين بعد فرارهم! فذكروا أنه قتل قائد هوازن«ذا الخمار»وفارسهم أبا جرول! وقتل عليه السلام أربعين من فرسانهم، فوقع فيهم الرعب والهزيمة!
مما يدلك على أنه لم يقاتل أحدٌ في حنين إلا علي عليه السلام عدم وجود شهداء للمسلمين! وعدم وجود قتلى من المشركين، إلا من قتلهم علي عليه السلام !
فلا شهداء إلا أيمن بن أم أيمن رحمه الله الذي استشهد دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وآله عندما قصده مالك بن عوف! وقالوا استشهد غيره ثلاثة أو أربعة، لكن ذكروا أن أحدهم أبا عامر الأشعري«جد الأشعريين القميين»لكنه قتل بعد المعركة في أوطاس في تعقب الفارين، ويزيد بن زمعة بن الأسود جمح به فرسه فمات»!(12).
قد بينت لنا مقام علي (عليه السلام)، وأهمية موقعه في ساحات الجهاد.. لكي يصونه من الأباطيل التي ربما يحاول المغرضون نسبتها إليه، وخداع بسطاء الناس بها، مثل أن يزعمون للناس أن علياً (عليه السلام) قد فر ايضاً.. فإن علياً (عليه السلام) كان قد غاص في أوساط الأعداء حتى افتقده العباس، وظن أنه تخلى عن موقعه، وعن دوره، فأطلق كلمات تعبر عن تبرم وشك(1)، فدلوه عليه وهو في جموع أولئك الأعداء المتكالبين على قتله، وقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن معهما من المؤمنين...(13)
قال الشيخ المفيد (رحمه الله): ولم يبق منهم مع النبي (صلى الله عليه وآله) إلا عشرة أنفس: تسعة من بني هاشم خاصة، وعاشرهم أيمن ابن أم أيمن، فقتل أيمن رحمة الله عليه، وثبت التسعة الهاشميون حتى ثاب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كان انهزم. وقد ولت الكافة مدبرين سوى من ذكرناه(14).
سفانة حاتم الطائي مع رسول الله ص وعلي بن أبي طالب ع
لما جيء بسبايا بني طيئ إلى المدينة المنورة وأدخل السبي على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، دخلت مع السبايا سفانة بنت حاتم الطائي فعجب الحاضرون من حسنها وجمالها ،فلما تكلمت نسوا حسنها وجمالها ، وذلك لعذوبة منطقها !
فقالت : يامحمد ..هلك الوالد ،وغاب الوافد ، فأن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي الأعداء من قبائل العرب ،فأني أبنةُ سيد قومه، وأن أبي كان يُحب مكارم الأخلاق، وكان يُطعم الجائع ،ويفكُ العاني ويكسو العاري ، وما أتاهُ طالب حاجة إلا ورّدهُ بها معززاً مكرّماً ..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من والدك و من وافدك ؟
قالت: والدي حاتم بن عبدالله الطائي ، ووافدي أخي عدي بن حاتم (وكان عدي قد فرّ الى الشام بعد هزيمة قبائل بني طي أمام المسلمين في السنة التاسعة من الهجرة ، ثم تنصّر هناك والتجأ إلى ملك الروم ) ، فقال صلى الله عليه وسلم: فأنت ابنة حاتم الطائي ؟ قالت: بلى....
فقال صلى الله عليه وسلم : يا سفانة ..هذه الصفات التي ذكرتيها إنما هي صفات المؤمنين ، ثم قال لأصحابه : أطلقوها كرامة لأبيها لأنه كان يحب مكارم الأخلاق!!
فقالت: أنا ومن معي من قومي من السبايا والأسرى ؟
:فقال صلى الله عليه وسلم: أطلقوا من معها كرامة لها ولأبيها ، ثم قال صلى الله عليه وسلم :
أرحموا ثلاثاً ، وحق لهم أن يُرحموا :{ عزيزاً ذلّ من بعد عزّهِ ، وغنياً افتقر من بعد غناه ، وعالماً ضاع ما بين جُهّال }.
فلما رأت سفانة هذا الخلق الكريم الذي لايصدر إلا من قلبٍ كبير ينبض بالرحمة والمسؤولية ،
قالت وهي مطمئنة : أشهد أن لا إله إلا الله…..وأشهد أن محمداً رسول الله، وأسلم معها بقية السبي من قومها ، وأعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غنمه المسلمون من بني طي إلى سفانه، ولما تجهزوا للرحيل قالت سفانة : يا رسول الله إن بقية رجالنا وأهلنا صعدوا إلى صياصي الجبال خوفاً من المسلمين فهل ذهبت معنا وأعطيتهم الأمان حتى ينزلوا ويسلموا على يديك فأنه الشرف ؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): سأبعث معكم رجلاً من أهل بيتي دعوته كدعوتي يحمل إليهم أماني ،فقالت من هو يا رسول الله ؟ قال: علي بن أبي طالب.. ثم أمر النبي أن يجهزوا لها هودجاً مبّطناً تجلس فيه معززة مكرمة وسيرها مع السبايا من قومها ومعهم علي بن أبي طالب حتى وصلوا إلى منازل بني طي في (جبل أجأ) ونادى الإمام علي بأمان رسول الله بأعلى صوته حتى سمعه كل من في الجبل، فنزلت رجال طي وفرسانها جماعات وفرادى إلى الوادي فلما وقعت أبصارهم على نسائهم وأبنائهم وأموالهم وقد عادت إليهم بكوا جميعا والتفوا حول الإمام وهم يرددون الشهادتين، فلم يمض ذلك اليوم إلا ودخلت كل قبيلة بني طي في الإسلام ، ثم بعثت سفانة الى أخيها عدي تخبره عن عفو رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرمه وأخلاقه ،وحثـّتهُ على القدوم إلى المدينة المنورة ومقابلة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والاعتذار منه والدخول في الإسلام ،فتجهز عدي من ساعته وقصد المدينة ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم على يديه الشريفتين ،ثم عاد الى قومه معززاً مكرماً وصار بعد ذلك من خيار المسلمين(15) ..
هكذا نرى كيف أن هذا الخلق النبوي قد جعل من الناس العصاة بشر طائعين مسلمين هذا هو الإسلام الحقيقي ومن تخلق بعكس ذلك فهو ليس من الإسلام في شيء. ومن هنا جاءت الرسالة المحمدية والرسول الأعظم لتوحد البشرية تحت الدين الإسلامي لأنه خاتم الديانات والرسول هو خاتم الأنبياء وليوحد الشعوب بمختلف الوانها واطيافها تحت خيمة الدين المحمدي السامي والخالد ومن خلال تأكيد الله سبحانه وتعالى على ذلك بقوله {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}(16).
فكان تأكيد ديننا على توحد العالم والبشرية تحت خيمة واحدة وهي خيمة الإسلام وليبعث من يبلغ هذه الرسالة بأحب الخلق إليه وهو سيد الأولين والآخرين محمد(ص) والذي أوصل وأبلغه كل الكمالات الأخلاقية السامية ليكون أعظم خلق الله وسيدهم هذا ماقاله في حديثه الشريف {الخبر العاشر : ادعوا لي سيد العرب عليا فقالت عائشة : ألست سيد العرب فقال أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب }(17).
والسلام عليكم ورجمة الله وبركاته.