- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هل تحلّ نظرية المؤامرة لغز كورونا ؟
عباس الصباغ
وقبل ان يستفحل فايروس كورونا ويتحول الى مرض يهدد الامن الصحي العالمي ويشلّ حركة التجارة ويهدد الاقتصاد العالمي ، وقفت منظمة الصحة العالمية عاجزة ليس فقط عن ايجاد علاج ناجع للحد من انتشاره ، والذي بدأ يسجل اصابات مميتة في اغلب دول العالم حتى في اكثر الدول تقدما علميا وصحيا وبيئيا ، كما وقفت هذه المنظمة عاجزة ايضا عن التوصل الى تفسير معقول لأسباب ظهور هذا المرض بعيدا عن التكهنات والشائعات، اذ ان كل الآراء المطروحة على الساحة العلمية هي مجرد افتراضات وتهويمات واتهامات متبادلة لهذه الدولة او تلك بانها السبب وراء تفشي هذا الفايروس الذي سجل اول حضور له في سوق هوانان للمأكولات البحرية في ووهان في الصين ، وجميعها لم تصل الى دليل قاطع ، فلا يوجد لحد هذه اللحظة اي تفسير منطقي لأسباب ظهور هذا المرض او كشف نهائي للخارطة الجينية له كي يوضع له العلاج الناجع فكل يوم يكتشف العلماء سلسلة جينية جديدة له اكثر فتكا من غيرها وتحتاج الى علاج اكثر فعالية ، فكل ما مطروح حاليا من علاجات في وسائل التواصل الاجتماعي او وسائل الاعلام هو مجرد ترويجات او تسويقات اعلامية لم تصل الى درجة الثبات العلمي ليدخل مرحلة الاختبار الفعلي المؤدي الى التسويق الدوائي ولإنقاذ حياة الاف البشر او رفع حالة الذعر عنهم على الاقل ، خاصة وان العالم جميعه يعاني من حدوث اصابات مؤكدة ووفيات في وقت تنتشر فيه اعراض مشابهة له كالإنفلونزا الموسمية في فصل الشتاء وهو امر معتاد عليه.
لغموض الاسباب التي رافقت الظهور المفاجئ لهذا المرض وانتشاره السريع ، فقد تعددت النظريات التي حاولت ان تضع اي تفسير يشفي الغليل لظهوره كمحاولة يائسة للوصول الى حل مقنع للعلاج ,البعض مازال متمسكا بنظرية المؤامرة التي تعود الى حقبة الحرب الباردة في تفسير الاحداث وتفكيكها افتراضيا ، وذلك بطرح فكرة الحرب البيولوجية (المفترضة) التي تشنها الولايات المتحدة ضد الصين على هامش الحرب التجارية المستعرة بينهما وضمن سياق نظرية المؤامرة الكلاسيكي وفي رمي التهمة على الجانب الصيني مستغلين بعض عادات الواقع الغذائي الشعبي للشعب الصيني مثل ماسمي بحساء الخفافيش ولاسيما بعد ان ثبتت التجارب المختبرية علاقة الفايروس بأمراض الخفافيش ، او بالمقابل ان السبب يعود الى "اهمال " الصين المتعمد لبعض تجاربها البايلوجية وضمن نفس سياق التسلح الجرثومي بينها وبين الغرب وفي ذات المدينة التي انطلق منه كورونا المتجدد فخرج الامر عن سيطرتها، وكل هذه الآراء تأتي كمحاولة لضرب عصفورين بحجر واحد الاول الصاق التهمة بالجانب الصيني وتشويه سمعته والثاني تطويق الصين ومحاربتها اقتصاديا وكسر حدة تفوقها التجاري ، ولكن الامر تخطى الصين بكثير فظهر المرض في الكثير من البلدان البعيدة عن الصين وعن بعض عادات الغذاء المقرفة فيها ، كما ان ما يطرح من علاجات وامصال تتوصل اليها هذه الجهة او تلك لم تزل ايضا مجرد افتراضات علمية وتسويق اعلامي قد يكون بعيدا عن الصحة فمازال الفايروس ينتشر على "راحته " في جميع انحاء العام
لحد الان لايوجد تفسير علمي او منطقي معقول ومقنع للراي العام العالمي حول اسباب ظهور هذا المرض عدا نظرية المؤامرة والقريبة من سيناريوهات افلام الاكشن الهوليودية، فالبعض يتمسك بها كتمسك الغريق بطوق النجاة والبعض الاخر يرفضها رفضا قاطعا ولكل حجته ودليله وذلك لغموض ملف هذا المرض الذي يختلف عن بقية الامراض الوبائية والغموض لم يكتنف اسباب ظهوره فقط بل رافق حتى طرائق علاجه التي تراوحت بين الدجل والشعوذة والخرافات المضحكة وبين تسابق بعض مراكز البحوث الى "اطلاق" علاجات له ورغم الاعلان عن "شفاء " الالاف من المصابين الا ان ذلك لم يتجاوز وسائل الاعلام مع بقاء الاف المصابين دون علاج ينقذ حياتهم ويطمئن المتخوفين منه ، تبقى نظرية المؤامرة هي الارجح كحد ادنى في الاقناع رغم تأكيد بعض العلماء على انه لا يوجد دليل على التلاعب بالهندسة الوراثية للفايروس أي أن الطفرات الوراثية تتسق تماما مع التطور الطبيعي له سواء من امريكا او من الصين ، خطأ كان ام عمدا ، فقد رافقت هذه الأزمة الكثير من الشائعات والمعلومات الخاطئة، وتحولت التغطية الإعلامية إلى حرب نفسية ورعب صحي عالمي، يكاد يفوق في خطورته مضار “فيروس كورونا” التاجي فتبقى نظرية المؤامرة هي الاقرب للتصديق لفك شيفرة لغز هذا المرض بعد ان عجزت مختبرات العالم حتى في الدول المتقدمة التي اصابها المرض هي الاخرى عن وضع تفسير منطقي واحد له .
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!