تعطّلت لغة الكلام في العراق، كما يبدو، ولكنْ، بدلاً من تبادل الأصوات المدوية للأسلحة الفتاكة، استُخدم الصمت للمخاطبة والتواصل، هذه المرة. فقد اقامت منظمات المجتمع المدني، المنضوية ضمن \"مبادرة حماية الدستور\"، عرضا صامتاً في الهواء الطلق تحت نصب الحرية، وسط بغداد، يجسد الخلافات السياسية والفراغ الحكومي بعد ثمانية اشهر على الانتخابات البرلمانية.
ويسلط العرض الايمائي الذي استمر نحو ربع ساعة الضوء على الصراع الجاري على المناصب، وخصوصا الرئاسات الثلاث. ويبدا العرض بوصول شخض فقير يمثل الشعب حاملا طفله ويبحث وسط الركام الذي يعبر عن الفوضى بعد العام 2003، فيجد كرسيا يحاول الجلوس عليه، لكنه يفاجأ بمجموعة تمثل السياسيين القادمين من الخارج، تحضر وترميه بعيدا عن المكان.
وسرعان ما ينشب الصراع بين هؤلاء الذين فشلوا في التوصل الى اتفاق رغم اجراء مفاوضات عدة فضلا عن محاولة الاستعانة بالخارج واجراء انتخابات.
لكن العرض ينتهي كما يبدو بانتصار السياسيين على الشعب، بحيث يجلس احدهم على الكرسي واضعا قدميه فوق جسد الفقير مزهوا بانتصاره.
وكانت المنظمات قررت الجمعة الاعتصام في ساحة التحرير ورفع دعوى قضائية للمطالبة باسترداد اكثر من اربعين مليون دولار تقاضاها النواب الذين لم يحضروا سوى جلسة واحدة تحت قبة البرلمان استغرقت اقل من عشرين دقيقة في حزيران.
يذكر ان منظمات المجتمع المدني كسبت دعوى قضائية الشهر الماضي عندما اعتبرت المحكمة الاتحادية ان الجلسة المفتوحة مخالفة للدستور، وامرت بانعقاد جلسة للبرلمان خلال مدة اقصاها ثلاثون يوما.
وقالت هناء ادوراد رئيسة \"جمعية الامل\" والعضو في المبادرة \"اعتصامنا اليوم اكمال للاعتصامات حفاظا على الدستور ونتطلع الى استرجاع الاموال التي صرفت دون وجه حق\".
واضافت \"تشير المادة رقم 27 في الدستور الى ان للاموال العامة حرمتها وواجب على كل مواطن حمايتها (...) قدمنا دعوى في محكمة الكرادة وتلقينا دعم مئات المنظمات المدنية\".
وعبرت ادوارد عن املها بان \"يكون القضاء مستقلا بعيدا عن تاثير السياسيين\" واضافت \"لا تزال هناك مماطلة وتسويف من قبل القوى السياسية رغم اننا كسبنا الدعوى قبل اسبوعين. نؤكد استمرارية اعتصامنا وبلورة وسائل سلمية للضغط على السياسيين\".
ورفع المعتصمون لافتات كتب عليها، \"نحملكم مسؤولية خرق الدستور وتقويض الامن والعملية الديمقراطية\"، و\"اعيدوا اموال الشعب\".
بدوره، تساءل كفاح الجواهري احد الناشطين \"باي حق ذهبتهم للحج؟ وباي اموال تحجون؟\" في اشارة الى حوالى خمسين نائبا توجهوا لاداء الفريضة.
وقال ان \"استرجاع اموال الشعب واجب على مواطن وانه مطلب شعبي ودستوري\".
من جهتها، طالبت ممثلة رابطة المرأة ب\"تشكيل الحكومة باسرع وقت ممكن لان ذلك سيشكل منطلقا سريعا لدحر الارهاب، والفساد الاداري المتمثل بقبض الرواتب بدون العمل في مجلس النواب\".
وانتقد ناشط اخر رفض الكشف عن اسمه، بقاء \"عدد كبير من النواب خارج البلاد، فيما تصلهم رواتبهم، والشعب هنا يقتل يوميا بالمفخخات\".
ودعاهم الى \"التنازل عن مناصبهم، وترك الشعب يقرر مصيره (...) دعونا وشاننا نحن نعرف زنقرر مصيرنا بعد ان فشلتم كل هذه الفترة، بينما يحترق ابناؤنا بالتفجيرات\".
وتسلم اعضاء البرلمان الجديد منذ مصادقة المحكمة الاتحادية على الانتخابات في مطلع حزيران/يونيو الماضي، حوالى اربعين مليون دولار كرواتب ومخصصات مقابل حضورهم جلسة اداء القسم التي استغرقت اقل من عشرين دقيقة.
وبحسب احصائيات حصلت عليها وكالة فرانس برس، يتقاضى كل نائب شهريا 11 الف دولار كراتب بالاضافة الى مخصصات لثلاثين مرافقا تبلغ قيمتها حوالى ثمانية الاف دولار.
كما يتقاضى النائب مخصصات للسكن (2600 دولار) اذا كان مقر سكنه خارج المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في وسط بغداد.
ويبلغ عدد اعضاء من العرض الصامت في بغداد والساخر من الواقع السياسي (أ ف ب) البرلمان 325 نائبا يسكن حوالى خمسين منهم المنطقة الخضراء.
ومن المتوقع ان يصادق النواب في اول جلسة للبرلمان على تخصيص مبلغ 25 مليون دولار لشراء سيارات.
يشار الى ان اعضاء مجلس النواب السابقين الذين لم يحالفهم الحظ في الانتخابات الاخيرة، وعددهم 212، يتقاضون ثمانين بالمئة من رواتبهم بالاضافة الى مخصصات عشرة حراس.
كما يتلقى اعضاء في الجمعية الوطنية استمرت ولايتهم عاما واحدا وعددهم 275، ثمانين بالمئة من رواتبهم اضافة الى مخصصات سبعة حراس.
وصرح احد النواب بهذا الصدد متهكما ان \"عائدات نفطنا تذهب كلها لنواب شعبنا\".
وقد ارجأ الرئيس المؤقت للبرلمان فؤاد معصوم امس الجمعة جلسة الاثنين المقبل ثلاثة ايام.
وتنص المادة رقم 55 على انتخاب رئيس للبرلمان ونائبيه خلال الجلسة الاولى بالغالبية المطلق
أقرأ ايضاً
- إيران تعتزم تصدير 5 آلاف طن من الدجاج إلى العراق في الأيام المقبلة
- العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الاربعاء القادم
- متحدثة باسم الخارجية الأمريكية تستقيل احتجاجا على حرب غزة