حجم النص
عباس عبد الرزاق الصباغ لم تكنِ الإشعارات أو التصريحات حول الحقيقة التي صارت أوضح من الشمس في رابعة النهار وهي أن عام 2017 الجاري سيكون عاما للنصر المؤزّر على تنظيم داعش الذي انبثق من رحم تنظيم القاعدة المتخلف ، كهدف أول وهزيمة الفكر الظلامي والقروسطي المتوحش كهدف ثانٍ فهما هدفان مزدوجان ومترابطان في آنٍ، فلم تكن تلك الإشعارات مجرد شعارات تعبوية حماسية لرفع الروح المعنوية للمقاتلين في جبهات القتال أو للتسويق الإعلامي المحلي او للتحشيد الحزبي كدعاية انتخابية مبكّرة أو ماشابه ذلك، بل كانت جملة حقائق ملموسة لمس اليد على ارض الميدان وليست مصفوفات إنشائية ، وذلك بعد أن سطّر أبناء العراق من جيش نظامي وشرطة اتحادية وحشد شعبي وعشائري ومكافحة الإرهاب وقوات الرد السريع وطيران الجيش ومتطوّعين وغيرهم ممّن انتظموا في سلك الجهاد، سطّروا أروع الملاحم البطولية المعمّدة بدماء الشهداء والجرحى بدئت منذ انطلاق الشرارة الأولى لمعارك التحرير والتطهير للأرض والعِرض والمقدسات ومن ارض جرف النصر وامتدّت الى أن وصل بها المطاف الان في الموصل الحدباء مرورا بملاحم مصفى بيجي وتكريت والفلوجة وجبال مكحول وغيرها، وبعد تشكيل فصائل الحشد الشعبي مباشرة والذي أريد له أن يكون ظهيرا داخل إطار القوات الأمنية والعسكرية بحسب فحوى الفتوى التي أطلقها آية الله السيستاني (دام ظله) في /13 حزيران 2014 اي جاء توقيتها بعد ثلاثة أيام فقط من الاجتياح الداعشي البربري للعراق وأطلقت من الحضرة الحسينية الشريفة لتعطي دلالتها الرمزية وثيمتها التعبوية والروحية والتي حشّدت جميع العراقيين وبكل ألوان طيفهم الاثني والمذهبي، في مضمار الحشد الشعبي، وعلى عهدة صحيفة اللوموند الفرنسية واسعة الانتشار فان فتوى آية الله السيستاني استطاعت أن تشكّل جيشا عرمرما في غضون 48 ساعة فقط مما ضاقت سوح التدريب بالمتطوّعين فبدأ الزحف المليوني الوطني من ذلك التاريخ واستمرّ ليطهِّر المناطق التي قضمها داعش الذي كانت أهدافه ابعد بكثير من هذه المناطق فقد كانت العاصمة بغداد نفسها مهددّة بالاجتياح الظلامي فضلا عن المدن المقدسة لدى عموم المسلمين ككربلاء والنجف لولا الفتوى التي أرجعت ثقة الشعب العراقي بنفسه وبقواه الأمنية وجيشه الباسل تلك الثقة التي أهُدرت إبان الحكم البعثي الفاشستي البائد وهي التي أوقفت تسونامي داعش من الانتشار والتمدد . لايخفى على احد أن داعش ومن يقف وراءه فوجئ بالفتوى ووجود مرجعية وطنية أخذت زمام المبادرة في الوقت المناسب واستطاعت أن تحشّد الشارع العراقي المتشظي سياسيا وحزبويا في بودقة واحدة ونجحت فعلا، وفوجئ بذلك التلاحم والاندفاع البطولي الذي كان بعيدا عن الانتماءات العرق / طائفية والاثنية والمذهبية فضلا عن السياسية فكل العراقيين اتحدوا تحت مسمى الدفاع المصيري عن الوطن فقد أدرك آية الله السيستاني (دام ظله) ببصيرته الثاقبة أن داعش ليس فقط صفحة عسكرية (او احتلالا مؤقتا) ينتهي بطرده بل هو مشروع إقليمي سيا/ طائفي مدمّر وحصان طروادة لذلك المشروع التخريبي والذي راهن كثيرا على الثغرات التي أوجدتها منظومة الاختلالات البنيوية التي شابت التأسيس الدولتي العراقي لما بعد التغيير النيساني ، وراهن ايضا على التشرذم السياسي وتخلخل النسيج المجتمعي العراقي والتناحر الحزبي والمناكفات السياسية المفتعلة والأيدلوجيات غير الناضجة، والتي أعطت أكثر من ثغرة سيا/ أمنية استطاع داعش أن ينفذ منها ويستولي على مامقداره ثلث مساحة العراق من ضمنها مدينة الموصل الإستراتيجية وهي المدينة التي قدّر لها أن تشهد اللمسات الأخيرة لسيناريو النصر المؤزّر على هذا التنظيم المتوحش وهو سيناريو طويل عريض شهد صفحات وملاحم تحريرية ومحطات للبطولة والإيثار والحرب النظيفة كون اغلب المناطق التي قضمها داعش مدنا آهلة بالسكان فكان الحفاظ على أرواح المواطنين العزّل وسلامة البنى التحتية من أولويات الحكومة ومن صلب مهامها كما جاء هذا الهدف الإنساني متصدّرا لأهم الوصايا العشرين التي أصدرها آية الله السيستاني (دام ظله) عقيب إطلاقه لفتوى الجهاد الكفائي بأيام قلائل ايضا وذلك لتحقّق الفتوى أهدافها المتوخاة ومن جملتها الحفاظ على كرامة وحياة الأبرياء ممن ليس لهم ناقة او جمل مع داعش فكانت تلك الوصايا برنامج عمل لمقاتلي الحشد الشعبي أثمر عن تلك الصورة المشرقة التي عكسها مقاتلو الحشد الأبطال ميدانيا وهي صورة لم تتكرر قط في أي ميدان قتالي سابقا فقد نقلت وسائل الاتصال الاجتماعي ووسائل الإعلام مالايحصى من مشاهد إنسانية رائعة عكست أخلاق المقاتل العراقي وهو يخوض حربه المقدسة ضد الغزو المغولي الثاني للعراق. داعش كان تجربة وطنية قاسية وهو ليس صفحة عسكرية فقط فبعد جلاء هذا الكابوس يجب وضع خارطة طريق لمستقبل آمن للعراق واجتثاث الفكر التكفيري الى الابد وهو الصفحة الثانية والأخطر والتي مهّدت لظهور داعش في ارض الرافدين، وهو فكر تغلغل في أوساط الكثيرين من حواضن داعش ومن أيتام النظام العفلقي المباد وسيشكّل قنابل موقوتة في مابعد داعش إذا لم تقم الجهات المختصة بتطهير العراق من هذا الفكر الذي يعد حالة ناشزة على الأفق الوطني العراقي. العالم كله ينتظر بشرى النصر الناجز في الموصل ام الربيعين... ربيع آذار وربيع النصر. كاتب عراقي
أقرأ ايضاً
- لولا السلاح (الفلاني) لما تحقق النصر على داعش في العراق
- على ضِفافِ النصر ..
- احتفال بيوم الربيع بدأ من العراق واعتمدته الأمم الأخرى رأساً لسنتها الشمسية؟