حجم النص
بقلم:الدكتور نبيل جاسم بعيداً عن محبيه ومشايعيه بعيداً عن كارهيه يبدو مقتدى الصدر اليوم صاحب اكثر حركة فاعلة مؤهلة للقيام بـ(انقلاب ابيض). انقلاب جزئي. ليس بمعناه الراديكالي. لا بيان رقم واحد. ولا دبابات. لا احتلال لقصر الرئيس، او صورة جنرال يعلق (الخونة) بالمشانق. لا... هذه صورة عتيقة لا تلائم عصر(السيلفي). مقتدى الصدر الذي مر تياره بعلاقة ملتبسة مع مرجعية السيد السيستاني على مدى اكثر من عقد كامل من الزمن، يبدو اليوم اقرب الى هذه المرجعية التي باركت ورقته الاصلاحية وقالت عنها انها صعبة التحقيق. يبدو مقتدى الصدر بطروحاته اقرب الى هذه المرجعية بعد الخلافات العميقة بين مرجعية السيد السيستاني وبين الفصائل العراقية المقاتلة القريبة من ايران. رغم محاولات منحنا صورة مغايرة. يبدو مقتدى الصدر اقرب الى المرجعية لانه هو ايضاً خط لتياره وسراياه خطاً بعيداً عن هذه الفصائل المقاتلة. يبدو مقتدى الصدر الشخصية الوحيدة في المشهد العراقي الذي يمتلك قدرة الفعل على الارض. لا يستطيع اي فصيل آخر إجهاض حركته او تخوفيه بقوة السلاح، ببساطة لا يستطع احد تهديد مقتدى الصدر، هو ايضاً يمتلك فصيلاً مسلحاً مقاتلاً كبيراً، هو يستطيع ببساطة ان يحقق توازن الرعب دون ان يخاف، مع ملاحظة ان فصيله (سرايا السلام) يتمتع بسمعة جيدة في مناطق النزاع وبين الاهالي. ميزات مقتدى الصدر السياسية كثيرة، فهو الشيعي الوحيد الذي يملك فصيلاً مسلحاً وكتلة برلمانية وتمثيلاً حكومياً وقاعدة شعبية عريضة وعلاقات دافئة مع السنة ورغبة في التغيير وخطاباً يعكس هذه الرغبة. عناصر من الصعوبة ان تجدها في أي فصيل آخر. ورغم انتقاده للوضع السياسي، الا ان خطابه لا يبدو خطاب من يسعى لقلع العملية من جذورها. انه يفرق بين الحكومة والكتل السياسية، بين الحكومة ورأسها. انه لا يحمل على العبادي لانه يعي إمكانية ترك الرجل ليشكل حكومته المتحررة من قيود الكتل السياسية، لذلك يمكن القول ان هناك انسجاماً خفياَ يشكل محوراَ قوامه المرجعية ومقتدى الصدر وحيدر العبادي. المتتبع لخطاب السيد مقتدى الصدر من عشرة ايام وتصوراته عن الاصلاح، ثم هذه التظاهرة الكبيرة بشعاراتها الجامعة والمنضبطة، ثم تلويحه في ان الخطوة المقبلة هي على اسوار الخضراء وبعدها داخل الخضراء تمنح المرء انطباعاً في ان هناك خطة ما لكسر هذا الواقع السياسي الجامد. لم يعد مقتدى الصدر يخيف سنة العراق. ولا يخيف مقتدى الصدر اكراد العراق. الخائفون من مقتدى الصدر اليوم قوى شيعية يهدد مقتدى مصالحها السياسية والمالية. ليس غريباً ان يتعرض مقتدى الصدر للاغتيال على يد شيعة مثله وعلى مذهبه. خلاصة السيناريو؛ دخول للخضراء يضغط به على طبقة منفصلة ومصلحية، بمساعدة شخصيات سنية مثل خالد العبيدي بضمانات لعدم تدخل الجيش، وقيام العبادي بتشكيل حكومة متحررة ورشيقة. بمباركة المرجعية وسكوت واشنطن ولندن. ما فعله مقتدى الصدر خلال الاسبوعين الماضيين لا يمكن التراجع عنه والا فتح عليه باب السخرية. لم يعد امامه بعد استعراض القوة الهائل هذا الا المضي الى الامام.
أقرأ ايضاً
- الة الرئاسة سعة الصدر
- علاوي يكتب في ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الصدر(قدس)
- التيار الصدري، الاطار التنسيقي، التشرينيون، رئيس الوزراء الحالي .. الى اين؟