حجم النص
بقلم الكاتب فالح حسون الدراجي أثارت الأنباء الواردة من السعودية حول قرار المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض، والقاضي (بإدانة الشيخ نمر النمر، والحكم عليه - بالقتل تعزيراً - بعد ثبوت ارتكابه عدة جرائم، منها قيامه بإعلانه عدم السمع والطاعة لولي أمر المسلمين في المملكة، وعدم مبايعته له، وتحريض العامة على ذلك، ومطالبته بإسقاط الدولة عبر خطب الجمعة، والكلمات العامة، والتحريض على الإخلال بالوحدة الوطنية، وعدم الولاء للوطن)!! أثارت ردود أفعال مختلفة، فقد لاقى هذا القرار الجائر، وغير المنطقي، إستنكاراً شعبياً في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، لا سيما في العراق وايران ولبنان، وسوريا، والبحرين، واليمن،، وباكستان، فضلاً عن صدور عشرات البيانات الحقوقية والسياسية والدينية المنددة بهذا القرار الظالم، وهو القرار الذي لم يصدر في حقيقة الأمر عن أي سبب جنائي، أو مخالفة دستورية إرتكبها الشيخ النمر، لينال عليها مثل هذه العقوبة القاسية.. فهو كما يتضح من نص القرار، لم يقتل، ولم يفجر، ولم يقم بإنقلاب عسكري، بقدر ما كان الرجل يستخدم لسانه في الدفاع عن حقوقه وحقوق أهله الدستورية والدينية لاغير. وكما معروف لدى الجميع فإن النمر واحدٌ من رجال الدين البارزين والمحترمين في الشارع الإسلامي، فقد كان ولم يزل رجلاً مسالماً، ملتزماً بحيثيات المسؤولية، وبقوانين الدولة.. وإذا كان الدفاع - لساناً - عن الناس المرتبطين به روحياً وأخلاقياً وعقائدياً، يُعد في دستور الحكومة الوهابية جريمة يعاقب عليها بالموت، فإن على القضاء السعودي أن يعدم كل يوم عشرات (الشيوخ) الوهابيين الداعمين للإرهاب والمحرضين على القتل في السعودية والعراق وسوريا واوربا وامريكا وغيرها!! ويقيناً إن الحكم الصادر ضد الشيخ النمر هو حكمٌ قصدي سياسي واضح لايقبل الجدل، فرائحة الحقد الطائفي النتنة تنبعث من بين سطوره، وصلافة الإتهام واضحة فيه دون شك. ولكي يتأكد القارئ الكريم من قصدية هذا الحكم ومن براءة الشيخ النمر أيضاً، فإن عليه أن يعلم بأن هذه المحكمة الوهابية قد (فصلت) له قراراً على مقاسات خاصة. ولأنه بلا تهمة حقيقية، وبلا دليل جرمي، فقد وضعت له تهمة مطاطية، قابلة للتمدد والتلبس بأي مواطن آخر في السعودية.. تهمة يستحق عليها حكماً بالقتل تعزيراً.. والحكم (بالقتل تعزيراً) لمن لا يعرفه يأتي حسب نص الفقه الوهابي في السعودية، لغاية (التأديب على ذنوب لم تشرع فيها الحدود)!! وبما أن الرجل لم يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون ولا ذنباً تحاسب عليه الشريعة، فقد وجدوا له فقرة تدعى (الذنوب التي لا تشرع فيه الحدود).. يعني لازم ينحكم!! ومن أجل أن يطلع القارئ الكريم على ظلم هذا الحكم، وعلى براءة المحكوم، اليكم بعض ما جاء في بيان عائلة الشيخ النمر، بعد صدور الحكم الجائر عليه، جاء فيه:- (تمنينا عليهم، لو تمعنوا قليلا في المنهج السلمي واللاعنفي للشيخ النمر، والرافض دائما وابدا بكل وضوح وتجلٍ لاستخدام العنف اوالسلاح، وحتى الحجارة في مواجهة الرصاص، وهذا لايحتاج الاَّ الى قليل من الانصاف للوصول الى الحقيقة المغايرة تماما لدعوى المدعي العام، الذي لم يقدم فيها دليلا واحدا منصفا او مقنعا. ولو كانت فقط كلمته المشهورة والمنشورة بالصوت والصورة (ان زئير الكلمة اقوى من أزيز الرصاص) لكفى ذلك!!. لقد تمنينا على القضاة ان يتمعنوا ويدققوا قليلا في رؤية الشيخ النمر للإصلاح السياسي المطلوب للوطن، والمشار اليها في مذكرة رده على دعوى المدعي العام، وقد سبق له ان قدم مذكرة مطالب إصلاحية لنائب أمير المنطقة الشرقية، حين التقاه في مطلع يوليو 2008 م. اننا في الوقت الذي نؤكد رفضنا لهذا الحكم ونطالب هيئة التمييز بنقضه جملة وتفصيلاً، فإننا ندعو الخيرين من العلماء والمثقفين والسياسيين والمفكرين والكتاب في الوطن، انطلاقا من مبدأ رفض الظلم ومساندة المظلوم وإحساسا بالمسؤولية الشرعية والأخلاقية ان يعبروا بالوسائل المشروعة التي يرتأونها عن عدم رضاهم وعدم قبولهم لهذا الحكم). والآن فقد بات واضحاً حجم الظلم الذي تعرض له الشيخ النمر، وحجم الجريمة التي سترتكبها السلطات السعودية لو نفذت الحكم فعلاً.. وأظن أن السكوت عن هذا الظلم هو ظلم أشد من ظلم الحكم نفسه، ولم يعد الأمر مقبولاً من المجتمع الدولي، وقبله من المجتمع الإسلامي.. إذ ليس من المعقول أن تطالب أمريكا واوربا وبعض الدول العربية، بإلغاء حكم الإعدام الذي أصدرته المحاكم العراقية بحق أعتى المجرمين الأرهابيين من السعوديين وغير السعوديين، الذين أرتكبوا في العراق آلاف الأعمال الإجرامية، بينما تسكت عن حكم إعدام ظالم يصدر بحق رجل دين مسالم، لم يطلق في حياته طلقة واحدة.. أمس سألني صديق، إن كان النظام السعودي سينفذ الحكم بالنمر، أم لا! فقلت له: لن ينفذ الحكم بتاتا!! قال: لماذا؟ قلت له: لإن النظام السعودي يمر اليوم بمرحلة خطيرة جداً، لذا فهو أضعف من أن يواجه هذا الغليان الشعبي في الداخل والخارج، خصوصاً وقد دخل (فيلق القدس) بكل ثقله على الخط، ودخول حزب الله اللبناني، وتهديد الحوثيين القريبين من السعودية ومصالحها، والعصائب وكتائب حزب الله العراقية، وغيرهم من الغاضبين الذين (إذا قالوا فعلوا)، ناهيك عن تأثير المنظمات والهيئات الحقوقية والإنسانية في العالم. لذا فإني واثق بأن النمر لن يعدم.. وأتحدى النظام السعودي أن ينفذ الحكم فيه!!
أقرأ ايضاً
- الحرب النوعية
- توقعات باستهداف المنشآت النفطية في المنطقة والخوف من غليان أسعار النفط العالمي
- النشر الصحفي لقضايا الرأي العام