حجم النص
بعدَ سقوط طاغية العراق صدام ونظامه الفاشي في التاسع من نيسان المبارك عام 2003 صادرت قوات الاحتلال وكذلك المسؤولون العراقيون أطنانا من الوثائق وكاسيتات الفيديو والفايلات وغيرها من مباني المخابرات العامة والأمن العام وشعبة التجسس العامة والشعبة الفنية. كان السيد خالد ساجت عزيز الجنابي يعمل ضابطا برتبة نقيب في المخابرات العامة، هرب إلى الأردن في يوم 5 / 6/1999 بعد أن أعدم قصي صدام شقيقه المرحوم الفريق الركن كامل ساجت عزيز الجنابي بتاريخ 7 / 2 / 1999. نشرت إفادة النقيب خالد ساجت عزيز الجنابي في المواقع العراقية عام 2003 بعد سقوط النظام البائد. ومن حسن الصدف وأنا أتصفح موقع ياهو وجدت هذه الإفادة الصادرة من شخص كان يعمل في مديرية المخابرات العامة التي يرأسها قصي صدام وهو شاهد ومشرف على عمليات إعدام ألفي عراقي بريء وشريف في سجن (أبوغريب بتاريخ 16 / 12 / 1998 بأمر من قصي، دون الرجوع إلى القضاء والقانون ولا إلى أخذ موافقة من والده. لماذا لم تحتج الجامعة العربية ويتظاهر الإخوة العرب على هذه المجزرة ؟ أحاول بإيجاز كتابة بعض ما أفاد به النقيب خالد ساجت عزيز الجنابي على مجازر وجرائم صدام وقصي وبعض من أفراد نظام البعث العراقي التي اقترفوها بحق شعبنا العراقي من دون ذنب وبدون أن يمنحوا الشهداء حق الدفاع عن أنفسهم وفق القضاء والقانون بمثل ما تمتع به طاغية العراق صدام، وأترك للإخوة العرب والعراقيين أن يراجعوا ضمائرهم وأنفسهم بعد أن يستمعوا إلى هذه الإفادة والتعليق على جرائم صدام وقصي وأتباعهما إن كانت مثل هذه الأفعال لها صلة بالإسلام والعروبة والإنسانية أم لا ؟. دخل خالد ساجت عزيز الجنابي جهاز المخابرات العراقية عام 1979 والتحق بكلية الأمن القومي 1989 وتدرج في المخابرات وحصل على رتبة نقيب إلى أن غادر العراق بجواز سفر مزور باسم آخر إلى الأردن في يوم 25 / 6 / 1999 بعد مقتل شقيقه الفريق الركن كامل ساجت عزيز الجنابي بتاريخ 7 / 2 / 1999. ويتحدث خالد ساجت الجنابي عن كيفية إعدام شقيقه من قبل قصي قائلا: " كان للفريق الركن كامل ساجت عزيز الجنابي اجتماع عادي بتاريخ 16 / 12 / 1999 حضره صدام وقصي وعدي وآخرون في الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا. ثم غادر إلى دائرته. وبعد ربع ساعة جاء العميد الركن جاجب محمد حسين مع ضابطين إلى شقيقه، وقالوا له أن صدام يريدك الآن. فرد الفريق الركن كامل الجنابي عليهم قائلا: عجيب أنا كنت عند صدام قبل قليل، فلماذا هذه العجلة؟. ثم ذهب معهم وفي الطريق لاحظ بأنهم سيأخذونه إلى قصي وليس إلى صدام. وعندما دخل مكتب قصي حدث نقاش قوي بينهما، وفجأة سحب قصي مسدسه، وأطلق رصاصة في رقبة الشهيد كامل دخلت من جانب وخرجت من الجانب الآخر ورصاصتين في صدره. ثم خرّ على الأرض، كما أطلق قصي على المرافقين للشهيد النار فخرّا على الأرض أيضا. قال خالد استفسرت من أحد الضباط في المخابرات عن أمر شقيقي، فأجابني إنه ذهب بمهمة. وبعد مرور أسبوع سألتهم مرة ثانية من دون فائدة. وبعد مضي 45 يوما إتصل بخالد الجنابي، مدير سجن أبو غريب العقيد حسن العامري طالبا منه الحضور إلى سجن أبو غريب. ذهب خالد مع ولدي الشهيد كامل الجنابي إلى سجن أبو غريب، وشاهد بأن فوجا من الحرس الخاص هناك. قال له مدير السجن العقيد حسن العامري أن الفريق كامل معدوم اليوم إذا ما تأخذونه وتدفنونه، فإننا سندفنه. تمالك خالد الجنابي أعصابه، وسأله عن أسباب إعدام شقيقه، فأجابه العقيد حسن العامري: (لا توجد قرارات، لا تحجي، ولا توجد أسباب أخرى). خرج خالد مع ولدي شقيقه حاملين معهم جثة الفريق الركن كامل الجنابي برفقة فوج من الطوارئ إلى المقبرة لدفن شقيقه. قال خالد أردنا حضور إمام لأداء الصلاة على شقيقه، فرفض العقيد قائلا: لا صلاة ولا توديع جنازة. ثم استطرد خالد قائلا: إني أعرف أساليب هؤلاء، وتقبلت الموقف، وأنا مؤمن بأن دم المسلم لن يذهب سدى. ثم توجه خالد مع مرافقيه إلى بيت شقيقه، فوجد أن كافة بيوتهم مطوقة ومحاطة من قبل المخابرات. إلتزمنا بالصمت والهدوء، وقلت للأهل والأقارب لا تتكلموا ولا تعملوا شيئا، لأن صدام وقصي سيقتلان الجميع. وفي اليوم الثاني من الدفن أصدر صدام أمرا بمنع السفر والإقامة الإجبارية لعائلتنا. ثم تحدث خالد عن كيفية هروبه إلى الأردن. وتحدث عن صدور أمر بتاريخ 15 / 3 / 1998 بتطهير السجون العراقية وذلك بتشكيل لجنة من الأجهزة الأمنية والإستخبارات والأمن العام والجهاز الخاص والمخابرات العامة. كان سجن (أبوغريب) مقسما إلى سجن عسكري خاص وسجن مدني. صدر أمر بتعيين مشرفين على سجن أبو غريب بتاريخ 15 / 3 / 1998، وهم: النقيب عباس حسين علي، من الإستخبارات العامة قاسم كريم حمد القيسي، من الأمن العامة سعدون فرحان عبد الدوري، من جهاز الأمن الخاص النقيب خالد ساجت عزيز الجنابي، من مديرية المخابرات العامة كان واجبنا، كما قال خالد، هو الإشراف على السجناء ومتابعة التنفيذ، مثلا إذا إنتهت مدة السجن وأن المسجون ما زال في السجن ولم يطلق سراحه، فإننا نقوم بالكتابة عنه وننتظر الأوامر التي تصلنا بشأنه. تتبدل كل وجبة من المشرفين على السجن كل عشرة أيام. وعندما أردت الذهاب إلى بيتنا في يوم 26 / 4 / 1998 قال لي مدير السجن يجب أن أبقى مع الآخرين، لأن مسؤولا كبيرا سيزورنا. فوجئنا في الساعة السابعة والنصف عصرا بأن الحرس الخاص قد ملأ السجن، وعلمنا من خلال الحرس الخاص بأن قصي صدام سيزورنا. وبالفعل جاء قصي ورحبنا به ولا حظنا بأنه كان يعرف أو (يندل) المكان الذي جاء من أجله. فقال قصي لمدير السجن العقيد حسن العامري، أريد أن أتجول في السجن. كان عندنا في السجن تقريبا 2000 سجين، وهؤلاء وجهت لهم اتهامات باطلة، وأكثرهم فقراء من الجنوب بتهمة أنهم يشتغلون مع المعارضة أو أنهم يهربون من الجيش أو ينتمون إلى حزب معين، من أجل أن يطبقوا عليهم عقوبة الإعدام. وأكثرهم محكومون بعقوبات خفيفة وقسم منهم انتهت مدة حبسه وقسم آخر ينتظر الإفراج عنه. ولم يصلنا في حينه أي قرار بشأنهم من ديوان رئاسة الجمهورية، وقلنا لقصي نحن ننتظر أمر رئيس الجمهورية، لكي نتخذ الإجراءات بشأنهم. قال قصي للعقيد حسن العامري:(إنتو لازم تنزلون بيهم عقوبة الإعدام الألفين واحد). ألفي عراقي هذه كارثة. قال قصي للعقيد حسن العامري:(إنت تنفذ الإعدام، وسوف يصلك أمر الرئيس بعدين). قال له: (سيدي، إن هذا العدد كبير ولا نقدر أن نخلصه). قال قصي:(هذا الأمر من قصي صدام، وأنك تنفذ ويأتيك الأمر). أوعز العقيد حسن العامري بأننا سنبدأ بالإعدام في الساعة السادسة صباح غد. ثم قال قصي: (سأترك عندكم ضباطا من الجهاز الخاص يشرفون عليكم). قال خالد الجنابي كانت لدينا في سجن أبوغريب خمس مقصلات. تنفذ بالعسكري عقوبة الإعدام والقسم الثاني شنقا. يقول خالد الجنابي بدأنا بالإشراف على عمليات الإعدام والشنق لألفي عراقي شريف من الساعة السادسة صباحا وحتى الساعة التاسعة مساءا. أمر قصي بإعدام الألفي عراقي من دون الرجوع إلى والده. وبعد الإنتهاء من شنق وإعدام ألفي عراقي إتصلنا بقصي وأخبرناه بأن المهمة قد انتهت. فأجاب قصي: (أعطوا جثثهم إلى أهاليهم والآخرون أدفنوهم في المقبرة الخاصة (مقبرة الكرخ)). وضعت أرقام وليس أسماء لكل قبر للمدفونين بها. ويستطرد خالد قائلا: لقد دامت عمليات تسليم ودفن الجثث ستة أيام. وأنا أعرف المقبرة جيدا وأستطيع تشخيص أسماء الشهداء الذين دفنوا بها من خلال قائمة أرقامهم. ماذا أقول أن مجازر رهيبة جدا حدثت في سجن الحاكمية وسجن الرضوانية، والعراقيون لا يعرفونها. وبناءا على ما تقدم أرجو من الإخوة العراقيين والعرب الذين تأثروا وحزنوا على طريقة إعدام صدام أن يحكموا، هم بالعدل على ما حدث ويراجعوا أنفسهم. هذه هي عدالة الله وحكمه. رحم الله شهداءنا العراقيين بغض النظر عن مذهبهم وقوميتهم ودينهم عاش شعبنا العراقي النبيل بكافة قومياته ومذاهبه وأديانه وأطيافه السياسية الوطنية. د. عدنان جواد الطعمة المصدر / صحيفة المشرق
أقرأ ايضاً
- بدعم كامل من العتبة الحسينية المقدسة اجراء (1701) عملية جراحية خاصة ضمن برنامج الاستقدام والاخلاء الطبي
- عشيرة قدمت (100) شهيد :عائلة لبنانية تروي قصة استشهاد ولدها "محـمد" المتميز منذ طفولته
- فرع كربلاء لتوزيع المنتجات النفطية: الخزين متوفر والمولدات الاهلية تتسلم كامل حصصها من الكاز هذا الشهر