(الزورخانة) كلمة تعني (بيت القوة) وهي لفظة فارسية، وبمفهومها العام هي عبارة عن مجموعة فعاليات رياضية خاصة تهدف الى تنمية عضلات الجسم... وقد ارتبطت هذه الرياضة بالتراث الإنساني فهي من الرياضات القديمة والتي بقيت محافظة على تقاليدها وطقوسها الخاصة؛ فقد ارتبطت الزورخانة ارتباطا وثيقا بالطقوس الدينية، وقد دلت أبحاث الآثار والتي جرت في قرية خفاجة قرب بغداد وفي منطقة (التويثة)، وبعض المناطق الأخرى بأن السومريين كانوا يزاولون هذه الرياضة. حيث دلت الرسوم المنقوشة على الجدران على أن السومريين زاولوا هذه الرياضة قبل (4000) آلاف سنة، حيث انتشرت الى بلدان آسيا وأفريقيا.. وفي تاريخنا الإسلامي.. كانت القوة والشجاعة والفروسية هي الصفات الغالبة على طابع الشخصية الاسلامية وكان رمز هذه الصفات الأوحد في التاريخ العربي والإسلامي.. هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حيث كانت شخصيته مضرب الأمثال بالقوة والشجاعة، حتى أن بعض مصادر التاريخ تؤكد ان للإمام علي عليه السلام صولات وجولات في مجال القوة والمصارعة، ومن هنا أصبح هو الرمز الأول للقوة في ذاكرة المسلمين ولهذه الأسباب تذكر بعض المصادر ان الامام علي عليه السلام هو المؤسس الأول لهذه الرياضة.
الزورخانة في كربلاء
تعتبر محافظة كربلاء المقدسة من المواطن الأولى للزورخانة في العراق حيث كانت في كربلاء أربع زورخانات رئيسية؛ الأولى: في منطقة باب الخان برئاسة المرحوم الحاج عبد درويش الحميري، والمرحوم عباس الشكرچي، والمرحوم عبد عون عگلة، وصالح سهيل النجم، أما في منطقة باب بغداد: فكانت الزورخانة برئاسة عباس الوزني، وعباس حمادي، وفي منطقة سوق النجارين: كانت الزورخانة للسيد علي عطري، أما الزورخانة الرئيسية في محافظة كربلاء: فكانت في منطقة المخيم، وكان رائدها الأول المرحوم المصارع العالمي عباس الديك، إضافة الى المرحوم شاكر الحمّال، والمرحوم فالح البقال، والمرحوم محمد علي جدوع، والمرحوم كاظم طنگور، والمرحوم الحاج كاظم العلوان، والمرحوم علي البنا، ومحمد علي طلائي، والمرحوم عبد عون المنگوشي، ورسول دوبة، وناصر خاتون، ومحمد فرحان الأسدي، وصادق جعفر الدهان، ومحمد علي كماچي، وإسماعيل كماچي وغيرهم من الرواد الذين وضعوا اللبنات الاولى لرياضة الزورخانة في كربلاء والعراق.
وقد توقف نشاط رياضة الزورخانة أبان حكم النظام السابق حيث حاربها ومنعها لأنها كانت تمثل واجهة لمحبي أهل البيت عليهم السلام وبعد سقوط النظام عادت هذه الرياضة من جديد بعد أن تم تشكيل اتحاد الزورخانة برئاسة السيد أحمد كاظم حسين الذي أخذ على عاتقه وبجهد شخصي إعادة الروح مجددا لهذه الرياضة التراثية العريقة.
الزورخانة.. أدوات.. ودلالات
هناك مجموعة من الأدوات التي يستخدمها الرياضي في رياضة الزورخانة، وهي تعتبر أدوات أساسية ومهمة لهذه الرياضة منها:
1- الميل: بنوعيه الثقيل والذي يزن (30) كغم.. والميل الخفيف ويزن (20) كغم.
2- التخت: وهو تخت الشناو حيث يستند اللاعب عليه وهو يؤدي فعالية الشناو.
3- السنك (باب خيبر): وهي لوحة خشبية على شكل باب وتكون بقطعتين وسميت خيبر رمزا لباب خيبر التي اقتلعها الإمام علي عليه السلام.
4- الكبادة: وهي قطعة حديدية على شكل قوس ترتبط بها سلسلة يحركها اللاعب فوق رأسه ويداه ممدودتان الى الأعلى.
الزورخانة طقوس وتقاليد
تؤدى الزورخانة في مكان خاص يسمى (الجفرة)؛ وهي على شكل حفرة دائرية قطرها (6) أمتار. وبعمق (70) إنج. ويتكون فريق الزورخانة من (9) لاعبين إضافة إلى منشد خاص يجلس في مكان مرتفع وفي يديه طبل. حيث يقرأ الموشحات والأشعار التي تتغنى بحب الإمام علي عليه السلام أو يكون جلوس المنشد باتجاه القبلة، ومن الطقوس المهمة لهذه الرياضة هي ان يكون جميع أعضاء الفريق على وضوء وطهارة، ويبدأون اللعب بقراءة سورة الفاتحة إضافة إلى الصلاة على محمد وآله قبل البدء باللعب.
ويتخلل اللعب الموشحات والمواليد التي يقرأها المنشد... وعند الانتهاء من كل حركة يصلي الحضور على محمد وآل محمد ويستغرق عرض الزورخانة مدة (40) دقيقة وعند الانتهاء من العرض يبدأ المنشد بقراءة دعاء خاص لشفاء المرض وقضاء الحوائج ثم الصلاة على محمد وآل محمد.
زورخانة كربلاء.. نتائج باهرة ومميزة
وحدثنا السيد احمد كاظم حسين رئيس اتحاد الزورخانة في كربلاء عن انجازات فريق الزورخانة والذي يمثل حاليا المنتخب الوطني العراقي للزورخانة حيث حقق فريق كربلاء بطولة العالم والتي أقيمت في كوريا الجنوبية في مطلع عام 2009م وهذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها فريق وطني من خطف البطولة العالمية من المنتخب الإيراني الذي كان يهيمن على بطولات العالم ولسنين طوال... بالإضافة الى العديد من الانجازات الذهبية والفضية على صعيد القارة الاسيوية والهيمنة المطلقة على بطولات العراق. وفي محافظة كربلاء هناك الحكم الدولي حسين كاظم حسين صاحب الشهادة التحكيمية الدولية الوحيدة في رياضة الزورخانة، أما فريق الزورخانة فيضم الأبطال الذهبيين (حيدر عبد الأمير، عمار إبراهيم، أحمد رزاق، عماد رزاق، زمان عبد محسن، علي مجيد، عمار جواد، مصطفى أحمد، حيدر عباس) إضافة إلى المنشد (مصطفى علي مرزا) والذي يعتبر المنشد الوحيد لرياضة الزورخانة في العراق.
ورغم هذه الإنجازات الكبيرة... لكن هذه الرياضة تشكو الإهمال حيث لم نجد هناك أي مؤسسة رسمية تقدم لنا الدعم اللازم فقد اعتمدنا على جهودنا الشخصية، وعلاقتنا الجيدة ببعض الشخصيات حيث لازلنا نعاني قلة الدعم المادي اللازم لشراء التجهيزات الخاصة بلعبتنا، علما بأن فريقنا يمثل العراق في المحافل الدولية فلم نجد سوى ممثلية اللجنة الأولمبية في محافظة كربلاء التي قدمت لنا مكانا خاصة للتدريب، ودعما ماليا حسب امكانياتها المتوفرة لها، ومن هذا المنبر الشريف نوجه دعوة صادقة إلى الجميع للإهتمام بهذه الرياضة التراثية العريقة والتي تتغنى بحب أهل البيت الأطهار عليهم السلام حتى تبقى رياضة الزورخانة تحمل هوية كربلائية عراقية أصيلة.
تحقيق /مسلم حميد الركابي
أقرأ ايضاً
- فرع كربلاء لتوزيع المنتجات النفطية: الخزين متوفر والمولدات الاهلية تتسلم كامل حصصها من الكاز هذا الشهر
- تحول إلى محال تجارية.. حمّام اليهودي في كربلاء (فيديو)
- مكونة من ستين منسفا وصينية.. سفرة طعام طويلة على طريق الزائرين في كربلاء المقدسة (صور)