- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الحصانة المادية ؟؟ والإباحة الاستعلائية!! النظرة المعاصرة للتمكن و العوز المادي.
حجم النص
بقلم /علي الهلالي
منذ الطور التمهيدي لنشوء العقل البشري الى الان هناك مبادئ ومفاهيم وجدت ولم تنتهي .. منها مبدا المقايسة مفهوم مطبق لفكيه على الحكم في جميع القضايا , فهو يقارن بين السلب والايجاب من باب التناقض يعني وجود الضوء يمحي الظلام او كما يقول المناطقة "لايمكن اجتماع نقيضين في ان واحد وفي مكان واحد" لو سلمنا جدلا بصحة هذا المفهوم ان القياس لم يقتصر على ذلك حتى اصبحت المقارنة بين شيئين مختلفين لا علاقة بينهما ابدا وبني عليها الكثير من القوانين والاعراف وادى ذلك بشتى الطرق الى خلق المناخ الملائم لفرضه على عاتق الصعد المختلفة ونتائج ذلك التطبيق ارتبطت بالكثير من الاساسيات (الاجتماعية والدينية والمادية و السياسية والفكرية )...
الملازمة الأكثر وضوحا للعيان لمبدأ مقايسة الوجود والعدم هو "الحالة المادية" نجد إن المال والثروة يعني الغنى والسمو والرفعة والاحترام والسيادة والشرف والوجاهة و...الخ من المسميات وانعدامه يعني الفقر والذل و المهانة وعدم الاحترام والعبودية و الانحلال و...الخ وأصبح التصنيف حسب الثروة حتى صار ينظر للانسان الذي لا يمتلك المال على انه انسان مباح الدين والعرض والحقوق والفكر أيضا , بل ويذهب إلى أكثر من ذلك في بعض الأحيان ألا وهي تعريته من المثل الإنسانية المشتركة بين البشرية فالغني يكون شجاع وصادق ونزيه و شريف النسب ومحترم إما الفقير فهو جبان وكذاب و خائن و غير شريف ومطعون في نسبه فالذي يملك المال يجب الحفاظ عليه وحياته ثمينة والفقير مباح الدم وليست له حاجة وله شواهد كثيرة من القوانين والأعراف الوضعية على المستويين العام والشخصي ..أما على الصعيد العام ففي العصور الاروبية الحديثة كان هناك قوانين مشرعة لذلك ومثال عليها مادة في الدستور الفرنسي الذي كان معمولا بها حتى عصر النهضة و بداية القرن العشرين تنص على أن " الرجل الذي يملك مكانة اجتماعية راقية وثروة وتوفى تعطى ثروته للابن الأكبر ولا توزع على أفراد العائلة ؟!.." لكي لا تتبدد الثروة بتوزيعها على أفراد العائلة وتصبح العائلة اقل من المستوى الذي كانت عليه لأنهم كانوا يصنفون العوائل حسب رأس مالها بين الأوساط الرأسمالية المحترمة والنبيلة أما على الصعيد الشخصي كان عند الرومان في العصور المتوسطة قانون انه " لا يجوز الزواج أو اتخاذ عشيقات لرجل من العوائل النبيلة الارستقراطية من عائلة غير نبيلة فقيرة وكذلك المرأة النبيلة الارستقراطية أيضا لعدم الكفاءة بينهما ", وهناك قانون اقسي وهو " إن الرجل النبيل إذا ثبت بأن له علاقة مع امرأة ليست من مستواه الاجتماعي فأنه يعاقب بــ" الاخصاء" لأنه متهم بتلويث نسب عائلته " وكانت العوائل الغنية عندما تحضر عمال للخدمة من الفقراء فإنها أيضا تخصي العمال خوفا منهم على نساء العائلة !!!..
ونتيجة لهذا التطبيق التعسفي والحكم من خلال الأفق الضيق (المال) أصبحنا ألان نجد هناك فوارق ( شخصية و اجتماعية عامة ) بين الناس فأخذ الذي يعد نفسه من المستوى الأرقى ماديا بنظرة متعالية و دونية إلى من هم اقل منه في المستوى المادي وكأنهم مباحين ويحق له التصرف بحياتهم والاعتداء على حرياتهم ونتيجة لعوزهم فهم لا قيمة لهم وهذه مقايسة خاطئة جدا بل وغريبة حيث لا علاقة للمال والثروة بالشخص ذاته إي إن من الممكن إن الشخص الغني أو الفقير على حد سواء أن يكونوا صادقين وشرفاء ونبلاء ومحفوظة كرامتهم ودينهم وعرضهم ...الخ وكذلك ممكن أن يكون العكس بالنسبة لكليهما فلا علاقة تربط بين الموضعين المادة والقيمة الإنسانية لكل شخص مع ذلك فهي مع الأسف متجذرة في المجتمعات ككل ولابد من التخلص من مثل هذه المفاهيم الخاطئة لأنها ستؤدي إلى نتائج ذميمة تنعكس على المجتمع بصورة شاملة لان المجتمع هو مجموعة من المكونات المختلفة ولكن لا يمكن لأحد أن يعيش بدون الأخر فعلينا التخلص من النظرة السطحية الظاهرية (المظاهر) وان نعامل الإنسان بقيمته الإنسانية التي يجب احترامها للكل على حد سواء وليست النظرة المادية فالمظهر والمادة لا يمثل مكنون الشخصية بغض النظر عن نوعها ..بعد ما سبق لا بد من طرح سؤال مهم جدا وساترك الإجابة للقارئ الكريم أليس البشر بالطبيعة متساوون من حيث الخلقة و الحقوق الإنسانية الاعتبارية منها والوضعية وكذلك الواجبات؟؟؟!!!.