لا شك ان الشائعات تلعب دورا كبيرا في حياة الناس والمجتمعات وخصوصا تلك المجتمعات التي تنعطف في مسارها وتنتقل من حال الى آخر، واعني هنا مجتمعنا العراقي الذي انقلب رأسا على عقب بعد سقوط حقبة الاستبداد، لاسيما ان هذه الحقبة اصرت على “تسليم العراق ترابا” فاصدرت اوامرها الى اجهزتها المختلفة بضرورة تحطيم وتهديم كل شيء، وحرق اليابس والاخضر اذا كان ثمة شيء اخضر قد تركته، ومذ ذاك اليوم والى الان بدأت تتسرب الشائعات وباشكال شتى لكن اكثرها سوداوية واحباطا تلك الشائعات التي تتلخص بعودة العنف الطائفي او اندلاع الحرب الاهلية وما شابه ذلك، وهي عبارة عن ورقة يستخدمها البعض للضغط على الرأي العام، وتحقيق مآرب سياسية ضيقة على حساب الناس وأمنهم، لكننا نقول انه مهما تعقد الامر والتهب الجمر، فلا يمكن العودة الى هكذا مربع اسود، لان المجتمعات عندما تخبر حالة الفوضى تخشى العودة الى خطر الموت العنيف.
ونحن كعراقيين خبرنا الفوضى جيدا ورأينا الموت بام اعيننا، فلا يمكن لنا بعد ذلك ان نلتفت الى الوراء لنعيد تكرار ذات التجربة المؤلمة التي كنا قد عشناها بمرارة وحزن قل نظيره في عالم الاحزان والألم، واليوم وبعد ان تنفسنا الصعداء واعدنا ترتيب وعينا بالاشياء، وقمنا بصعوبة ببناء الذات التي انكسرت مرارا وتكرارا وبقي من بقي منا على قيد الحياة فلا يمكن قطعا ان نتسلم لتلك الشائعات ولكن هذا الامر يحتاج منا مناعة قوية في صد هذه الشائعات ودحضها، وبالمقابل علينا ان نطور مهاراتنا في كيفية فهم بعضنا وقبول المختلف، ونحاور المخالف وان نتجاوز اخطاءنا وخصوصا ما يتعلق منها بولاداتنا التي كانت في يوم ما ضيقة ومشوهة، وان يكون لدينا ولاء حقيقي وصادق للوطن والقانون، لان التجربة قد علمتنا مدى رعب الحالة التي يكون عليها المجتمع اذا غاب النظام لاننا بغير القانون لن يتحقق النظام، ولن تكون الحرية التي اعطينا الغالي والنفيس في سبيل الوصول اليها.
أقرأ ايضاً
- هل نحن في مواجهة أزمة غذائية أم تجاوزنا ذلك؟
- نحن أو الفوضى !!
- ديمقراطية أحزاب السلطة.. نحن أو الفوضى !