ارتفعت قيمة الصادرات الصينية إلى العراق هذا العام لكافة السلع والمنتجات، إذ يظهر أن الاستيراد قد ازداد لأكثر من مليار دولار، مقارنة بالعام الماضي، وفيما عزا خبراء تلك الزيادة إلى انخفاض تكلفة المنتجات الصينية وتراجع الصناعة المحلية، توقعوا أن الظروف الأمنية والسياسية الإقليمية دفعت للمزيد من الاستيراد خشية تفاقم الأوضاع إلى حد يصعب من النشاط الاستيرادي.
ويقول الخبير في الشأن الاقتصادي ناصر الكناني، إن "ارتفاع حجم الاستيراد من الصين أمر طبيعي في ظل عدم وجود صناعة محلية يمكنها أن تسد حاجة السوق المحلية".
ويضيف الكناني، أن "هناك طلبا كبيرا على مختلف المنتجات الصينية، وذلك بسبب إقبال المواطنين عليها لانخفاض قيمتها مقارنة بباقي المنتجات المستوردة من دول أخري، ما زاد طلب التجار على البضاعة الصينية".
ويلفت إلى أن "زيادة الطلب على البضاعة الصينية أسهم أيضا في ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق المحلي، فبعض الاستيراد يتم عبر الدولار الذي يشترى من السوق الموازي، ولذا رأينا ارتفاعا ملحوظا بسعر الدولار".
وأظهرت بيانات هيئة الجمارك الصينية، يوم الأحد الماضي، ارتفاع قيمة الصادرات إلى العراق خلال الأشهر التسعة من العام الحالي، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، بنسبة 12 بالمئة، حيث بلغت قيمة الصادرات الصينية المباشرة الى العراق 11.9 مليار دولار أمريكي، بعد ان كانت خلال الفترة نفسها من 2023 بقيمة 10.6 مليار دولار.
وجاء الارتفاع نتيجة زيادة صادرات مجموعة سلع أساسية تتمثل في ارتفاع قيمة الأجهزة الكهربائية المصدرة (والتي تشكل أجهزة التبريد الجزء الأكبر منها) بنسبة 16 بالمئة لتبلغ 2.48 مليار دولار، مقارنة ب 2.1 مليار دولار لنفس الفترة من 2023 وتمثل قيمة صادرات الأجهزة الكهربائية مانسبته 21 بالمئة من مجمل السلع الصينية المصدرة الى العراق.
وكذلك ارتفاع قيمة الأجهزة الإلكترونية المصدرة (والتي تمثل أجهزة الهواتف النقالة وملحقاتها الجزء الأكبر) منها بنسبة 33 بالمئة لتبلغ قيمة الصادرات 1.64 مليار دولار مقارنة بـ1.24 مليار دولار في نفس الفترة من 2023، وتمثل قيمة صادرات الأجهزة الإلكترونية ما نسبته 14 بالمئة من مجمل صادرات السلع الصينية إلى العراق.
وتوقعت هيئة الجمارك الصينية، أن تبلغ قيمة الصادرات إلى العراق نهاية 2024 بحدود 16 مليار دولار.
يشار إلى أن العراق يتصدر بصورة مستمرة، قائمة المستوردين لأغلب السلع التركية، وغالبا ما تصدر بيانات تركية تفيد بحلول العراق في مراتب متقدمة، إذ يأتي في العادة ثانيا أو ثالثا بين المستوردين لمختلف أنواع السلع، ومنها المواد الغذائية والمنتجات الزراعية والأثاث، وحتى المكسرات.
من جهته، يبين الباحث في الشؤون الاقتصادية والمالية علاء الفهد، أن "ارتفاع الصادرات من الصين وغيرها من الدول أمر طبيعي في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة والمخاوف من اتساع دائرة الصراع، ولذا زاد الإقبال على الاستيراد خشية من حوادث قد تدفع إلى صعوبة الاستيراد".
ويؤكد الفهد، أن "هذا الارتفاع في الاستيراد زاد من أسعار صرف الدولار في السوق المحلية، فهناك عمليات استيراد كثيرة ما زالت تمول عبر السوق الموازي وليس عبر المنصة من قبل صغار التجار، وهذا زاد الطلب عن الدولار في السوق السوداء لتسديد قيمة الاستيراد".
ويتابع أن "الاستيراد المرتفع في العراق أمر طبيعي لعدم وجود منتج محلي يكفي لسد حاجة السوق، ولذا فربما يزداد الطلب على الاستيرادات المختلفة خلال السنوات المقبلة، في ظل عدم وجود صناعة محلية، وهذا ما ينبغي أن يدفع الحكومة للعمل بشكل حقيقي على تفعيل الصناعة المحلية الوطنية بمختلف القطاعات".
ويواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، تدهورا كبيرا منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوعة تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن دون تحقيق أي وعد، بل تستمر عجلة التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.
وفضلا عن القطاع الحكومي، فان مشاريع القطاع الخاص، شهدت توقفا بل وإنهيارا كبيرا نتيجة لعدم توفر البنى التحتية للإنتاج، من استمرار التيار الكهربائي أو الحماية اللازمة، خاصة في ظل الأحداث الأمنية التي يعيشها البلد بصورة مستمرة، ما انعكس سلبا على الشارع العراقي الذي تحول الى مستهلك للبضائع المستوردة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- مع اقتراب موعده.. هل تعرقل المادة 140إجراء التعداد السكاني؟
- رئاسة المشهداني.. هل تمهد لعودة الزعامات الكلاسيكية؟