قلل خبراء من انعكاس خفض العراق لإنتاجه النفطي -التزاما بمقررات “أوبك+”-، على اقتصاد البلاد، بسبب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، ما يمكن الحكومة من سد أي فجوة في الإيرادات المالية، بالإضافة إلى الاستدانة الداخلية التي تعمل بها لمعالجة النقص في الموازنة.
ويعد العراق من المؤسسين لمنظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” كما أنه عضو أساس في مجموعة “أوبك+”، الأمر الذي يجعله ملتزما بتطبيق ما يصدر عنها من تعليمات وقرارات، سواء كان ذلك يتعلق بزيادة أو تقليل الإنتاج، لاسيما وأن تلك القرارات تؤخذ بالإجماع.
ويقول المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، إن “آخر معدلات طاقة العراق اليومية من إنتاج النفط الخام تبلغ نحو 4.5 ملايين برميل يوميا، وأن الحصة المتفق على تخفيضها من إنتاج العراق ضمن قرارات منظمة البلدان المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك+) الأخيرة هي اعتماد حصة التخفيض للعراق بنحو 350 ألف برميل يوميا، أي التقيد بإنتاج 3.9 ملايين برميل يوميا، بغية الحفاظ على إيرادات مالية لبلدان أوبك+، تتحدد بمتوسط سعر إنتاج لبرميل النفط لا يقل عن 85 دولارا أو نحو قريب من ذلك”.
وينوه صالح، إلى أن “هبوط أسعار النفط بمقدار دولار واحد يوميا سيعرض موارد بلادنا السنوية إلى فقدان قرابة 1.5 مليار دولار سنويا من إجمالي احتساب قيمة الإيرادات النفطية المقومة بالعملة الأجنبية، ولكون مقررات منظمة أوبك هي قرارات تؤخذ بالإجماع، فإن العراق هو واحد من بين البلدان المنتجة المهمة للنفط في تقرير وحدة هذا الإجماع، لكونه ثاني أكبر بلد منتج للنفط بعد السعودية”.
ويبين أن “السياسة النفطية العراقية مرنة في الانتفاع من طاقة الإنتاج المحددة الجديدة بعد التخفيض، ذلك من خلال الحفاظ على طاقة التصدير أولا، وضبط النسب المثلى لاحتياجات المصافي المحلية من النفط الخام وطاقة المخزونات النفطية ثانيا، وبتوافقية كمية وحسابية دقيقة، دون أن تترك آثارا مالية مباشرة أو ضارة على الإيرادات العامة”.
وكانت منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك”، أعلنت يوم الخميس الماضي، أن العراق قدم خطوات واضحة وحاسمة للتعويض عن الكميات الزائدة من النفط المنتج، وأعطى تأكيدات بأنه سيحقق الالتزام الكامل بعد ذلك.
وحول تأثير هذا التخفيض على الوضع المالي والاقتصادي، يستبعد الباحث في الشأن الاقتصادي، علي كريم إذهيب، أن “يؤدي قرار التخفيض لانعكاسات اقتصادية سلبية على العراق لأن الأسواق الحالية تشهد ارتفاعا متواترا في أسعار برميل النفط ما بين 79 إلى 85 دولارا، خصوصا وأن العراق يعتمد سعر البرميل في الموازنة بنحو 60- 70 دولارا للبرميل الواحد”.
ويضيف إذهيب، “ستكون هناك وفرة مالية مستمرة حتى نهاية العام الحالي، علما أن التخفيض ليس طويلا، بل سيكون للربع الأخير من هذا العام 2024 وأيضا العراق بدأ بتقليل الريعية النفطية إلى حدود 89 بالمئة بعدما كانت لغاية العام الماضي 96 بالمئة وهذا مؤشر جيد جدا على النمو الاقتصادي في العراق”.
وكان تحالف “أوبك+” قد قرر مطلع تشرين الثاني 2022، إلزام الأعضاء كافة (عددهم 22 دولة) بخفض الإنتاج، بهدف إلى الحفاظ على توازن سوق النفط العالمية.
وتضاف للاتفاقية الإلزامية أخرى طوعية بمقدار 2.2 مليوني برميل يوميا، بدأت مطلع تموز 2023 وتستمر حتى كانون الأول 2024، بمشاركة 8 دول بصدارة السعودية وروسيا، إلا أن التحالف أعلن في 4 حزيران الماضي عن تمديد اتفاقية خفض إنتاج النفط بمقدار 3.8 ملايين برميل يوميا إلى كانون الأول 2025، بدلاً من الموعد الذي كان مقررا بنهاية العام الحالي.
من جانبه، يرى الخبير في مجال النفط والطاقة، دريد عبدالله، أن “قرار أوبك+، بتخفيض إنتاج النفط العراقي، هو قرار عراقي للوفاء بالتزاماته تجاه التحالف وسيستمر حتى نهاية سنة 2025 بتخفيضات تتراوح بين 11 بالمئة على نحو 2 أو 3 بالمئة خلال آخر ربعين من العام 2025 وهذا لن يضر الاقتصاد العراقي بشكل كبير”.
ويؤكد عبدالله، أن “الصرفيات العراقية قد تتأثر خلال الفترة الأولى بعد قرار أوبك بتخفيض الإنتاج، لكن بشكل تدريجي سيختفي هذا التأثير، فالعراق يواجه مشاكله الاقتصادية بالاستدانة الداخلية، وهذا ما تعمل به الحكومة الحالية، ونحن ننتج 100 بالمئة من حصتنا، أما التخفيض فسيتم تغطيته بالاستدانة الداخلية”.
وكان تحالف “أوبك+” قد عقد اجتماعا في 3 نيسان الماضي، عبر الإنترنت للجنة المراقبة الوزارية المشتركة، لدارسة تطورات السوق، والتزام الأعضاء بتخفيضات الإنتاج.
ويبلغ حجم الخفض الإلزامي للنفط الخام من جانب الأعضاء قرابة 3.66 ملايين برميل يوميا، يستمر حتى نهاية العام الحالي، بينما تبلغ كميات الخفض الطوعية 2.2 مليون برميل يوميا، تستمر حتى حزيران المقبل.
ورحبت اللجنة بتعهد العراق وكازاخستان بتحقيق المطابقة الكاملة وتعويض فائض الإنتاج، كما رحبت بإعلان روسيا أن تعديلاتها الطوعية في الربع الثاني من 2024 ستستند إلى الإنتاج بدلا من الصادرات.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟