مع إعلان باقة جديدة من الاتفاقات العراقية التركية، يحذر مراقبون أمنيون من السماح باستمرار التواجد التركي داخل الأراضي العراقية، وفيما يسمي عضو بلجنة الأمن والدفاع النيابية، الوجود التركي “احتلالا”، يفصح عن رغبة برلمانية باستضافة وزير الخارجية فؤاد حسين لمعرفة تفاصيل الاتفاقات الجديدة.
وغالبا ما تحاط هذه الاتفاقات بالغموض، خاصة أن التوغل العسكري التركي على العراق يزداد ويتوسع بعدها، إذ يرى المراقبون أن هذا التواجد ينتهك سيادة البلد، كما أن الجانب التركي لا يحتاج إلى أي اتفاق جديد للتوغل في الأراضي العراقية، مطالبين الحكومة العراقية بالتحرك الدولي لإنهاء ملف التواجد التركي قبل أن تصل قواته العسكرية إلى مراكز المدن.
ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية محمد الشمري، “ندعم أي اتفاق يحفظ سيادة العراق ويمنع أي تهديد لأمنه القومي، لكن القوات التركية المتواجدة في شمال العراق، هي قوات محتلة ويجب إخراجها ولا يوجد أي مبرر لإبقائها”.
ويوضح الشمري، أن “أي تفاوض عراقي تركي يجب أن يكون من أولوياته إخراج تلك القوات المحتلة وإيقاف العدوان التركي المستمر على الأراضي العراقية، إذ لا يمكن عقد أي اتفاق يعزز التواجد التركي المحتل، فهذا ينتهك سيادة العراق ويؤكد على استمرار عدم الاستقرار”.
ويضيف عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية “سنعمل على استضافة وزير الخارجية في البرلمان، لمعرفة تفاصيل الاتفاق الجديد مع أنقرة، وما مدى صحة القبول ببقاء قوات تركية عسكرية، فهذا إن حدث فهو قبول بالاحتلال، وهذا ما لم ولن نقبل به إطلاقا، لأنه يهدد أمن العراق القومي، ويزيد من مشكلاته الأمنية”.
وذكر وزير الخارجية فؤاد حسين الذي يزور أنقرة برفقة وزير الدفاع في تدوينة على منصة (X) “تتويجا للاجتماعات الأمنية المكثفة، وقعنا اليوم مذكرة تفاهم بشأن التعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب، وقّعها وزيرا دفاع البلدين، وتمثل هذه المذكرة إضافة نوعية لعلاقاتنا الثنائية وتأكيداً على التزامنا المشترك بالسلام والاستقرار في المنطقة، بما يحقق المصالح المشتركة”.
وكان وزير الخارجية العراقي، أكد أن اجتماعي أنقرة تناولا تفعيل الاتفاقيات الـ27 التي وقّعت خلال زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان، إلى العراق في 22 نيسان الماضي، في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والطاقة والمياه والثقافة والسياحة والصحة والنقل والزراعة والتعليم والشباب والرياضة والضمان الاجتماعي.
من جهته، يذكر الأمين العام السابق لوزارة البيشمركة جبار ياور، أن “القوات التركية لديها ما يقارب 80 قاعدة في مناطق شمال العراق، وهذه القواعد فيها أسلحة وآليات مختلفة، وهي تتواجد في مناطق لا تصل إليها أي قوات عراقية رسمية، لكن فيها نفوذ لحزب العمال الكردستاني”.
ويبين الياور، أن “العراق ما زال يفقد السيطرة على الشريط الصفري وهو ما يساعد القوات التركية بالدخول والخروج من العراق، وهذه المنطقة دائمة الاشتباك المسلح ما بين الجيش التركي وعناصر حزب العمال الكردستاني، لذا تصعب السيطرة عليها من قبل القوات العراقية الرسمية”.
ويشير إلى أن “أغلب الاتفاقات الأمنية والعسكرية ما بين بغداد وأنقرة، غامضة وغير واضحة، ورغم تلك الاتفاقات، لا نرى أي تغييرات حقيقية على أرض الواقع في ما يخص الانتشار العسكري التركي وغيرها، ولهذا تلك الاتفاقيات تحتاج إلى ترجمة حقيقية على ارض الواقع”.
ونقلت صحف تركية، انه بموجب الاتفاق، سيتم إنشاء مركز تنسيق أمني مشترك في بغداد إلى جانب مركز مشترك للتدريب والتعاون في بعشيقة، كما نقلت عن الوزير فؤاد حسين قوله متحدثا عن معسكر تدريب بعشيقة، إن “المسؤولية ستقع على عاتق القوات المسلحة العراقية”، لافتة إلى أن هذه المراكز ستتيح للبلدين “التعاون في حربهما ضد الإرهاب، وخصوصا ضد حزب العمال الكردستاني”.
وبحسب وسائل إعلام تركية أيضا، ونقلا عن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان فإن الاتفاق أفضى إلى البدء في تطبيق الإعفاء من التأشيرة للمواطنين العراقيين الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما وأكثر من 50 عاما، وفقا لما تم الاتفاق عليه خلال زيارة أردوغان إلى بغداد، ابتداء من الأول من أيلول المقبل.
إلى ذلك، يرى الخبير في الشأن الأمني أحمد الشريفي، أن “الحكومة العراقية ما زالت عاجزة في حسم ملف التواجد التركي العسكري في شمال العراق، وهذا بسبب عجزها عن إنهاء ملف تواجد حزب العمال الكردستاني، الذي ما زال ينتشر في مناطق عراقية مختلفة، ويسيطر عليها بالسلاح”.
ويضيف الشريفي، أن “القوات التركية العسكرية تتواجد داخل الأراضي العراقية من دون موافقة بغداد، وهي لا تحتاج إلى أي اتفاق حتى توافق بغداد على هذا التواجد، ورغم كل مطالبات الحكومة العراقية وحواراتها إلا أنها غير قادرة على إخراج تلك القوات، وهذا ما دفع أنقرة إلى تعزيز هذا التواجد العسكري بشكل أكبر واخطر”.
ويجد أن “التواجد التركي يهدد أمن العراق القومي، ولذا فالحكومة العراقية مطالبة بالتحرك دوليا لحسم هذا الملف، بدلا من عقد اتفاقات تبرر هذا التواجد لأي سبب كان، فالتوغل التركي يتوسع يوما بعد يوم والسكوت عنه ربما يدفع بالقوات التركية للتواجد داخل مراكز المدن وليس بعض القرى والأرياف”.
وعقد العراق وتركيا قبل هذه الاتفاقات ثلاث جولات من الاجتماعات في إطار آلية الحوار، وقررت بغداد تصنيف حزب العمال الكردستاني “منظمة محظورة في العراق” خلال المحادثات الأخيرة التي أجريت في آذار الماضي، في خطوة رحبت بها أنقرة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟