مع إعلان الأردن الاقتراب من اتفاق يقضي بزيادة استيراداتها من النفط العراقي بأسعار تفضيلية، أكد خبير نفطي، أن هذا الاتفاق نوع من الدعم الذي تمنحه بغداد لعمّان وفق حسومات غير موجودة في كل دول العالم، وفيما وصف مراقب سياسي الاتفاق بأنه “ضريبة” دولية يدفعها العراق بلا مقابل، توقع خبير اقتصادي، أن ترتفع كمية النفط المصدر إلى الأردن مستقبلا بالرغم من حاجة العراق إلى موارد مالية كبيرة بسبب عجز الموازنة المالية.
ويقول خبير النفط والطاقة كوفند شيرواني، إن “اتفاق 2021 يقضي بأن يزود العراق، الأردن، يوميا 10 آلاف برميل تنقل بالسيارات الحوضية بسعر تفضيلي يقل بـ16 دولارا، وبالتالي يتجاوز مبلغ التفضيل الذي يحصل عليه الأردن 57 مليون دولار سنويا”.
وكانت الحكومة الأردنية، قد خاطبت نظيرتها العراقية، يوم الأحد الماضي، بشأن تمديد مذكرة التفاهم الخاصة باستيراد النفط بأسعار مخفضة، والتي من المفترض انتهائها في الرابع من شهر آب المقبل.
ويضيف شيرواني: “مع اقتراب انتهاء صلاحية العقد يسعى الجانب الأردني إلى تجديده وحصول على حسومات بكميات أكبر لتصل إلى 15 ألف برميل يوميا، ووفق هذه الكمية، تتجاوز فائدة التفضيل 86 مليون دولار سنويا، لكن حتى الآن لم يصدر خبر رسمي من الجانب العراقي”.
ويشير إلى أن “هذه الخطوة تأتي بالتزامن مع المشروع المخطط له وهو أنبوب (البصرة - العقبة) الذي مازال يلقى الكثير من الاعتراضات كونه لا يحقق جدوى اقتصادية للعراق، في وقت تستفيد منه الأردن ومصر وتحصل على كميات من النفط بأسعار تفضيلية”.
ويرى الخبير النفطي، أن “مثل هذه الاتفاقات يمكن أن تعد نوعاً من الدعم السياسي لهذه الدول ربما ردا لجميل بناء على مواقف سابقة، أو دعم لاقتصاداتها تعاني من الضعف”، مؤكدا أنه “لا توجد دول في العالم اليوم تصدر النفط وفق هذه الحسومات، فحتى في أيام الاتحاد السوفيتي كان النفط يمنح بحسومات قليلة قدرها دولار أو اثنان للدول المنضوية إلى المعسكر الاشتراكي”.
وأكد وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني صالح الخرابشة، أن مباحثات مع الجانب العراقي جرت وتم التوصل إلى توافق مشترك بين الجانبين لزيادة كميات النفط الخام، حيث وافق مجلس الوزراء العراقي على زيادة كميات النفط التي يتم تصديرها للأردن من 10 آلاف برميل يوميا لتصبح 15 ألف برميل.
إلى ذلك، يذكر الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، أن “هذا الاتفاق قديم ويعود إلى ما قبل 2003 حيث كان العراق يصدر النفط للأردن بكميات نصفها مجانا والنصف الآخر بأسعار تفضيلية، ومنذ 2012 جدد هذه الاتفاق على أن يبيع العراق 10 آلاف برميل يوميا بأقل من سعر خام برنت بـ16 دولارا لتغطية فرق النقل والنوعية”.
ويضيف أن “الاتفاق الأخير الذي كتب قبل ثلاثة أشهر يسعى لرفع كمية النفط المصدر إلى الأردن لـ15 ألف برميل يومياً على أن يجري تجديد الاتفاق بشكل فصلي”.
ويلفت إلى أن “العراق مازال بحاجة إلى موارد مالية كبيرة لأن العجز التخطيطي تحول إلى عجز فعلي بمقدار 9 تريليونات لغاية أيار، فهو يحتاج إلى هذا النفط، لكن يبدو أن هذا الاتفاق سياسي، وقد يرفع العراق هذه الكمية في المستقبل”.
وفي شباط الماضي، جمع نائب في البرلمان توقيعات لإصدار قرار لإيقاف تصدير النفط للأردن، كما تقدم 9 محامين بدعوى ضد رئيس الوزراء محمد شياع السوادني، لوقف التصدير، باعتباره “هدرا لأموال البلاد”، وذلك بعد ضربات أميركية استهدفت فصائل عراقية، لكن المحكمة الاتحادية ردت الدعوى.
من جهته، يصف المحلل السياسي ماهر جودة، هذا الاتفاق بأنه “ضريبة دولية يدفعها العراق بناء على أوامر الدول العظمى، إذ كان العراق يدفعها منذ التسعينات عندما كان يعاني من حصار اقتصادي بأسعار شبه مجانية واستمرت حتى بعد زوال النظام السابق”.
ويضيف جودة أن “القوى العالمية تفرض إرادتها على بلدان العالم الثالث وفق مصالحها، فمرة تدفع هذه الدول بالنقد ومرة بالنفط، وتلوح هذه القوى بالعقوبات ضد المخالفين، ومثل هذه الضرائب موجودة حتى على صعيد الدول المتقدمة كألمانيا واليابان”.
ويتابع المحلل السياسي، أن “الولايات المتحدة تعتبر الأردن حليفا استراتيجيا وبوابة لحماية إسرائيل، لذا فقد بقيت عملتها قوية مع ما تعانيه من نقص في الموارد الاقتصادية، كما أنها بقيت مستقرة وبعيدة عن ثورات الربيع العربي، فهي مدعوما سياسيا وإعلاميا لأنها تنفذ أجندة أمريكية”.
ويؤكد جودة على ضرورة أن “تبقى الدول مستقلة ليس سياسيا فحسب، بل اقتصاديا، وتتخلص من هذه الضرائب والتبرعات المجانية التي تمنح من دون مقابل”.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- موزعين على (350) موقعا سكنيا:العتبة الحسينية تقدم (22) الف وجبة طعام يوميا للوافدين اللبنانيين في كربلاء المقدسة
- سعر النفط بموازنة 2025.. طبيعي أم يؤدي لأزمة؟