تُعد الكهرباء في العراق من أكبر التحديات التي تواجه حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في ظل استمرار انقطاعات التيار بالعديد من المحافظات، والتي تتجاوز أحيانا 12 ساعة يومياً.
ومع اتساع رقعة الاحتجاجات في وسط وجنوب العراق، ولجوئه إلى شركات القطاع الخاص لتجهيز كميات إضافية من الطاقة، وقع رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، حيدر محمد مكية، الأجازة الاستثمارية الخاصة بمشروع محطة كهرباء الطاقة الشمسية مع شركة “توتال اينيرجي” الفرنسية بسعة 1000 ميغاواط في محافظة البصرة.
وعلى مر السنين، تم تخصيص مليارات الدولارات لتحسين البنية التحتية الكهربائية، ولكن النتائج كانت غالبًا دون المستوى المطلوب، حيث يعتبر الفساد في قطاع الكهرباء جزءًا من مشكلة أوسع تتعلق بالفساد في العراق بشكل عام، حيث يؤثر على جميع جوانب الحياة ويعيق التنمية المستدامة.
وقال رئيس الهيئة في كلمة له خلال مراسم توقيع الإجازة الاستثمارية، إن “هذا المشروع يعتبر أول فرصة استثمارية لمنح محطة كهرباء بالطاقة الشمسية ضمن خطة الحكومة للتنوع في مصادر الطاقة المتجددة”.
وأضاف أن “هذا المشروع سيضيف هذه الطاقة من الطاقة الشمسية إلى الشبكة الوطنية”.
وكشف عضو لجنة الاستثمار والتنمية النيابية حسين السعبري، في 26 حزيران الماضي، عن التوجه لاستجواب وزير الكهرباء زياد علي فاضل داخل قبة البرلمان، وذلك بعد تصريحاته بشأن زيادة الأحمال.
وكان وزير الكهرباء زياد علي فاضل خلال جلسة مجلس الوزراء، أكد في 24 حزيران الماضي، ان معدل الحمل المطلوب في مثل هذا الوقت من العام الماضي هو 29 الف ميغاواط، الا حمل الذروة الذي ثبت خلال هذا العام هو 48 الف ميغاواط، أي ان العراق شهد مع تغير درجات الحرارة أكثر من 18 الف ميغاواط حمل مطلوب”، لافتا إلى أن “هناك معدل نمو بالأحمال بلغ 20 بالمئة وهذا الارتفاع سبب مشكلة”.
وشهد جنوب ووسط العراق احتجاجات متزايدة بسبب أزمة انقطاع الكهرباء، في وقت تعاني فيه البلاد من ارتفاع كبير في درجات الحرارة، والتي تجاوزت 51 درجة مئوية في 10 مدن، وسط موجة حر تضرب معظم دول العالم، حيث جاءت هذه الاحتجاجات لتزيد من التوترات السياسية في البلاد والانتقادات التي تواجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في التعامل مع الأزمة.
ففي محافظة ذي قار، تطور احتجاج المتظاهرين أمام المحطة الحرارية في الناصرية (مركز المحافظة) إلى اعتصام، ونصب المتظاهرون سرادق الاعتصام في حين توعدوا بتحركات تصعيدية أكبر تجاه المسؤولين في حال عدم توفير الكهرباء.
وفي بابل، أقدم العشرات من متظاهري قضاء الشوملي على قطع الطريق الدولي الرابط بين بغداد والبصرة، احتجاجاً على سوء التجهيز الكهربائي.
وفي واسط، طالب المتظاهرون باسترجاع ما أسموه “حق المحافظة” من الكهرباء، وذلك بعد تصاعد ملحوظ في الغضب المحلي على صعيد المحافظات المعترضة على أخذ حصصها وتوزيعها على باقي المحافظات.
وتكررت الاحتجاجات أيضاً في كربلاء وديالى حيث وصل الأمر إلى التهديد بإطفاء المحطات الكهربائية في المحافظتين احتجاجاً على أخذ الكهرباء منها وإعادة توزيعها على محافظات أخرى.
وفي سياق المطالب، أجمل متظاهرو محافظة ذي قار مطالبهم بنحو 17 نقطة، من بينها “فك ارتباط دائرة إنتاج الكهرباء في ذي قار عن البصرة، وكذلك بناء محطات كهرباء جديدة”، كما تضمنت المطالب زيادة حصة المحافظة من الطاقة الكهربائية.
وزادت مظاهرات الجنوب، واستدعاء محتمل لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى البرلمان، من سخونة أزمة انقطاع الكهرباء، ويُعد فشل السلطات في إنجاز ملف الطاقة رغم الأموال الطائلة التي أُنفقت عليه خلال العقدين الأخيرين (نحو 75 مليار دولار)، من بين أهم عوامل النقمة الشعبية.
ولجأت الحكومة إلى تقليص عدد ساعات الدوام في المؤسسات الرسمية إلى 6 ساعات بدلاً من 8 حتى نهاية شهر آب المقبل، وقال المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر محمد ، إن “دوام الموظفين في بغداد سيكون 6 ساعات، يبدأ من يوم الاثنين، وينتهي في يوم 29 من شهر آب المقبل”.
واحتل العراق، المرتبة الخامسة عربيا و الـ50 عالميا من أصل 211 دولة مدرجة في الجدول كأكبر مستهلكي للكهرباء في العالم حسب مجلة CEO WORLD الأمريكية.
ويستورد العراق في فصل الصيف 70 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني في اليوم لتغذية محطات توليد الكهرباء في البلاد، ويولّد نحو 5000 ميغاواط من الكهرباء بهذه الإمدادات، ويعني هذا التدفق، إلى جانب عمليات الشراء المباشرة للكهرباء من إيران، أن طهران تلبي 40 في المائة من احتياجات العراق من الكهرباء بتكلفة 4 مليارات دولار سنوياً.
ولكن غالباً ما تخفض إيران إمدادات الغاز للعراق، ويساهم ذلك في بعض الانقطاع في التيار الكهربائي والاستياء العام والمشاكل السياسية، وتعزى بعض هذه التخفيضات إلى الطلب المحلي الإيراني.
وفي نيسان 2024، أعلنت شركة توتال اينيرجي على موقعها في الانترنت انها وقعت عقود الأرض وشبكات الربط لمحطة ارطاوي للطاقة الشمسية، وتغطي هذه عملية إنشاء خط نقل عبر الأبراج بطول 180 كم لربطه بشبكة توزيع الكهرباء في البصرة مع نصب محطة توزيع ثانوية.
وقالت شركة توتال ببيان في حينها، إن “المحطة ستكون واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية النظيفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” مشيرة إلى أن “المحطة ستغذي ما يزيد على 350 ألف منزل بالطاقة الكهربائية النظيفة، على أن يكتمل المشروع بحلول عام 2025 عبر أربعة مراحل”.
وفي شباط 2024، قال الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، إنه مع الأسف الشديد دخل الفساد في الكهرباء، هذا السبب الرئيسي للأزمة وأنا لا أخفيه، مشدداً على حاجة شبكة الكهرباء في البلاد إلى عملية تطوير شاملة.
ومنذ العام 2003 ولغاية اليوم، لم تشهد الطاقة الكهربائية في العراق أي تحسن ملحوظ، وفي كل صيف تتجدد التظاهرات في مدن الوسط والجنوب، احتجاجا على تردي تجهيز الطاقة.
أقرأ ايضاً
- رغم المشاكل..العراق وتركيا يتفقان على زيادة التبادل التجاري
- النفط العراقي ينتعش ويتجاوز حاجز الـ70 دولارا
- حتى نهاية الشهر.. الإمارات تعلن إلغاء الرحلات إلى بغداد