بقلم: ابراهيم الحبيب
لا تخلو أغلب الجلسات في مجتمعنا من تخمة الوهم وغياب المنطق، وهو أمر ليس بالخفي أو المثير للاستغراب بل أصبح مألوفاً إلى حد ما، لكن المشكلة تكمن عندما يصدر الوهم والسفسطائية من بعض وجهاء المجتمع والمتصدين للقضايا المهمة، هكذا هو الحال لدى الكثير من الأكاديميين ومدربي التنمية البشرية الذين يصدعون الرؤوس بالكلمات والمتاهات اللغوية التي لا مخرج منها، قتلوا دوراتهم ومناهجهم التي أعدوها بعدم تطبيق ما يغردون به، فتجدهم مهتمين بمهاراتهم في الإلقاء والإقناع فحسب، الأمر الذي جعلنا نسأل هل هم مغردون أم معلمون؟
هل ترون هذا الفجوة الكبيرة؟
إنها مشكلة دفعت بالوطن والمجتمع نحو الهاوية!
فالإنسان يصنع من نفسه شخصًا مثقفًا من خلال فكره وأخلاقه وأسلوبه وتواضعه وتقبله لجميع الآراء وبقراءاته ومطالعاته واختلاطه مع جميع طبقات المجتمع، والمدرب له دور كبير وأثر فعال في نجاح وتنمية وتطوير عمل أي مؤسسة عبر التدريب، وتقع المسؤولية مناصفةً على عاتق الإدارة ورغبتها وجديتها بذلك ثم المدربين بدرجة كبيرة لأنهم عنصر أساسي بعد المتدربين كونهم قادرين على إحداث التغييرات المطلوبة في الأفراد والجماعات، لكن السؤال الأهم من كل هذه العملية هل استطاع المدربون اليوم تغيير أنفسهم وأنماط سلوكهم أم اكتفوا أن يكونوا نواقل للمعرفة؟
إن امتلاك المؤهلات النظرية كافة وعدد الساعات التدريبية والحقائب المعدة وكثرة الفئات المستهدفة والخبرة والمعرفة والمهارة الفنية في طرق التدريب أمر في غاية الضرورة لكنه غير كافٍ وحده لتكون مدرباً ناجحاً، فأساس النجاح والتميز بعد هذه الصفات أن تقول ما تفعل، وتكون مؤمناً بقيمة ما تفعل وقدوةً لمن تدربهم.
وعلى سبيل المثال لا الحصر تخيل معي كيف سيكون شعور متدرب شارك في دورة إدارة الوقت وتأخر عليه المدرب نصف ساعة عن الموعد، أو التقى بمدرب إعلامي لا يفقه أبجديات الخبر الصحفي، أو مدرب فرق العمل وحيدًا لا يستطيع الانسجام مع الزملاء، أو مدرب يقدم حقيبة للتحفيز وهو في الواقع أكبر محبط للمعنويات والقائمة طويلة.
أن تكون مدرباً مبدعاً فهذا يعني الموازنة بين كمية المعلومات التي تقدمها وأفعالك التي تطبقها كي تكون قدوة وليس سفسطائياً تلقي كلاماً عاماً ومثالياً، فلا تُحدث تأثيراً بين الناس والتدريب، فهلّا تذكرت أنك حامل أمانة علمية ومعرفية ورسالة.