- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
طوفان الاقصى يطيح بحلم اسرائيل الكبرى !!
بقلم: سعيد البدري
وسط حالة من الذهول والصدمة ظهر المجرم نتنياهو واركان جيش الدفاع الصهيوني بمظهر الاغبياء، فلم يستطع رئيس الحكومة الصهيونية اخفاء رعبه، فأرعد وازبد وهدد بالانتقام والثأر، موقف مربك عكس القلق المتزايد مما يمر به الصهاينة في الاراضي المحتلة، من الذين بدوا غير واثقين بالمستقبل، وقد اظهروا جديا شعورا بالخوف و قتامة ما ينتظرهم من مصير مجهول، وازاء ما جرى خلال عمليات طوفان الاقصى، يبدو ان احلامهم التاريخية الموهومة قد تبخرت امام ضربات كتائب القسام، تلك الاحلام العنصرية باستمرارية دويلتهم المسخ، التي كانت ومازالت مثار جدل ورفض رغم كم التسويات ومؤتمرات السلام المزعومة، ومحاولات طمس هوية وتاريخ الشعب الفلسطيني المظلوم، ليكتشفوا ان ما حلموا به هو الوهم بعينه، فلا هم بحاضرهم شعب الله المختار، ولا القوة والاكراه ستجعلهم بمأمن من انتقام اهل الدار.
الصهاينة المجرمون وطوال حروبهم، التي وقف الغرب فيها الى جانبهم ضد الفلسطينيين العزل، لم يألفوا مشاهد الندية ولم ينالوا نصيبهم من الهزائم المريرة، الا في حربهم مع المقاومة اللبنانية الظافرة، ولعل تصريحات الشارع الصهيوني بعد تلقي صدمة مشاهد الهرب الجماعي للمستوطنين، عقيب انطلاق عمليات طوفان الاقصى، تشير الى تفكير معمق واستحضار تأريخي لتلك الهزائم، فهم يتجنبون مجرد التفكير بقرب تحقق تلك النبؤات، التي تحدث عنها رجالات وقادة المقاومة، والتي تصرح بنصر الله الوشيك وقرب زوال الكيان الغاصب.
في سياق تاريخي مرتبط بما يحدث من تطورات، يمكننا فهم حقيقة الامر ومساراته بمراجعة الماضي لاستشراف ما يمثله المستقبل، لقد بات للفلسطينيين في ارضهم المحتلة اليوم موقع مختلف على خريطة الصراع، هذا الموقع انطلق من نظرة نافذة، تستهدف حشد المواقف و تدعو الجميع للوعي، وتطوير ذلك الوعي وتحويله لأرادة صلبة تجعل منه نمط حياة وتحد ومقاومة، ارعب تناميها الاعداء فسعوا لحربها ومواجهة اسباب قوتها، لكنها وبعكس امانيهم، نمت وازهرت واشتد عودها، فصارت جبهة اقتدار ترفض الهزيمة والذل، وعي من نوع مختلف، كتب له ان يمكن المقاومين من مواجهة اعتى الجيوش، فمهما كانت الجيوش قوية الا انها تبقى تقليدية محكومة بتقاليد وقوانين جنرالاتها، وهم اليوم في اقصى مراتب الضعف، لأنهم اسرى فكرة لا قضية عادلة، وعقيدة يقاتلون في سبيلها حتى الموت.
في المقابل فأن المقاومة وحركات التحرر الشعبية واسرار بقائها واستمراريتها، نابع من عقيدتها وظروفها وحاجتها وفهمها لطبيعة الصراع وادواته، نعم لا مقارنة بين الاثنين جيش مدجج بالسلاح والامكانيات التقنية، مع قوى عظمى واعلام يقلب الحقائق، وبين مقاومة محاصرة مستضعفة بلا دعم، متهمة بالارهاب، وفي ظل ظروف معقدة كهذه، عادة ما تخسر المقاومة ابطالها وتتضأل الحلول امامها، لكن رهانها على الاستمرار والبقاء وايمانها بالنصر ولو بعد حين، نابع من حفاظها على اصل القضية واحقيتها، وقد تتعاقب اجيال واجيال، لكن الهدف يبقى شاخصا و سيتحقق النصر ويظهر الامر، وأن لا مكان لغاصب محتل، وما بناه اولئك الاوغاد على الباطل فهو باطل بلا جدال، وذلك ما تعنيه شرعية المقاومة وما يميليه عليه واجبها في التصدي والمواجهة.
لقد استعاد مجاهدوا كتائب القسام، كرامة شعب فلسطين التي اهدرتها تسويات الخائنين، كرامة ثأر لها الشجعان فأنطلقوا لانزال القصاص بالغاصبين، وقطعا ان المشهد لم ينته بعد، بل سيطيح بالكثيرين من المجرمين والسفاحين، فهي مواجهة مفتوحة ولن تقف عند حدود غزة، فما هو منتظر اشد واقسى واكثر ايلاما، ولن تطوى صفحاتها واثارها بمحدودية الفعل ورد الفعل، لان تداعياتها كبيرة، وقد كشفت زيف معادلات التفوق وكسرت هيبة جيش المحتلين، نعم هذه الحرب ستكون لها نهاية، رغم كم التضحيات، ومع ما كشفت عنه من عميق الدلالات، لكنها في طريقها لترسيخ معادلات معينة، ليس لدى جمهور المقاومة فحسب، بل ستمتد للتأثير بقناعات من خدعوا بشعارات الصهيونية وافكارها المضللة الضالة، ربما يهزأ البعض بنتائج الحرب ويشمت بالمقاومين، لكن هؤلاء لا يفهمون دلالات ما تحقق، وما مثل من بداية ومقدمات لفصول الانتصار، وربما يقطعون بغير ذلك، ويرون النصر بعيدا لكننا نراه قريبا، وهو قريب جداً.