لم يكن في حسابات طبيبة عراقية ان تفتتح مفرزة طبية لتقدم اكبر قدر ممكن من الخدمة الطبية لزوار ابي عبد الله (عليه السلام)، لانها كانت تشارك بخدمتهم منذ عام 2003 في المفارز الطبية الخاصة بوزارة الصحة، لكن حلما ونذرا تسابقا على التحقق والايفاء، جعلاها تنصب مفرزة طبية في موكبا حسينيا خدميا لتقديم الخدمات للمشاية على الطريق الرابط بين كربلاء المقدسة والنجف الاشرف، وهكذا اصبحت تقدم الخدمات منذ (15) عاما، مع مشاركتها في جميع المبادرات المجانية التي تطلقها العتبة الحسينية المقدسة وآخرها مبادرة عطاء الامام الحسين (عليه السلام).
سيرة وخبرات
تفتتح الدكتور خديجة الوائلي طبيبة الاشعة التشخيصية التي عملت في مستشفيات وزارة الصحة في محافظات بغداد وصلاح الدين وميسان وانهت خدمتها في مجلس السرطان بوزارة الصحة حيث عملها في الكشف المبكر عن سرطان الثدي بواسطة الاجهزة المتنقلة على عربة خاصة وتعطي التوعية للنساء في المؤسسات ومنها في المراقد الدينية، حديثها لوكالة نون الخبرية بالقول" عملت بعد تقاعدي لمدة سنتين في مستشفى زين العابدين التابع لهيئة الصحة والتعليم الطبي في العتبة الحسينية، وشاركت بجميع المبادرات الطبية المجانية التي اطلقتها العتبة المقدسة خلال تلك المدة، واكثرها تأثيرا هي مبادرة عطاء الامام الحسين (عليه السلام) وهي الاطول مدة والاشمل انسانية، حيث يجد المريض كل الاستشارات والفحوصات والعمليات الجراحية والعلاجات مجانية واستنفرت جميع الملاكات الطبية والتمريضية والفنية والخدمية، ورغم ضغط العمل على الملاكات لكنهم يعملون دون كلل او ملل لساعات طويلة بعد الدوام الرسمي، وعلى سبيل المثال تجري المستشفى تقريبا يوميا (70) فحصا للرنين و(90) فحصا للمفراس و (250) فحصا للسونار".
الخدمة الحسينية الطبية
كنت احضر كل عام متطوعة في المفارز الطبية ولم يكن في حساباتي ان افتتح مفرزة طبية خاصة بي، هكذا تكمل الوائلي حديثها وتستمر بالقول "انا الذي شربت حب الحسين من حليب امي حيث كنت اصاحبها وعمري (14) عاما في زمن النظام المباد، بالسير ليلا وسرا من منطقة الحويش في النجف الاشرف الى كربلاء المقدسة، ونسير بين البساتين ونحن نسوة خائفات، وتضع لنا العائلات خبزا وتمرا وطعاما عند جذوع النخل ونارا للإضاءة في قناني زجاجية وفتيلة مثبتة بالتمر، ونتحمل الاخطار التي قد تودي بنا الى الموت، وكنت منذ اعوام مضت اسجل اسمي على قرعة الذهاب لاداء مناسك الحج ولكن لم يحالفني الحظ، وتملكني الحزن لأعوام، فقررت في العام 2009 ان ازور الامام الحسين (عليه السلام)، سيرا على الاقدام ونذرت ان تحقق حلمي ورزقني الله حج بيته الحرام، افتتح مفرزة طبية على طريق المشاية، ، وكان اسمي حينها في قوائم الاحتياط ولم يحالفني الحظ، لكن عند مجيئي الى الدوام بشرني موظف في المستشفى باني اسمي ظهر مع الذاهبين لاداء الحج في ذلك العام، وانتابتني نوبة من البكاء والصراخ والفرح، واوفيت بنذري ونصبت مفرزتي في موكب اهل زوجي "بضعة محـمد" ولديهم ارض واسعة على طريق كربلاء المقدسة، وكان مختص بتقديم الطعام والمنام".
نصب وتمويل وبناء
وتكمل الوائلي حديثها بالقول "طلبت منهم ان أكون شريكة بالتمويل للخدمة، فوافقوا ونصبت مفرزة طبية في الموكب عبر خيمة واحدة ثم صارت اثنين وتضاعفت الى ثلاثة، وعندما وجدت ان الاعداد تتزايد وعندنا معاناة في ايصال الادوية والمستلزمات قمت ببناء الغرفة الاولى للصيدلية والضماد والمنام على نفقتي والتحق معي في الخدمة مؤسسي الموكب، وزادت الخدمة، فأضفت غرفة اخرى للفحص وفوقها منام للملاك الطبي النسوي، وفي كل عام اشتري كل الادوية والمستلزمات الطبية من حسابي الخاص، وافتتح المفرزة في الاول من شهر صفر الخير رغم قلة المشاية حينها، ونباشر الذروة منذ السابع من صفر، وهذا العام الاعداد كبيرة جدا واعزز الرصيد من الادوية يوميا لانها تنفذ بسبب كثرة المراجعين، ونقدم الخدمة سنويا الى اكثر من (15) الف زائر، واصبح زبائن المفرزة كثيرين جدا من العراقيين والعرب والاجانب لانهم حسب ادعائهم يجدون البركات في هذا المكان، ويعمل معي على وجبات (3) اطباء ممارسين وممرضين وممرضات، ومنهم (10) نساء يقدمون الخدمات للزائرات، وانا اعمل من الصباح الى المغرب في مستشفى زين العابدين الجراحي التابع للعتبة الحسينية، واحضر بعدها الى المفرزة لخدمة الزائرين واستمر بالعمل لساعات طوال خلال اليوم وأحيانا لا انام، واغلب الحالات المرضية التي نعالجها هي الامراض المزمنة مثل الضغط والسكري والاجهاد وضيق التنفس وضربة الشمس وامراض الجهاز الهضمي والتسمم وفقاعات كفوف الرجلين، وانقذنا حالات كثيرة منها اصابات بحوادث سير اجري لهم الاسعاف الفوري، وتنظيم دقات القلب لاشخاص تتدهور حالاتهم ونعالج مصابي الربو، وفقدان الوعي ونحيلها الى المستشفيات".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة