تحتاج ذي قار (نحو 350 كلم جنوب بغداد) إلى أكثر من 130 ألف وحدة سكنية، من أجل فك الاختناق السكاني الذي تعانيه، لكن تحقيق هذا المطلب يبدو بعيداً بحسب المسؤولين والمتخصصين في المحافظة التي تحتل المرتبة الرابعة في الكثافة السكانية بين محافظات البلاد.
فلا المجمعات السكنية المنشأة حديثاً حلت هذه الأزمة، ولا قطع الأراضي التي وزعتها دوائر البلديات في المحافظة، فقد أكد مسؤولون في قطاع التخطيط والسكن، أن المجمعات تجارية بحتة وأسعارها مرتفعة، والأراضي التي توزع غير موصلة بالخدمات.
وتقول مديرة التخطيط في ذي قار، يقين كريم، إن "المحافظة بحاجة في الوقت الحالي لـ131 ألف وحدة سكنية، من أجل القضاء على أزمة السكن وفقاً لبيانات العام 2022، وهذه الأرقام لا تزال تتزايد، إذ يشكل قضاء الناصرية (مركز المحافظة) لوحده 33 بالمئة من نسبة العجز السكني، أي أنه بحاجة لـ43 الف وحدة سكنية".
وتضيف كريم، أن "الوحدات السكنية التي تم إنشاؤها عن طريق الاستثمار، وتجاوزت الـ20 ألف وحدة سكنية، وقطع الأراضي التي تم توزيعها من قبل دوائر البلدية، والتي بلغت قرابة الـ40 ألفاً كان من المفترض أن تسد نسبة عالية من العجز، إلا أن ما يحصل هو أن هناك أشخاصاً يقومون بشراء أكثر من وحدة سكنية في قطاع الاستثمار، أما قطع الأراضي السكنية الموزعة من البلديات فتعاني من عدم إيصال الخدمات، وبالتالي يتم ركنها دون سكن، لذا يضطر المواطنون إلى محاولات شراء وحدات سكنية داخل المدن".
ويعاني العراق نقصا حادا في قطاع السكن مع ارتفاع في أسعار مستلزمات المعيشة، لاسيما مع التقلبات في سعر صرف الدولار، الذي رفع أسعار الوحدات السكنية، فضلا عن عدم توفر الخدمات المطلوبة للأراضي السكنية الموزعة من قبل الحكومة التي تركن جانبا لعدة سنوات بانتظار أن يتم شمولها بالخدمات، وقد تمتد هذه المناطق من غير خدمة لعشر عشر سنوات أخرى في ذي قار.
من جانبه، يبيّن رئيس استثمار ذي قار علي الدخيلي، أن "النظام الذي يتم العمل به في القطاع الاستثماري هو نظام تجاري خاضع للعرض والطلب، فلا ضوابط تحدد عدم شراء أكثر من وحدة سكنية للشخص المستفيد لأن الموضوع تجاري بحت، وأن هيئة الاستثمار عملت منذ سنوات عدة على دعم قطاع السكن عبر إنشاء مجمعات سكنية في عموم المحافظة".
ويكشف الدخيلي، أن "المحافظة في نهاية العام الحالي ستصل وحداتها السكنية في مجال الاستثمار، إلى أكثر من 20 ألف وحدة سكنية، فضلا عن منح رخص استثمارية لإنشاء وحدات سكنية جديدة وفي كل الأحوال يتم الأخذ بنظر الاعتبار أي فرصة استثمارية لا بد من خضوعها للجدوى الاقتصادية من المشروع".
وفي ظل أزمة السكن، تضم المحافظة أكثر من 30 ألف وحدة سكنية عشوائية بواقع 336 تجمعاً سكانياً عشوائياً بمناطق مختلفة، وهذا الأمر أيضا يشكل أزمة وخللا للتصاميم القطاعية داخل المدن.
بدوره، يفيد الخبير الاقتصادي علي الشامي، بأن "طريقة توزيع قطع الأراضي السكنية من خلال دوائر البلديات غير ناجحة وغير فاعلة، فمن غير الممكن أن يقوم المواطن بإنشاء دار في منطقة صحراوية غير مخدومة بالبنى التحتية، ويتأمل بعد عدة سنوات أن تصلها الخدمات كي يمكن إنشاؤها، فضلا عن قطاع الاستثمار الذي يواجه أيضاً مشاكل كثيرة وفي مقدمتها استيفاء المبالغ المالية من المشتري وفي حال أي تلكؤ يعرقل العمل".
ويجد الشامي، أن "الطريقة المثلى لهذا الأمر في أن يكون للحكومة المحلية دور عبر التعاقد والتنسيق بين المواطن الذي لا يمتلك أي قطعة أرض سكنية، وإبرام اتفاق بالحصول على وحدة سكنية متكاملة من خلال قرض المصرف العقاري وإحالة مقاطعة متكاملة للبناء كمقاولة وليس استثمار، خصوصاً أن المواطن يملك الثقة في الدوائر الحكومية ليقوم بتسديد المبلغ، فالمؤسسات الحكومية هي أكثر ضمانا، ويمكن بذلك في فترة وجيزة إنشاء وحدات متكاملة البنى التحتية وبهذا تحل الأزمة وعكس ذلك سنبقى نعاني منها لفترات".
وتعد محافظة ذي قار رابع محافظة بالتعداد السكني، ووفق آخر تقدير للجهاز المركزي للإحصاء فإن سكان المحافظة تجاوز المليونين و230 ألف نسمة، كما تسجل المحافظة نسباً عالية في الفقر والبطالة، وتعاني من أزمة كبيرة بمشكلة السكن، فضلاً عن السكن العشوائي المنتشر بعموم المحافظة الذي يشكل هو الآخر عامل ضغط على السكن في داخل المدينة.
من جهته، يرى عضو غرفة تجارة الناصرية ماهر طوبيا، أن "إنشاء دور واطئة الكلفة هو واحد من الحلول المهمة والسريعة لحل هذه الأزمة شرط إلزام المستثمر بتسعيرة محددة بدل الأسعار التي يتم طرحها بشكل مبالغ والتي تقف عائقا أمام المواطن من الحصول على وحدة سكنية".
ويضيف طوبيا، أنه "من غير المعقول أن يتمكن الموظف ذو الراتب المحدود من شراء وحدة سكنية استثمارية بمبالغ تصل إلى 140 مليونا أو أكثر من ذلك".
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "