بقلم: علي حسين
كان لي كوان قد تسلم السلطة في سنغافورة عام 1965 والبلاد تعاني من الافلاس، الخزينة خاوية، وماليزيا قررت طرد هذه الجزيرة الصغيرة لتواجه مصيرها، بعد عشر سنوات تتفوق سنغافورة على ماليزيا وتصبح واحدة من النمور الآسيوية، في مذكراته التي أطلق عليها عنوان "من العالم الأول إلى العالم الثالث" يكتب لي كوان؛ إن الصراحة وكشف الحقائق أمام الناس هي التي تبني بلاداً قوية.. يحزننا ياسيدي السنغافوري العظيم أن نقول إن الحقيقة لدينا هي مجرد مذكرات كاذبة، يسعون لإيهام الناس بأنهم حققوا المعجزة العراقية، وتفوقوا على سنغافورة بزمن قياسي.
تُكتب المذكرات عادة من أجل البوح بالحقيقة، وقد وضع كبير فلاسفة فرنسا جان جاك روسو مذكراته تحت عنوان "اعترافات" فيما أصر ابراهيم الجعفري ان يذكرنا ان تجربته في الحكم كانت هي الافضل، ولم يترك لنا مجالا لان نقول له لماذا يارجل سعيت الى تحويل العراق الى بلد من بلدان الدرجة العاشرة. في مذكرات "المرحوم" لي كوان نقرأ عن تحول سنغافورة من جزيرة مهملة إلى بلاد تنافس كبرى الدول على المراكز الأولى في سعادة الإنسان، جاء الرجل النحيف من جزيرة غارقة في الأمراض والتخلف، طلب من الناس أن تعمل لا أن تهتف له.
تمنيت أن يقرأ جميع الساسة العراقيين، من الذين قرروا أن يكتبوا مذكراتهم، والتي ابتدأت بتجربتي للعلامة إبراهيم الجعفري ولم تنته طبعاً بالكتاب الذي اتحفنا به مؤخرا القيادي في دولة القانون ياسين المجيد "الثمان الصعبة"، وما بينهما من كوميديا الزبيدي ومنجزات الشهرستاني وعلوم سليم الجبوري.. والمواطن المشاغب من أمثالي بانتظار مذكرات احمد الجبوري "ابو مازن".
تمنيت على أصحاب هذه المذكرات أن يقرأوا مذكرات عدد من الساسة الذين صنعوا تاريخ بلادهم، ونستون تشرشل وشارل ديغول وصانع ماليزيا مهاتير محمد، فسوف يتبين لهم بوضوح معنى الحكم، فقد كان لدى هؤلاء الساسة الفهم الحقيقي لمعنى الشعور الوطني، ديغول فرنسا يكتب متأملاً الآفاق الواسعة لفرنسا، فيما تشرشل يعيد كتابة التاريخ، ليسطر هذه الكلمات: "المتعصب هو شخص لا يريد أن يغير رأيه ولا يريد أن يغير الموضوع، فيما اصر مهاتير محمد ان يواجه تحديات البطالة والفقر، فكان الحل بإقامة المشروعات الكبرى، وجلب الاستثمارات الأجنبية.
سيقول البعض يارجل؛ مالك تعيد وتزيد في حكاية سنغافورة وماليزيا واليابان، ولا تريد أن تلاحق المثير وتلقي الضوء على مذكرات السيد ياسين المجيد؟، الذي اخبرنا مشكورا ان السنوات التي قضاها مع السيد نوري المالكي كانت ازهى عصور التقدم للعراق، ووضعت بلاد الرافدين في مصاف الدول الكبرى، وبالتاكيد لا ينسى السيد مجيد ان يذكرنا بالمؤامرات الامبريالية ضد حكومة دولة القانون.