- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العراق بين طريق الحرير وطريق التنمية
د بلال الخليفة
الجزء الأول: طريق الحرير والحزام
منذ عدة سنوات والصين تسعى الى إعادة مجد طريق الحرير ولكن هذه المرة ليس لتجارة الحرير بل لإنشاء حلف اقتصادي يمتد على عدة مسارات تمتد من الصين شرقا الى أوروبا عن طريق روسيا وعن طريق إيران وتركيا والى افريقيا أيضا باتجاه الغرب. الهدف في بدايته اقتصاديا (تجاريا فقط) لكن خلفه أغراض سياسية وتشكيل محور عالمي جديد مقابل المحور الغربي الأمريكي، وكذلك استبدال النظام الحالي باخر يكتب بأنامل شرقية وبدأت منذ سنوات في وضع لبنات في صرح المحور ومنها الاحلاف ومنها شنغهاي وبريكس وأخرى اقتصادية مثل بورصة شانغهاي للبترويوان ونظام تحويل مالي بديل السويفت الغربي وكذلك انشاء البنك الاسيوي الذي هو قبال البنك الدولي. مختصر طريق الحرير هو حلف عالمي جديد مغلف بإطار اقتصادي يضم الدول التي تختلف مع المحور الغربي الأمريكي او الدول التي ظلمت من قبل الغرب وتريد ان تتحرر من سطوتها. لكن هل يمر طريق الحرير في العراق؟ ان الكلام أعلاه وضح لنا ان طريق الحرير هو حلف اقتصادي من الظاهر لكن في داخله حلف سياسي ومن الممكن ان يتحول مستقبلا عسكري (يحتاج وقت طويل)
1- في حالة كون الطريق مادي اقتصادي أي ان الطريق هو عبارة عن مسار للسفن او القطارات او الشاحنات، العراق من الممكن ان يمر فيه طريقان وهما: الأول: عن طريق ديالى اتيا من الجمهورية الإسلامية متجها الى تركيا او سوريا. الثاني من الجنوب: وفيه احتمالان: الاحتمال الأول: من ميناء الفاو ولكن هنا تظهر عقبة دولة الكويت لأنها تمتلك ميناء المبارك الكبير وكما هي عضو رئيسي في البنك الاسيوي الذي هو الراعي الرسمي لطريق الحرير بينما العراق هو عضو حوار أي لا يمتلك قرار داخل البنك وبالتالي راي الكويت مقدم عند الصين على راي العراق لكن من الممكن ان تأتي البضائع التي تزيد عن طاقة ميناء المبارك الكبير الى ميناء الفاو. الاحتمال الثاني وهو الأرجح: ان يكون العراق ممر للبضائع التي تأتي من الكويت او السعودية او الامارات وخصوصا ان الامارات تمتلك البنية التحتية الجاهزة لاستلام وتحميل وتفريغ البضائع والتي لا ينتلك العراق أي شيء منها، اما السعودية فقد دخلت وبقوة في التحالفات مع الصين ولذلك من الممكن ان يكون طريق البضائع من موانئ السعودية او الامارات ومن ثم تمر بالعراق الى تركيا وأوروبا.
2- في حال ان الطريق حلف سياسي اقتصادي غير مادي ان طريق الحرير وكما قلنا سابقا هو حلف اقتصادي في بدايته والذي سيتحول الى سياسي ومن ثم عسكري وبالتالي ان العراق مهم جدا في هذه الخارطة كونه يمتلك مكانه كبيرة في مراكز الطاقة العالمية حيث يحتل العراق المركز الثالث في توريد النفط للصين واولا في توريد النفط للهند وبالتالي ان المحور الشرقي مهم جدا للعراق الذي يعتمد في معظم ايراداته النفطية على الشرق والتي تحتل 90 % من ايراداته العامة وبالتالي لو استبدلت الصين والهند العراقي ، النفط العراقي بنفط من دول أخرى فهذا يعني ان العراق لن يستطيع دفع ربع رواتب موظفيه. وبالتالي ان الطريق والحزام مهم للصين ومهم أيضا للعراق.
الجزء الثاني: طريق التنمية
جوهر طريق التنمية هو بناء مسار يتكون من طريق للشاحنات واخر سكة للحديد من الجنوب ويمتد الى الشمال ومن ثم تركيا، وحسب ادعاء القائمين عليه ان الطريق يبدا من ميناء الفاو أي التفريغ يكون فيه وهنا لنا الحق في طرح التساؤلات الاتية
1- الميناء لم يكتمل واعتقد انه لا يكتمل لتدخلات خارجية تم التنويه عنها أعلاه. وحتى وان اكتمل فان طاقته الاستيعابية بسيطة بالمقارنة بموانئ دول الجوار والمنطقة ومنها السعودية والامارات.
2- العراق غير مستقر سياسيا وامنيا وهذا سبب تأخر التحاق العراق بالأحلاف الشرقية ومنها الحرير. وكما نعلم ان راس المال جبان وبالتالي ان التجار من غير الممكن ان يجازفوا بالمرور بمناطق غير مستقرة.
3- العراق عجز عن حماية قطارة القديم من حجارة الأطفال ومن البناء فوق سكته فكيف يؤمن طريق يمر فيه مواد لدول اجنبية، ولدينا تجارب مع الشركات النفطية الأجنبية فان المواطن الساكن قرب الحقول النفطية يخرج مظاهرات يومية كي يتم تعيينهم في الحقول رغم عدم حاجة العمل لهم وكذلك يقطعوا الطريق امام الشركات كي يتم تأجير سياراتهم وإعطاء عقود لشركاتهم، حتى ان بعضهم استهواه الامر فيقول (ارمي طلقتين في الهواء وبعدها اكسب ما اريد).
4- لا يوجد تخصيص مالي في الموازنة للطريق فمن اين يتم تمويله
5- لا يحتوي الطريق على معامل لان المعامل والمصانع التي أعلنت عنها الحكومة هي اثنين وهما مشروع البتروكيمياويات وهو قديم جدا والأخر مصفى الفاو وهو أيضا قديم وبالتالي لا مصانع ولا دعم للصناعة في طريق التنمية.
6- العراق في التنمية هو عبارة عن طريق فقط ستكون ايجابياته في امرين أ- أجور ترانزيت للبضائع ب- توجد محطات للاستراحة كمطاعم ومحطات وقود ومحطات صيانة وهذه المحطات قد أعطيت سلفا كاستحقاق (محاصصة) للأحزاب المتنفذة.
7- ان العراق فشل في جميع مشاريعه الا التي اعتمد فيها على الشركات الأجنبية مثل النفط وهذه الفقرة رغم ايجابياتها من حيث جودة العمل الا انها كلفتها عالية جدا وتكلف الموازنة الشيء الكثير وعلى سبيل المثال ان الشركات النفطية تأخذ بحدود عشرة مليارات دولار سنويا ككلف بتولية وارباح.
8- ان الطريق سيتم العمل به من الشمال أي ان الطريق سيخدم الإقليم أولا ومن ثم ان الإقليم سيأخذ عليه ترانزيت باعتباره يتصرف كدولة مستقلة.
9- المنفذ مع الشمال سيكون تحت سيطرة الإقليم وبالتالي ان العوائد ستكون للإقليم ولا يستفيد العراق منه شيء.
الجزء الثالث: الفرق بينهما
1- ان الاثنين هما متشابهان من حيث ان العراق سيكون ممر للبضائع، لكن الحرير توجد فيه وعود (وهذا غير ثابت).
2- الحرير يعني انه الاتجاه والحلف يكون مع القوى الجديدة الصاعدة حتما وهو محور شانغهاي وبريكس بقيادة الصين وروسيا. اما طريق التنمية فهو سد الطريق على الحلف مع الشرق والاستعاضة عنه بدول متحالفة مع الغرب وهي العربية.
3- ان الاستثمار من قبل دول الجوار فيه محاذير سياسية وامنية وان طريق التنمية هو سيكون باستثمار من دول الجوار والمقترح ان تكون تسع دول.
4- طريق التنمية فيه شيء غريب ان الجهة الاستشارية للمشروع هي شركة إيطالية وان الجهة الاستشارية للموانئ هي إيطالية أيضا وهي التي استبعدت الشركات الصينية واستبدلتها بالكورية التي هي مملوكة لشركات غربية، وهذا مثير للريبة وخصوصا ان اختصاصها بعيد عن النقل.