- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بعض الإختلافات بين التعليم العالي في العراق والدول الغربية
بقلم: محمد الربيعي
كل دولة في العالم مجهزة بشكل ما من أشكال انظمة التعليم، وقد تختلف هذه الانظمة اختلافا كبيرا. العوامل الرئيسية التي تؤثر على أنظمة التعليم هي الموارد والأموال التي يتم استخدامها لدعم تلك الأنظمة في الدول المختلفة، وكذلك كيفية تنظيم التعليم وإدارته. وكما قد نتوقع، يرتبط الانفاق على التعليم بحجم ثروة البلد. لكن هذه القواعد لا تنطبق على كل البلدان حيث يمكن استثناء الدول الفاسدة من هذه القاعدة. وتعتبر عواقب الفساد مصدر قلق اجتماعي للبلدان الغنية التي ينتشر فيها الفساد كالعراق.
لقد أصبح التعلم في القرن الحادي والعشرين عالميا. لذلك ليس من المهم فحسب، بل من الضروري أيضا أن نولي أهمية لإصلاحات التعليم في بلدنا. تحتاج معايير مناهجنا إلى الارتقاء مقارنة بالبلدان الأخرى بالاستناد على معايير عالمية. انا دائما اتسائل، هل نقوم بما يكفي لإعداد طلابنا للمنافسة بفعالية في اقتصاد عالمي صعب مناسب للقرن الحادي والعشرين وتأهيلهم لسوق العمل الوطني والعالمي بكفاءة؟
قد يكون هناك من امور يمكننا أن نفخر بها ولكن بالتأكيد هناك أكثر من ذلك بكثير مما يمكننا تعلمه من البلدان الأخرى حول العالم. لربما في ذلك بعض التبرير لاجراء مقارنات بين نظامنا التعليمي والانظمة العالمية. ولهذا في هذه المقالة ساقوم بتوضيح بعض الاختلافات (مع التحفظ بوجود شواذ) في التعليم العالي بين العراق والدول الغربية (بريطانيا وأمريكا بالخصوص) والتي لاحظتها خلال وجودي في جامعات دول العالم المتطورة خلال رحلتي الطويلة فيها.
اختيار الاختصاص
بقدر ما يتم النظر في الاختيار الرئيسي، فهو مرن للغاية، يمكنك تغيير تخصصك في أي مرحلة من مراحل دراستك الجامعية، كما أنه من الشائع هنا أن يكون لديك تخصصان أو أكثر في إحدى الشهادات. تستطيع التغيير بغض النظر عن التخصص الذي التحقت به لأول مرة. لا توجد قواعد صارمة لتغيير تخصصك.
في العراق، هذا الوضع لامتلاك تخصصات متعددة ليس شائعا، ولا شك أن الطلاب العراقيين في العديد من الجامعات لديهم خيار تبديل تخصصاتهم في مرحلة القبول شرط ان تكون متطلبات المعدل اقل من الاختيار الاول، وفي العراق لا يمكن للطلاب دراسة الماجستير او الدكتوراه في تخصص مختلف بدلا من تخصصهم في البكلوريوس الا نادرا.
صفوف الدراسة
لن يكون خطأ إذا قلت أن ثقافة غرف الصفوف في الجامعات الأمريكية والبريطانية تختلف تماما عن تلك الموجودة في العراق في كلا الجانبين: سلوكيات الطلاب /التدريسيين وتوافر الموارد.
لدى التدريسي الغربي موارد متاحة في غرفة الصف أكثر من تلك المتوفرة للتدريسي العراقي، فمعظم غرف الصف في كل جامعة هي غرف صفية ذكية، ويمكن للمدرسين تسجيل محاضراتهم التي تكون متاحة بسهولة للطلاب في وقت لاحق. على سبيل المثال، بالنسبة لجميع الكليات والجامعات، أصبح التعلم عن بعد والاتصال عن بعد والمنصات المتنقلة والفيديو تقنيات شائعة تنشرها تكنولوجيا المعلومات للطلاب وأعضاء هيئة التدريس. تسجيل المحاضرات ليس شائعا في العراق ولكن تم تجهيز الجامعات العراقية بأنظمة تسجيل المحاضرات والتعلم عن بعد يحقق تقدما بالرغم من الصعوبات والمعارضة الشديدة التي يواجهها.
سلوك التدريسيين مع طلابهم أكثر ودية وأكثر اهتماما مما هو عليه في العراق، والدراسة في الصفوف الجامعية العراقية مملة برأي الطلبة. كما ان مظاهر البيئة الاكاديمية خارج القاعات الدراسية والتعلم الذاتي ضعيفة على عكس ما تلاحظه في الجامعات الغربية.
جودة التعليم
عندما نتحدث عن جودة التعليم في العراق والدول الغربية، فمن الواقع أن العراق بشكل عام بعيد عن البلدان المتقدمة في هذه المقارنة.
أثناء المقارنة، تتبادر إلى الذهن نقاط مختلفة من تطوير المناهج إلى أساليب التدريس وسلوكيات الطلاب.
إذا قارنت سلوك الطلاب، فالطلاب الأمريكيون والبريطانيون أكثر حرصا على تعلم أشياء جديدة، فهم لا يلتزمون فقط بعملهم الدراسي والصفي. في حين أن هذا الاتجاه ليس شائعا في العراق بل هو معدوم تقريبا، فإن إحدى المآسي في العراق هي أن الطلاب لا يقرؤون الكتب الدراسية ولكن فقط عروض PowerPoint والملزمات ويهتمون بالحفظ واجترار المعلومات، وتهمل جوانب التفكير النقدي والتحليلي.
بقدر ما يتعلق الأمر بأسلوب التدريس، في الصفوف الدراسية بالولايات المتحدة او بريطانيا، يقوم التدريسيون بإشراك الطلاب في أنشطة تفاعلية مختلفة وحل المشكلات، واستخدام الاوراق البحثية ومناقشة سيناريوات واقعية أمر شائع. المحاضرات ليست مملة وسهلة الفهم في الكليات والجامعات الغربية، والتدريب يتم جنبا الى جنب التعليم.
تعد الجامعة في امريكا او بريطانيا مكانا لتدريب الطلاب وتطورهم وليست مجرد مكانا للدراسة والحصول على الشهادة، بينما في العراق لا يزال التوجيه متركزا إلى النتيجة المتمثلة في الشهادة والدرجة وليس الى عمليات التعليم والتعلم.
التدريسي
في الجامعات البريطانية والامريكية محصلات التدريسي الرئيسية للحصول على وظيفة تدريسي تشمل الدكتوراه وخبرة ما بعد الدكتوراه وحصيلة كبيرة من البحوث او الخبرة الصناعية ولا تقف شروط التعيين عند هذا فالتنافس له اهمية في اختيار الافضل ولا يتعين الا الافضل.
ويمنح التدريسيون الاستقلالية لتطوير المناهج وهي مهمة يعتبرها كل تدريسي جزءا اساسيا من وظائفه.
ميزانية التدريسي الغربي للتعليم والبحث كبيرة جدا مقارنة بميزانية التدريسي العراقي والذي في معظم الاحيان لا يمتلك اي اموال يتحكم بها.
دور التدريسي يختلف ايضا عنه في العراق. فبسبب التقنيات الجديدة المتاحة، لم يعد التعلم يدور حول المدرس والتدريس. ينصب التركيز في الجامعات الغربية على القدرة على العمل بنشاط والاستفادة من المعرفة بدلاً من تلقيها بشكل سلبي كما هو شائع في العراق.
خدمة المجتمع في جامعات بريطانيا وامريكا
يعد العمل التطوعي وخدمة المجتمع في الجامعات الغربية أمرا شائعا للغاية، ويؤمن الطلاب بأن خدمة المجتمع تساعدهم على تحسين شخصيتهم ورضاهم.
تجري الجامعات أبحاث لها تأثير مباشر على المجتمع والفرد. وتقود الجامعات التنمية الاقتصادية من خلال الابتكار والتعاون مع القطاع الخاص. انها تتعاون مع جهات خارجية واجنبية لحل التحديات المجتمعية الملحة. وتسعى الى غرس الشعور بالمسؤولية المدنية في الطلاب.
لسوء الحظ، هذا الاتجاه ضعيف وليس شائعا ابدا في العراق.
استنتاج
شحة الموارد هي فرق رئيسي وسبب اساسي للفروق في التعليم، والحاجة اليوم هي تعديل تقنيات التدريس وتدريب المدرسين، وهناك أيضا حاجة إلى تقديم المشورة للطلاب ومساعدتهم على بناء موقف إيجابي تجاه التعلم الفعال.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- التسرب من التعليم
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى