- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
سلم رواتب الموظفين والحلول المنقوصة
بقلم: د. بلال الخليفة
المتتبع لسلسة الحكومات العراقية الماضية والحالية، لا يتفاجأ حينما يسمع او يرى أحد رجالات الدولة وهو يعطي حل للمشاكل التي يعاني منها العراق ويكون هذا الحال لعلاج الظواهر لا أصل المشكلة أي كالذي يصف علاج مسكن الالام ويترك الفيروس او البكتريا دون ان يصف لها العلاج.
العراق لم يشهد أي سياسة اقتصادية واضحة ولم يضع أي خطة خمسية او عشرية او حتى سنوية لعلاج المشاكل الاقتصادية الكثيرة جدا.
أحد تلك المشاكل هي ان العراق يكون معظم نفقاته هي تشغيلية وتكون بنسبة أكثر من 75 % من الموازنة العامة الاتحادية واما حجم الرواتب من الموازنة التشغيلية تكون بنسبة تصل الى 65 %، وهذا يعني ان العراق ماضي الى الإفلاس في اول ازمة ستمر علينا ولدينا شاهد على هذا الادعاء وهي الازمة التي شهدها العراق في ابان ازمة جائحة كورونا، عندما وصل سعر برميل النفط الى الدولار الواحد او ما دون وحينها لم تستطع الحكومة العراقية ان تدفع رواتب الموظفين ولذلك ذهبت الى تخفيض عملة الدينار العراقي مقابل الدولار من 1182 دينار الى 1460 دينار وهذا أدى الى زيادة معاناة المواطن لان أسعار السلع ارتفعت بنسبة 23.5 % ونحن نعلم ان هذا الحل هو مخالف لجميع الحلول المنطقية الاستراتيجية بل هو حل وقتي لكن الحكومة وكعادتها لا تمضي بالحلول الاستراتيجية وتكتفي بالحلول الوقتية.
ان مشكلة الموازنة والنفقات تكمن في عدة مواطن للضعف ومن أبرزها هي الحجم الكبير من النفقات يذهب الى الرواتب والتقاعد، وان الحكومة اتخذت عدة خطوات من شانها حل هذه المشكلة وأشارت الى تلك الحلول في الورقة البيضاء التي قدمتها الحكومة وطبقت أحد تلك التوصيات في موازنة عام 2021 وهي الغاء الحذف والاستحداث في وزارات الدولة وهذه الخطوة هي من شانها تقلل الترهل الكادر الوظيفي والبطالة المقنعة وبالتالي تقليل النفقات التشغيلية والرواتب منها بالخصوص.
الحكومة تخالف لقراراتها وتوجهاتها فهي من جهة لغت الدرجات الوظيفية للمنقولين او المحالين على التقاعد او المتوفين ومن جهة أخرى تعين الالاف تلو الاف بدون خطة ولا دراسة ولغرض حزبي واعلامي لا أكثر وتضرب قانون الموازنة العامة الاتحادية والورقة الإصلاحية البيضاء عرض الحائط وتزيد من حجم النفقات التشغيلية في الموازنة.
اخر تخبط مرت به الحكومة هي انها تريد تعديل قانون رواتب الموظفين، الى هنا الامر جيد ونحن قد دعينا الى ذلك قبل شهر او أكثر في مقالة لنا، لكن غرض السلم الجديد وحسب ما أعلن عنه أحد أبرز رجالات الدولة الحالية هو تقليل مخصصات أصحاب الشهادات، لذلك أقول له:
1 – من الاجدر معالجة السبب الرئيس في الشهادات وهي
أ – إعطاء الموافقات لجامعات أهلية وأصبحت بأعداد غير معقولة وخالية من الرصانة.
ب – عدم الموافقة لإضافة أي شهادة اثناء الوظيفة الا عن طريق خطة تعدها الوزارة وفق احتياجها، للعلم هذا المسؤول اخذ شهادتين وهو موظف دون ان يأخذ إجازة دراسية، من الأمثلة على هذه المشكلة هي ان أحد الأقسام وهي قسم التبريد يتكون من 20 موظف وفيه مهندسين اثنين لكن بعد الزيادة الكبيرة في الجامعات الاهلية ان أكثر من 15 موظف حصل على البكالوريوس وبالتالي حدثت مشكلة في إدارة القسم لان أصحاب البكالوريوس رفض العمل كفني ويطالب الإدارة العليا في ان يتسنموا مناصب ومسؤوليات.
2 – إقرار قوانين للتمييز بين الجامعات الحكومية والجامعات الاهلية وعلى سبيل المثال يجب التمييز في القبول للوظيفة، بان يعطي للطالب الحكومي 10 درجات أكثر من قرينه من الخريج من الجامعة الاهلية سواء كانت محلية او اجنبية.
3 – ترتبط الحوافز والمكافئات بالإنتاجية لا بالشهادة وبالتالي يتنافس الموظفين للزيادة بالإنتاجية لا الزيادة في الشهادات.
4 – الغاء جميع الاستثناءات لأنها تتم على أساس الواسطة والمحسوبية لأقارب المسؤولين لإضافة الشهادات او القبول بالجامعات.
5 – يجب ان تكون اعداد الطلبة المقبولين في الجامعات الحكومية او الاهلية وفق دراسة وخطة من قبل وزارة التخطيط وتكون موافقة لحاجة البلد من الشهادات وبالتالي قد تلغى العديد من الأقسام وقتيا لانتفاء الحاجة لتلك الاختصاصات.
6 – ان الغاء امتيازات الشهادة هو ظلم واجحاف بحقهم وكان الامر يعود بالنظام الاقتصادي الى النظام الاشتراكي او أكثر من ذلك وهو النظام الاقتصادي الشيوعي بان يأخذ كل موظف نفس الراتب سواء كان يعمل ام لا او ان الموظف من أصحاب الشهادة ام مجرد عامل.
7 – ندعو المسؤولين الى عدم الاعتماد على أفكارهم لقصورها في فهم الواقع وخصوصا الاقتصادي وبدل ذلك يجب الذهاب الى استشارة المختصين وفهم ما يجب اتخاذه بصورة ادق.
8 – ان أصحاب الشهادات قد ازدادوا بشكل مطرد وخارج الضوابط وخارج احتياج الوزارات والدوائر والشركات وبالمقابل لم نلاحظ ان أي زيادة إنتاجية حدثت تتلاءم مع زيادة أصحاب الشهادات.
9 – ان الحكومة الحالية هي حكومة تصريف الاعمال اليومية وفق المادة 64 ثانيا من الدستور ولا يحق لها الكلام عن هكذا أمور.
10 – ان القرارات الخاطئة مثل هكذا قرار سيوف يشجع هجرة العقول الى الخارج هربا من الظلم والحيف الذي يطالهم نتيجة تخبط المسؤولين.
ان سلم الرواتب العراقي الحالي يحتاج الى تحديث، نعم يحتاج الى رفع مبالغ الرواتب كي يتماشى مع الغلاء والازمة العالمية والتضخم الذي نشهده، لكن ليس من الانصاف ان تقلل بعض الفئات لتعالج فشل الحكومة في الاقتصاد، كما ان سلم الرواتب هو مقاري من حيث الزيادات بين درجات الموظف والجدول ادناه يبين ذلك:
الدولة / الحد الأدنى / الحد الأعلى / نسبة الفرق
مصر / 3000 جنية / 28000 جنية / 933%
الأردن / 140 دينار / 982 دينار/ 700 %
الكويت / 320 دينار / 5640 دينار / 1762 %
العراق / 140 دينار / 1148 دينار / 800 %
السعودية / 3000 ريال / 24015 ريال / 800 %
ملاحظة ان سعر الصرف لدينار العراقي في الوقت الحالي هو 1 دولار يعادل 1460 دينار وهذا يعني ان الراتب الأدنى في العراق وهو 140 ألف دينار يعني 95 دولار، والحد الأعلى للراتب في العراق يكون 1148 دينار أي 780 دولار يعني اقل من ألف دولار، ولذلك نلاحظ ان الرواتب بسيطة جدا بالمقارنة بالغلاء الذي نعيشه وخصوصا بعد ان أقدمت الحكومة على زيادة سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي والذي أدى الى ارتفاع الأسعار بنسبة 23.5 %.
هل الحل رفع رواتب الموظفين ام الحل بتخفيض الدرجات العليا وبالتالي زيادة معاناتهم بسبب السياسة الاقتصادية الخاطئة للحكومة. لماذا الموظف هو الذي يتحمل فشل الحكومة في الاقتصاد لان هذه ليست المرة الأولى وشاهدنا استقطاع طال الموظفين أيضا في عام 2015 حينما هبط سعر برميل النفط لما دون 27 دولار.
والمقترح هو رفع رواتب السلم جميعه مع الإمكان رفع الفئات الدنيا بنسبة أكبر من الفئات العليا. اما النقطة المهمه وهي عدم الاعتراف بالشهادات التي تاتي من الخارج الا ان تكون بموافقة الوزارة ضمن خطه معده لها والا نعيش تخمة الشهادات التي لم تقدم شيء للعراق سوى تضخم حجم النفقات. من الجدير بالذكر ان رفع سلم الرواتب سينتج عنه زيادة بالتضخم وكذلك رفع حجم النفقات بالموازنة العامة الاتحادية وهذا يعني ان في حال انخفاض سعر برميل النفط قد تعمد الحكومة إلى خفض قيمة الدينار مرة أخرى لسد عجز دفع الرواتب وبالتالي ان افضل طريقة لزيادة او تحسين الوضع المعيشي للموظف بمختلف فئاته والمواطن العادي هو اعادة السعر القديم للدولار وبالتالي كانما قامت الدولة برفع الراتب بنفس النسبة التي انخفض بها سابقا والخطوة تعود فائدتها على الطرفين الموظف والمواطن.
أقرأ ايضاً
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة
- سُلّم الرواتب بين إرث بريمر وعراقيل البيروقراطيَّة