- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المؤسسات الدولية وتدمير الدول وهدم الاخلاق والقيم – الجزء التاسع
بقلم: د. عبد المطلب محمد
آليات الامم المتحدة لهدم العائلة والمجتمع والقيم
اتبعت الامم المتحدة العديد من الوسائل والآليات المختلفة للقضاء تماما على منظومة الدين والأخلاق والقيم بشكل عام والقيم العائلية والمثل الاسرية بشكل خاص عن طريق فرض رؤية متطرفة احادية الجانب لحقوق الإنسان والمرأة على جميع الشعوب ومراقبة الدول ومحاسبتها في حال عدم تطبيق وتنفيذ هذه الاتفاقيات والافكار والمفاهيم الهدامة التي تتضمنها. ومن أهم هذه الوسائل هي :
- استخدام شعارات مظللة (حقوق الإنسان, حقوق المرأة, المساواة, الحريات الأساسية) لتمريرها على البسطاء من الناس وتحت هذه الشعارات يتم تشجيع ودعم الأجندة النسوية المتطرفة والحركات الشاذة من خلال تفسير هذه الحقوق والحريات وفق رؤيتهم. ومن خلال المنظور الأممي لحقوق الإنسان يتم عمل التغييرات الاساسية في المجتمعات لهدم بناء الأسرة والاخلاق والمثل والقيم كما تم توضيحه في الاجزاء السابقة.
ومن الجدير بالذكر ان قضية المسلمات والمحجبات وحقوقهن في التعلم والعمل والحياة الطبيعية ليست من أولويات الامم المتحدة ولا المنظمات النسوية المتطرفة فلا يزال مثلا الدخول الى السلك القضائي اللبناني بمثابة الحلم بالنسبة للمحجبات على الرغم من عدم وجود نصوص قانونية تمنع انخراطهن فيه أو قضية منع الطالبات المسلمات المحجبات في بعض الدول الاوروبية وفي الهند في الفترة الاخيرة من الدراسة والدخول الى الجامعات علما بأن ذلك يعتبر عنفا ضد المرأة وحقها في التعلم والعمل أو حالات تعرض المسلمين بشكل عام والنساء المسلمات المحجبات بشكل خاص للتحرش اللفظي والاعتداء الجسدي واحيانا القتل في العديد من الدول الاوروبية الغربية.
- استخدام الآلة الإعلامية كواحدة من أهم آليات تسويق مفاهيمها ومضامينها حول المرأة والأسرة والشذوذ حيث تسعى الأمم المتحدة إلى تمرير أجندتها من خلال البرامج التلفزيونية والأفلام القصيرة والطويلة والمسرحيات والمسلسلات والرسوم المتحركة والإعلانات وغيرها من وسائل الاعلام التي تتعمد تدمير الحياء والفضيلة وإشاعة الاباحية والفاحشة حسب المفاهيم الغربية. ومن الملاحظ حاليا انتاج وعرض أفلام عربية مدعومة من شركات اجنبية ومسلسلات عربية وعراقية تهاجم الدين الاسلامي ورجال الدين علانية وتبث مشاهد خادشة للحياء وتنشر الفساد الاخلاقي والمفاهيم الاباحية.
- من خلال المؤسسات التعليمية بجميع مراحلها حيث يتم إدماج مفاهيم ومصطلحات الاتفاقيات والمعاهدات الاممية في المناهج التربوية والتعليمية ونشر ما تتضمنه مواثيق الامم المتحدة مما سبق بيانه وطرح حقوق الإنسان والحريات الأساسية وفق رؤيتها. اضافة الى تعزيز التسامح والصداقة مع الجميع بدأً من المحتل الغاصب لفلسطين مثلا إلى الشاذين جنسيا والتشجيع على التعليم المختلط وتأنيث الرياضة العنيفة واشاعة أن الأسرة لها أنواع متنوعة من ضمنها عوائل الشواذ.
- التركيز على المساواة المطلقة ما بين المرأة والرجل (مساواة الجندر) في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وإعادة هيكلة وظائف افراد المجتمع بكل شرائحه وفق المنظور الجندري وإنهاء ولاية الرجل على المرأة وقوامته عليها وترك الأسرة بلا قائد وحرية المرأة في اختيار محل سكناها بعيدا عن الرجل وان كانت متزوجة وحرية ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج وحرية الاجهاض من دون سبب وتمرير مصطلح التحرّش والاغتصاب الزوجي.
- تجريم الزواج المبكر ومحاربته لاسيما إذا كان تحت سن (18) سنة باعتباره زواجا قسريا وذلك لصرف الشباب عن الزواج ومن ثم إشاعة الاباحية والفواحش من زنى وشذوذ جنسي ونشر الانحلال الأخلاقي والتشجيع على الرذيلة بين الشباب وحماية الشاذات والزانيات. اضافة الى الغاء سلطة الآباء والامهات على الاطفال وتهيئة الطفل لاحتمال أن يتربى في أسرة بديلة وحقهم في الممارسات الجنسية عند بلوغهم الخامسة عشر من العمر وغير ذلك من المفاهيم الهدامة للاسرة والطفل والمجتمع.
وأعلنت السعودية في يوم 8 آذار 2022 اطلاق نظام جديد للاحوال الشخصية حيث أشترط النظام الجديد سن الزواج بـ (18) عاما كحد أدنى كما أعطي المرأة حقا في توثيق طلاقها بنفسها دون موافقة الرجل اضافة الى حق المرأة بفسخ عقد الزواج من جانب احادي في حالات معينة تماشيا مع ما تؤكد عليه المواثيق الاممية.
- الضغط المستمر على الدول وحكوماتها لسحب تحفظاتها (ان كانت لها تحفظات) على بعض بنود الاتفاقيات بدعوى أن حقوق الإنسان كل لا يتجزأ وأنه في حال كان الدين أو التشريع الوطني أو القيم السائدة في المجتمع هم السبب في وجود هذه التحفظات فينبغي اتخاذ التدابير اللازمة لتعديل التشريع الديني أو الوطني أو الثقافي أو الغائهم. وتعتبر الأمم المتحدة أن فتح باب التحفظات عند التوقيع على الاتفاقيات ليس إلا مرحلة مؤقتة لتشجيع حكومات الدول التي رأت استحالة الموافقة عليها وتطبيقها (لتعارضها الشديد إما مع الدين والقيم التي تحكم المجتمع وإما مع الدساتير والقوانين الوطنية المعمول بها) وجرها شيئا فشيئا نحو الموافقة والتوقيع.
وضمن هذا السياق قررت الادارة الامريكية مثلا (حجب 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية المخصصة لمصر بسبب عدم امتثال القاهرة لشروط حقوق الانسان التي وضعتها الخارجية الامريكية) حسب شبكة سي ان ان الامريكية ليوم 28/1/2022. كما بدأت في بداية هذا العام 2022 محاكمة وزيرة الداخلية الفلندية السابقة (بايفي راسانين) بتهمة نشر خطاب كراهية ضد المثليين وقال الادعاء ان تصريحات الوزيرة السابقة تنتهك مبدأ المساواة وتمس كرامة المثليين فردت الوزيرة السابقة بأنها تتشرف (بالدفاع عن حرية التعبير والدين).
- تقديم التمويل المالي والدعم المعنوي واللوجستي حيثما أمكن من أجل تنفيذ وتطبيق مفاهيم ومضامين الامم المتحدة الهدامة، حيث توفر الامم المتحدة هذه المتطلبات للسياسيين والمنظمات والأفراد الحاملين لافكارها والمتعاونين معها والعاملين على فرضها وتطبيقها على شعوبهم. ان الدخول على مواقع الامم المتحدة وبرامجها المخصصة لهذا الغرض يجد عروضا كثيرة وتمويل مالي يصرف لاجل انجاز هذه المشاريع الهدامة وخاصة في البلدان العربية والاسلامية والفقيرة.
- دعم الامم المتحدة والمنظمات النسوية المتطرفة والاعلام والصحف الغربية للافراد من الجنسين وخاصة النساء عديمات الحياء الحاملين لافكارها والمنفذين لاجندتها في البلاد العربية والاسلامية بشكل عام ومساعدتهم على ترك بلدانهم الاصلية وتسهيل أمر لجوئهم الى الدول الغربية وتشجيعهم على الظهور باستمرار في الاعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي لغرض جعلهم رؤوس حربة ونماذج ممسوخة ليقتدى بها الشباب المسلم المخدوع ومن أجل تشويه صورة الدين الاسلامي والمرأة والعائلة المسلمة.
- دعم المرشحين وخاصة في المجالس النيابية الذين يتبنون وجهة نظر الحركات الشاذة والنسائية المتطرفة لغرض الدفاع عن مفاهيمها المتعلقة بالمساواة والجندر والشواذ وغيرها من الافكار الاجتماعية الهدامة لكي يعملوا من خلال مواقعهم في المجالس النيابية وغيرها على تعديل الدساتير والقوانين والتشريعات بما يتوافق مع المواثيق الدولية.
- توظيف من يدعي القيادة الدينية وبعض رجال الدين الضالين لدفع الناس للشك والريبة بمعتقداتهم الدينية والثقافية والفكرية وتوجيه العامة نحو الأمور التي تتفق مع توجهات وأجندات الأمم المتحدة. ونلاحظ بين الفينة والاخرى ظهور عدد من مدعي المرجعية الدينية في العراق مدعومين بوسائل اعلام اجنبية للقيام بتشويه صورة الاسلام ومهاجمة مراجع الدين الشرعيين وبث الفرقة والاحقاد بين المسلمين ونشر الافكار الضالة والمنحرفة. وذكر موقع (Sputnik News) بتاريخ 3/2/2022 بأن الكاردينال اللبيرالي رئيس التجمع الاوروبي لمؤتمرات الاساقفة الكاثوليك (لوكسمبورغ هوليريتش) دعى الى (مراجعة جوهرية) للتعاليم الكاثوليكية حول المثلية الجنسية مؤكدا ان من الخطأ فصل العاملين في الكنيسة لكونهم مثليين.
- إقحام مجلس الأمن والقضاء الدولي في متابعة تطبيق (القانون الدولي لحقوق الإنسان) لجعل تلك الاتفاقيات المرجعية التشريعية الوحيدة التي تكون بديلا عن المرجعيات التشريعية لشعوب العالم. وما دام أن القضية المحورية للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان هي (المساواة المطلقة ما بين المرأة والرجل) و(المساواة ما بين الأسوياء والشواذ) فإن عدم تحقيق تلك المساواة قد يستدعي تدخل مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية بما يمتلكانه من سلطات واسعة لإجبار الحكومات على التطبيق في تناقض واضح بين ما تدعيه منظمة الأمم المتحدة من حماية الديمقراطيات والحريات واحترام عادات وثقافات وأديان شعوب العالم المختلفة وبين ما تمارسه بالفعل على أرض الواقع من ضغط وأجبار لتعديل أو الغاء المباديء الدينية والتشريعات الوطنية والاخلاق والقيم وثقافات الشعوب.
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- من يوقف خروقات هذا الكيان للقانون الدولي؟