بقلم: عمـار سـاطع
وقعَ الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بواحدٍ من أكثر الأخطاء التاريخية فداحة، بعد أن أصرّ على اختيار موعد كُبرى منافسات فرق أنديته الأبرز ممثلة بدوري أبطال القارّة بالتزامن من شهر رمضان الكريم.
تركَ الاتحاد الآسيوي المعني بالارتقاء في مستوى اللعبة على مختلف الاتجاهات والفئات العمرية، تركَ أشهر السنة الأخرى، ومضى بوضع أجندته المتعلّقة بفرق الأندية وخوض منافساتها بطريقة التجمّع غير المُجدية ومضغوطة بواقع ثلاثة أسابيع، وفي شهرٍ تكثُر فيه الالتزامات الدينية وتتضاعف فيها الطاعات بالنسبة للرياضيين من لاعبين ومدربين وإداريين وحتى حُكام اللعبة.
وأكثر من ذلك، فإن المنافسات الجارية وفقاً لتوزيعها على ملاعب المدن، خلت من الحماسة والتشجيع، ببقاء مقاعد المتفرّجين خالية من عشّاق المستديرة، بينما تأثّرت المباريات فنيّاً بهبوط المستويات وعدم استقرارها بالشكل الذي يمنح المباريات جُرعة من المنافسات التي من شأنها تضع النقاط على الحروف، وتعطي لكلِّ ذي حقٍّ حقّه، بعد أن أصبحت العديد من مباريات المجاميع بلا روحية، بل أضحت الكثير منها رتيبة إن لم نقل متواضعة، لم ترتق الى مستويات دوري أبطال آسيا.
وهنا أضع تساؤلاً قد يتبادر الى أذهان الكثيرين، كيف سمح الاتحاد الآسيوي في خوض منافسات تجمّع الأندية الأقوى في القارة من دون أن يلاحظ مواعيد أجدنته، في وقتٍ قدّم الاتحاد الدولي مثالاً واضحاً من احترام المواعيد، بشلِّ حركة منافساته على صعيد المنتخبات الوطنية، باسدال الستار على أهم وأبرز مسابقاته، من خلال إجراء قرعة كأس العالم 2022، قبل يوم من الدخول في شهر رمضان، أليس في الأمرين غرابة، إن لم نقل أنه فارق بين مسابقات تُلزمنا أن نتحدّث بطريقة النقد البَنّاء بالشكل الذي نذكرُ مِنْ خِلالهِ الحقيقة كما هي دون تزييف أو تضليل!
وحينما نُعرّج على مثل هكذا أمر، فإننا نُطالب لجنة المسابقات في الاتحاد الآسيوي توضيح أمرين، الأول إقامة منافسات دوري الأبطال في شهر رمضان وفي أوقاتٍ أثرت بشكلٍ أو بآخر على قابليات اللاعبين البدنية أوّلاً وعلى امكانياتهم التي دخلت في مرحلة من مراحل التغيير، الى جانب تعطّل روحية اللاعبين ممّا أثر على الفرق بدرجة كبيرة، وظهر ذلك بوضوح من خلال ضغط المباريات وصعوبة تصحيح الأخطاء وتعديل الحالة التي يعيشها الفريق برمّته، ومن ثم اللاعبين بشكلٍ منفرد.
ووفقاً لِما حدث من سوء تقدير بجدول المباريات، وصعوبة لعب الفرق وسط هكذا أجواء، أضف الى ذلك، هبوط المخزون البدني لأغلب الفرق منذ مطلع الشوط الثاني من المباريات، وهو ما جعل الفرق تهدُر نقاطاً كان بإمكانها كسبها بسهولة من دون اضاعتها، بل أن هناك العديد من الفرق التي تضرّرت أيضاً بقضية الانهيار الفنّي نتيجة خوض المواجهات من دون توزيع المجهودات البدنية على فترات سير المباريات بشكل صحيح، لتدفع ثمناَ كبيراً في اضاعة المباريات وخسارتها للنقاط!
نعم.. كان بإمكان الاتحاد الآسيوي تلافي كل ذلك، مثلما كان بإمكانه إقامة منافساته بطريقة أخرى تتلائم والظروف الصعبة التي تعيشها الأندية، جرّاء تداعيات جائحة كورونا، أو الضعف الذي ضرب معاقلها من الناحية المالية، وعزوف الجماهير من متابعة المباريات، وقلّة الواردات المالية التي تٌنعش حالها بالشكل الذي يوفّر لها سيولة تجلب من خلاله اللاعبين المحترفين أو تتعاقد مع نجوم مُميّزين وتدعم ستراتيجية الرؤى الفنية المستقبلية!
أقول.. إنه خطأ فادح وقع فيه الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، حينما قرّر التحكّم بمصير الأندية الأبرز في خارطته، وزاد من ذلك، سوء التقدير في عملية اختيار الوقت الملائم والفترة الزمنية المناسبة التي يمكنها أن تدعم دوري الأبطال بالشكل الاستثنائي في ظلّ الظروف والمتغيّرات التي تعيشها الأندية بشكل عام والمنافسات التي سجّلت هبوطاً واضحاً، وتراجعاً غير مسبوق على مستوى اللعبة، وكان يفترض بالاتحاد الآسيوي أن يجري بطولته مع انطلاق الموسم الكروي، لا أن يكرّر خطأ العام الماضي ويضع الأندية أمام مواجهة الخطأ من دون أن يترك لها طوق النجاة ويضع البدائل بدلاً من السكوت الذي يعيشه حتى ختام مسابقته.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً