غرفة صغيرة وقاعة متوسطة وخمسة وعشرون منتسبا يعلمون كخلية نحل بصمت وهدوء لكن مخرجاتهم تعد شريانا حيويا وقلبا نابضا ينضم عمل الاقسام جميعها ويقدم خدماته الى العتبتين المقدستين وباقي العتبات المقدسة والقوات الامنية والمؤسسات الخدمية بل يربط عشر محافظات باتصالات كخيوط العنكبوت لتكون الطرق مفتوحة والامور يسيره انهم منتسبوا شعبة سيطرة النداءات.
البداية والتأسيس
يقول مسؤول شعبة سيطرة النداءات فارس العامري لوكالة نون الخبرية، ان "هذه الشعبة تأسست عام 2004 وبدأت باستخدام عدد محدود من الاجهزة اللاسلكية اليدوية ثم تطورت الى محطات لاسلكية و(ربيترات) الى ان وصلت الى ما هي عليه الآن، وعملها الاساسي هو التنسيق بين الاقسام لتسهيل الدعم اللوجستي لعمل، والمتضمن تسهيل احتياج دخول صهاريج الماء او سيارات تحمل مواد تحتاجها اقسام العتبة الحسينية، وكذلك تسهيل مهمة دخول عجلات الوفود الرسمية والتنسيق مع العتبة العباسية لنفس الخدمات في المنطقة القديمة وخارجها، اما التنسيق الخارجي مع دوائر المؤسسات الحكومية وتشمل الخدمية مثل دوائر الماء والمجاري والكهرباء والبلدية والصحة والنفط وغيرها، والامنية تشمل التنسيق مع قيادة عمليات كربلاء وقيادة عمليات الفرات الاوسط ومديرية الشرطة مديرية قوة حماية الحرمين الشريفين ولا يختصر الامر بتسهيل دخول العجلات بل يتعداه الى كل حالة امنية تستوجب سرعة الاتصال والتبليغ، بل وصل الامر الى ان المواطنين يتصلون بهواتفنا للابلاغ عن حصول حوادث الحرائق او سيارة مشتبه بها، فيتم ايصال النداء وسرعة الاستجابة من الجهات المعنية، وكذلك لدينا خدمات تقدم للطوق الامني الاول للمدينة القديمة بما يسهل عملهم".
مع المحافظات
لا يتوقف عمل الشعبة التي تستلم يوميا نحو 700 نداء ويرتفع الى اضعاف خلال الزيارات المليونية داخل هذا الاطار من الخدمات بل يتعداته الى رقعة شاسعة يصفها العامري بقوله، انه "لدينا تنسيق امني عالي مع عشر محافظات عراقية خلال مشاركة العتبة الحسينية المقدسة في الزيارات المليونية التي تقام في سامراء وبغداد والنجف الاشرف عبر نداء لاسلكي مؤمن ومعتمد لدى قيادة عمليات الفرات الاوسط، كون العتبة لها اسطول من السيارات تنقل ملايين الزائرين خلال الزيارات المليونية والوفود"، مشيرا الى ان "العتبة تحرص على انسابية وحركة العجلات وايجاد تنسيق باعلى درجاته لضمان عدم حصول اية مشكلة فنسقت مع مركز تنسيق كربلاء التابع الى مكتب رئيس الوزراء عبر اصدار برقيات معتمدة من الجهات الامنية لتسهيل دخول العجلات التابعة للعتبة وتوفير الحماية اللازمة، وكذلك لدى العتبة الحسينية تنسيق عالي مع باقي العتبات المقدسة عبر اتصالات خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي حيث يتم تسهيل مشاركة عجلاتهم في الزيارات المليونية التي تقام في كربلاء المقدسة، والوفود والشخصيات".
ومن الخدمات الكبيرة التي قدمتها الشعبة يذكر العامري "ساهمنا في المعارك ضد عصابات داعش الارهابية حيث قمنا بتدريب عناصر من مخابري لوائي علي الاكبر والطفوف بدورات خاصة ومكثفة بحدود عشرين مخابرا وشكلنا نواة سيطرة لواء علي الاكبر واسسنا لهم محطات في معارك جرف النصر مكنت القيادات والمقاتلين من اداء واجبهم الجهادي وتحقيق النصر على الاعداء وبقينا معايشة معهم بالتعاون مع قسم الاتصالات للاشراف على العمل وتجاوز الصعوبات".
الخدمات الاستثنائية
يذكر مسؤول وحدة سيطرت النداءات كريم الاسدي في حديث لوكالة نون الخبرية، ان "الخدمات الاستثنائية التي تقدمها الشعبة التي تعمل 24 ساعة بثلاث وجبات وتتحول الى 12 ساعة لكل وجبة في ايام الزيارات المليونية، حيث تم اختيار المنداين بضوابط جعلت الموظف خبير في التعامل مع جميع الحوادث او المشكلات ولاسيما في الزيارات المليونية، وعلى سبيل المثال كان الشعبة مساهمة فعالة خلال حادثة التدافع التي حصلت قبل عامين في ركضة طويرج وراح ضحيتها عدد كبير من الشهداء والجرحى والمصابين، حيث ابلغت السيطرة على الفور مديرية مرور كربلاء ودائرة صحة كربلاء واقسام العتبة الحسينية المعنية بالانقاذ والاخلاء بالحادث وطلبت منهم تأمين طريق فارغ لمرور عجلات الاسعاف وفرق المسعفين، وعلى الفور تم تأمين وصول عشرات السيارات المختصة الى موقع الحادث وتمكنت من اخلاء الجرحى والمصابين والشهداء خلال ساعتين فقط، وهي عملية لا يمكن السيطرة عليها الا بجهود موظفين اكفاء متمرسين بهذا العمل"، فضلا عن "عناصر شعبة المعرفين التابعة الى مكتب الامين العام للعتبة الموزعين على كل القطوعات خلال الزيارات المليونية الذين يتمكنون عبر نداء واحد من تسهيل دخول العجلات بدقائق، كما نستعين بالمترجمين بالعتبة لتسهيل دخول الاجانب".
التقنيات والارشفة
في هذه الشعبة شاب حسن الهيئة والهندام، مهني تدرج في سلم المهنة، انه المهندس محمد عباس الطائي خريج بكلوريوس هندسة اتصالات الحاسبات ولا يكل او يمل عن متابعة كل التطورات الحديثة في تقنيات الاتصالات، ويتحدث لوكالة نون الخبرية عن عمله بالقول" عملت في القسم منذ العام 2013 وبدأت مخابر نداءات ومن خلال خبرتي استحدثت عملية ارشفة النداءات لان الموجود كان هو عملية ارشفة بالاجهزة فقط، واستحدثت وحدة للارشفة فقمنا بتنصيب برامج تمكننا من ارشفة نداءات 14 تردد داخل بالخدمة وكانت لدينا ستة حاسبات تسجل ستة ترددات فقط ، وادخلت كارتات صوت عن طريق (تروث كيبل) فزاد عدد القابلوات ومداخل الصوت الداخلة للحاسبة فاصبحت الحاسبة الواحدة تسجل بحدود 20 تردد وليس مجرد خزن على هارد واصبحت الحاسبة الواحدة (سوبر كمبيوتر) تتمكن من تشغيل عشر حاسبات وصارت اشبه بالمحطة المركزية".
دورات تطويرية
يكمل البياتي كلامه بالقول "ادخلتنا العتبة الحسينية في دورات تطويرية منها دورة (بنك الرجال) التي امتدت الى تسعة اشهر واشرف عليها اساتذة مختصين من الجامعات العراقية وساعدتني بتمنية قدراتي بشكل كبير"، فضلا عن "دورة اخرى في لبنان بموضوع التخطيط الستراتيجي واستفدنا منها كثيرا، وارشدنا الى استحداث منظومة (ديجيتل) بجهود ذاتية ومن مواد محلية من داخل اجهزة مستخدمة في العتبة الحسينية تكون بديلا عن المنظومة العاملة (الانلوك) في حال تعطلها عن العمل لاي سبب كان، ولم تكلفنا شيئا وجعلنا النداء اللاسلكي يدخل عن طريق هاتف محمول (اي بي فون) مثل المكالمة ويأرشف داخل (سيرفر) كخزن ثانوي وبذلك حافظنا على استمرار العمل والارشفة الاحتياطية".
ويكمل حديثه بالقول "عملنا على استحداث منظومة ثالثة تؤرشف اتصالات الهواتف النقالة والمكالمات الخارجية الداخلة للعتبة الحسينية، عبر (سيرفرات) تؤرشف وتخزن الى مدد بعيدة وظهرت الحاجة الى تطوير وارشفة العمل الورقي الى الكتروني، فقامت الشعبة بتوفير برنامج خاص اصبح قاعدة بيانات مكنتنا من تحويل كل الورق الى ارشفة الكترونية خلال اعوام( 2004 ــ 2015) ، وبسعات واسعة جدا على غرار نظام الحوكمة الالكترونية وقد سبقنا كثير من المؤسسات الحكومية وغيرها بخطوات واسعة".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)