بعد تفاقم حالات الطلاق في المحاكم .. أزواج في سن الاباء .. وزوجات في سن الأمهات ظاهرة تتفاقم بالعراق
في احد مكاتب الزيجات، كان صديق يراقب احدى آفات المجتمع وهي تتسع في دائرتها وهي آفة الطلاق التي تسجل رقما قياسيا في جميع محافظات العراق وتعجب صديقي لفارق السن بين الرجل الذي يتعدى الستين من عمره والفتاة التي لم تشهد العشرين من عمرها وكاد ان يعتدي عليه ضربا ولكن حدود الادب والاخلاق ومهنة الاعلام التي يتسلح بها كانت حاجزا معنويا لذلك .. هنا نستعرض اسئلة نطرحها للمجتمع العراقي.
ايتها الشابة العصرية: اذا تقدم لك رجل في سن والدك او اكبر ... فهل توافقين على الزواج منه؟
ايها الشاب العصري: اذا اعجبت بسيدة هي في عمر والدتك ... فهل تسعى للزواج بها؟
قبل ان نحاول الاجابة، يجب ان نعرف ان التجارب تشير الى انه من المحتم على كل من شريكي في مثل هذا الزواج ان تكون نظرته بعيدة المدى وادراكه سليما للمشكلات الخاصة التي قد يضطر لمواجهتها.
ولكن ورغم ذلك فالتجارب تشير أيضا إلى إن زواج شخصين متباينين في فرق السن لا يعني بالضرورة انه زواج محكوم عليه بالإعدام بصورة آلية.
وللوقوف على حقيقة ما يواجهه هذا النوع من الزيجات تعالوا نتعرف على تجاربهن وتجاربهم معا باستطلاع ميداني حول ازواج في سن الاباء ... وزوجات في سن الامهات.
في مجتمعنا لم تكن ظاهرة الزيجات بين الاشخاص متفاوتي الاعمار تثير اي لغط او اعتراض علني في الماضي مثلما كانت تثير في المجتمعات الأخرى... أما اليوم وبعد أحداث 2003 قلع النظام المتعجرف والطاغي على ارقاب العراقيين ... اصبحنا نسمع ونشاهد ايضا الكثير من صيحات الاعتراض والاستنكار والاحتجاج ضد مساعي البعض من الاهلين الذين يحاولون تأكيد وصايتهم على الأبناء والبنات فيما يتعلق بأمر الزواج ... ونادرا ما تحصل زيجة ناتجة عن فصل عشائري ... ولكن المصيبة التي اخذت تكبر في زيجات غير متكافئة في السنوات الاخيرة بين اشخاص متفاوتي الاعمار سواء علنا اوسرا (فتيات يتزوجن رجالا في عمر أبائهن ... ويتزوج الشباب نساء في عمر امهاتهم) ان مثل هذه الزيجات لا بد ام تثير الكثير من الحوار والجدل حول إمكانات نجاحها ومخاطر فشلها. تطرح الكثير من التساؤلات عن قدرتها على الدوام والاستمرار .. وعن قابليتها للانهيار والانفصال .. او الهروب ،وهذه علة تشهدها المحاكم العراقية (هروب الزوجات) خوفا من الزوج الذي اصبح شبيها بالبعبع الذي تخاف من الزوجة لغرض النوم المبكر. الذي بدأنا على أساسها هذا التقرير حين قدم ذلك العجوز طلبا للحاكم الشرعي يروم تطليق زوجته الهاربة والبالغة من العمر تسعة عشر سنة. كانت امرأة في الثلاثين من عمرها سعت الى الطلاق من زوجها الشاب الذي يماثلها في العمر .. وعندما سألتها الباحثة الاجتماعية عن سبب الطلاق اجابت قائلة :لقد مللت الحياة معه .. انني اتوق للزواج برجل يكبرني في السن وميسور ماديا.. وقال شاب اخر في العشرينات كان يلاقي صعوبات في الارتباط العاطفي: إنني احب ان التقي بامرأة تكبرتي عمرا، وتكون رفيقة بي ،وتعلمني كل ما يتعلق بأصول الحياة والعلاقات الزوجية.
الزواج عبارة عن عقدة استبدال الأم والأب..!؟
اعتقد ان مسألة زواج الشباب من المتقدمات في السن ليست بالسهولة التي يتصورونها ... حقيقة ان الانجذاب بين شخص حديث السن ،وبين شخص يكبره يعتبر امرا مألوفا .. فالفتيات المراهقات يملن الى الاساتذة الذكور ممن يكبرهن سنا .كما يعتقد فتيان مراهقون انهم يحبون نساء يكبرنهم سنا ،ولكن الأغلبية العظمى من الحالات تشير الى انه عندما يتزوج رجل متقدم في السن من امرأة اصغر سنا فأن الانثى تكون بذلك تسعى لاستبداله بأب ،ويحاول الذكر في زواجه هذا تجديد شبابه كما يعتقد ... وعندما تتزوج امرأة اكبر سنا من الرجل ،فالمفروض عادة ان الرجل يسعى بذلك الى استبدال والدته ،وان المرأة المتقدمة في السن تحاول ان تحصل على الاثارة التي تكون فأتتها.
بسبب تفاوت الاعمار تحولت حياتهما الزوجية الى معركة يومية مستمرة
قبل ان نصل الى اجابة لكل ما ورد اعلاه .. تعالوا معي نعرف ماذا يحدث بالفعل عندما يتزوج شخصان متباينان في السن:كان السيد مصطفى في الرابعة والاربعين، وكانت هي في التاسعة عشرة .. بعد شهور قليلة من الزواج تحولت حياتهما الزوجية الى معركة يومية مستمرة.
كان مصطفى يشعر بالزهو لأنه فاز بمثل هذه العروس الجميلة والصغيرة السن ،كان يتباهى ويظهر وكأنها صفقة رابحة كسبها ومع ذلك فقد كان تعيسا للغاية لم يكن ينام بصورة جيدة ،واهمل عمله بعد ان تسلطت الغيرة على افكاره .اما هي فقد اعترفت صراحة بأنها كانت راغبة في زوج من النوع الذي بمثابة اب ..قالت: تزوجته لا تحرر من مشاكل المالية وكنت اتمنى ان اكون موضع اهتمام ..كان يشجعني على ان اذهب الى اي مكان ولكن على شرط ان يكون يعلم بكل دقيقة اقضيها وكان يعطيني المال بسخاء ويحاسبني عليه بشدة ضقت بهذه الحياة واصبحت حياتي الزوجية عبارة عن معارك لأنني لم احصل على حريتي التي اتمناها.
ومن الآراء المتفرقة عن قيم الزواج المعاصر في ظل الشرع والقانون يقول "باسم الزغيبي" صديق من لبنان:
انجح زواج ان يكون الزوج صديقا مع زوجته وطفلا مع أطفاله وصغيرا مع امه وأبيه لٱ يفرض امر بالقوة ولا يستبد برأيه لٱ يظلمهم ولا يتركهم لأهوائهم يخدم نفسه بنفسه سيجدهم يتسابقون في خدمته إذا غاب عنهم حزنوا وإذا حضر استبشروا وفرحوا واذا غاب يقولون (بغيابك نصير أيتام).
وهناك "حواريّة الـزَّواج" بموقع سماحة المرجع الديني الأعلى سيد علي السيستاني تؤكد أحياناً يجب الزواج على الإنسان.. وذلك من خلال قصة واقعية تعد منهجاً في القيم الشرعية في العقيدة والمذهب والفكر الشيعي عامة.. فقال:
- نحن مدعوون ـ قال أبي ـ لحضور حفلة عقد قران في دار جارنا أبي علي، وعلينا ان نتهيّأ في حدود الساعة الخامسة من بعد ظهر يوم الجمعة القادم لنشارك جارنا العزيز أفراحه بهذه المناسبة السّعيدة.
عقد قران مَن؟
ــ عقد قران ابنه علي.
ولكن عليّاً لا زال بعد في مقتبل شبابه فهو الاَن في العشرين من عمره ولم يحن بعد وقت زواجه!.
ــ في العشرين من عمره، وتقول لم يحن بعد وقت زواجه! اِنّه الاَن في عنفوان الشباب وفي اوج تفتّح قواه الجسديّة والعقليّة بما في ذلك طاقاته الجنسية.
أضاف أبي:
ولما كان ضغط الجنس فاعلاً ومحرّكاً في عمر كهذا، اذن يحسن بالشاب أن يتزوج في سن مبكرّة ليعصم نفسه من الوقوع في هاوية فعل محرّم، فالنفس أمّارة بالسّوء كما تقول الاَية الكريمة: (وما اُبَرىَُ نَفْسي اِنَّ النَفسَ لاَمّارَةٌ بالسّوءِ اِلاّ ما رَحمَ رَبّي اِنَّ رَبّي غَفورٌ رَحيم).
ــ وما أن سمعت بضغط الجنس حتى خجلت، ففي سنٍّ مثل سنّي يخجل أحدنا أن يتحدّث أو يسمع شيئاً عن الجنس رغم شوقه وحاجته لاَن يتحدَّث أو يسمع شيئاً ما عنه.
واِذ لاحظ أبي اِمارات الخجل بادية على وجهي سألني:
ــ أخجلت؟
نعم، فالحديث عن الجنس مُخجل.
ــ وعن ضغط الغريزة الجنسيّة مخجل هو الاَخر. أليس كذلك؟
نعم.
ــ ولكنها حاجة بايولوجية ـ حياتية ـ يشعر بها كل انسان سويٍّ مكتمل.. اِنها كالطعام والشراب وغيرهما من حاجات الجسد الاُخرى.
فكما أنّك تحت ضغط الحاجة الى الطعام تأكل.. وأنّك تحت ضغط الحاجة الى شرب الماء تشرب. فانّك تحت ضغط الحاجة الى الجنس تتزوّج.
خاتمة القول في عصرنة الزواج الحديث..!
ونقول نحن في الختام ان الزواج عقد يجمع من هم مأهولون لاستمرارية الحياة، وعلينا أن نكون عصرين أكثر في اختياراتنا وان لا نضحي بالشباب من كلا الروحين بزجهم في بحر وهم الزواج غير المتكافئ .. علينا ان نبني أسرة دينية توفيقة المبدأ كاملة الأوصاف في التوافق العمري.. ونبتعد عن العصبية القبلية والإجرام العشائري في اغتصاب البنت على الزواج من شيوخ لا ذمة لها في معايير الزواج الصحيح... فالشاب الطموح عليه ان يبني نفسه بنفسه على غرائزه والزواج من نساء عقيمات قد وصلن الى سن اليأس من اجل المال وغيره .. وعلى الفتيات الناضجات ان يكونن اكثر قوة في ردع مشوهي الزواج من كبار السن ومن هم يتصيدون صغار النساء على أساس عشائري.. تمعنوا في حوارية الزواج للمرجع الأعلى السيستاني ستجدون مبادئ الزواج الضروري يكيف تكون في ظل رعاية الله تعالى.
تقرير: حيدر عاشور
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)