- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الحظر الوقائي واهمية التكافل الاجتماعي
غيث الدباغ
اكدت جميع الأديان السماوية على الإخاء والمودة والتكافل والتعاون والمساواة والرحمة بين البشر, القوي فيه يكفل الضعيف ، والغني متكفل بالفقير والقادر يعين غير القادر شرطَ أن تحفظ لهم كرامة نفوسهم, فهي تنادي باحترام الإنسان لأخيه الإنسان وعدم اشعاره بالنقص عند تقديم المساعدة اليه, كما جاءت بمبادئ التكافل الاجتماعي وعدت الأديان السماوية المعاملة بالمعروف والابتعاد عن المنكرات تجاه البشر تقرّباً إلى الله عز وجل: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) "البقرة ٢٦١"
يمكننا تعريف التكافل الاجتماعي بأنه اتزان المجتمع واستقراره وأن يتكفل أبناء المجتمع بعضهم البعض في شؤون كل فرد فيه من جميع النواحي .
وفي ظل هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العالم بأكمله يتحتم علينا الرجوع الى ما أوصتنا به الأديان السماوية من خلال الأعمال الإنسانية بتقديم والمساعدة للعوائل الأكثر حاجة من الذين يعانون جرّاء الأزمة الصحية في انتشار وباء فايروس كورونا المستجد وأن هذا التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع الذي لمسناه في هذه الأيام هو السبيل الناجع للمواجهة والانتصار على كلّ الأزمات والكوارث التي تصيب البلدان, وعندما نستقرئ تاريخ الأديان وتحديداً التاريخ الإسلامي نـجد التكافل الاجتماعي بكل صوره قد تحقق على أرض الواقع، فهو قد تتكرر في ظل أزمة وباء كورونا حيث نشاهد صور التكافل التي رسمها العراقيون عند فرض الحظر الوقائي (منع التجوال) بالمساعدة حيث لم يقتصر التكافل على توزيع (السلال الغذائية) أو المبالغ المالية التي تعين اصحاب الدخل اليومي الذين توقفت اعمالهم بسبب الامتثال للحظر الوقائي التي فرضته خلية الازمة العراقية من أجل الحرص والحد من انتشار الفيروس بين المواطنين بل نـجد أغلب أصحاب المهن والوظائف يقدّمون الخدمات مجاناً حيث قام بعض الأطباء بتقديم الاستشارات الطبية مجاناً عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وايضاً أصحاب الصيدليات يقومون بصرف العلاج مجاناً للمحتاجين ونـجد خياطاً يقوم بخياطة ( الكمامات الطبية) وتوزيها على المواطنين ، ومنهم من قام بإنشاء مرشات تعقيم في الشوارع والأماكن العامة ودوائر الدولة، مواقف مشرّفة سطّرها العراقيون وسط هذه الإجراءات الوقائية من أجل الحرص العالي على صحة المواطن و الحد من انتشار الفايروس بين أبناء المعمورة.
ولأهمية الحظر الوقائي يمكننا تعريفه بأنه قطع الحركة والتجول في منطقة معينة او بلد معين لظروف استثنائية أو طارئة تمر بها المنطقة مثل انتشار الأمراض والاوبئة أو الحروب, وقد أوصى الأنبياء وخاصة سيدنا محمد (ص) الذي أرسى مبادئ الحجر الصحي والالتزام بالوسائل الوقائية عند انتشار مرض معدِ حيث قال :- (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه).
ومن خلال ما تم ذكره يمكننا تحديد أهمية وفوائد الحظر الوقائي نرى مايلي:
- تعزيز الثقة والترابط بين أبناء المجتمع.
- الاستعمال الجيد لمواقع التواصل الاجتماعي بعد ما كانت الشائعات والاخبار الكاذبة وعدم تقبّل اراء الاخرين والتهجّم عليهم هي الصفة البارزة فيها اليوم وبفضل الفيروس نلاحظ ايجابية ملموسة في الاستخدام منها بنشر سبل الوقاية وتعزيز هذه الثقافة التي كانت شبه منعدمة في مجتمعنا وكذلك الدعوة الى مساعدة الاخرين والاهتمام بهم.
- معرفة قيمة الاشياء التي كنا نـجهلها فمثلاً كنا لا نهتمّ بأخذ جولة في حديقة المنزل والاستمتاع بما تجود به الطبيعة من الهواء والماء والنبات والشمس فعندما نستنشق الهواء او نتعرّض لأشعة الشمس او ننظر لشجرة جميلة كأننا لم نحسّ بوجودها واهميتها فهذا يعكس لنا مدى اهمية هذه العناصر والمحافظة عليها مستقبلاً.
- ممارسة التمارين الرياضية مع افراد الاسرة وكذلك المشاركة الجماعية بالأعمال المنزلية ما اعطى فرصة لكل فرد من الاسرة ان يشعر بأهميته كعنصر فعال داخل المنزل وهذا ما نلاحظه من خلال ما تقوم به بعض الاسر من نشر يومياتها خلال فترة الحَجْر بمواقع التواصل لرفع الملل عن الاخرين وتشجيعهم على التقارب والتماسك، وهناك الكثير من الفوائد التي تساعد على بناء المجتمع الذي كان شبه متفكك .
سيدي القارئ يمكنك ملاحظتها في الوسط المحيط بك وتدوينها في سجل يومياتك من اجل عدم الشعر بالملل والاحباط نتيجة التزامك بمعايير الحجر الوقائي.