بقلم: حـسـن رفعت الموسوي
معروف إن أي ظاهرة لا يمكن أن تولد من فراغ بل تمر بعدة مراحل تتمثل، بالولادة والنشأة والتطور إلى أن تصبح كونية ومن ثم تتعرض إلى الاهتمام والعناية بها إذا كانت لا تخالف القوانين والأخلاق والإنسانية والدين.
أما إذا كانت عكس ذلك فإنها تتعرض إلى التجريم، وهذا مطبق على ظاهرة غسل الأموال فهي عملية تستهدف الى إضفاء الشرعية على أموال متحصلة من مصدر غير شرعي وتنطوي على إخفاء مصدر المال المتحصل عليه من انشطة إجرامية وجعله يبدو في صورة مشروعة.
كل شيء مباح في هذا البلد وكل شيء يمكن ان تطأه اقدام الساسة في العراق وفي ظل الفوضى و غياب القانون الذي يعاني منه العراق منذ مدة ليست بقليلة ظهرت لنا جريمة غسل الاموال حيث لم يعرف العراق حتى وقت قريب جريمة غسل الاموال الا ان هذه الجريمة لاقت رواجا فلا يخفى على القارئ وضع البلد وما يمر به حيث ان مصادر تمويل نسبة ليست بقليلة هي مصادر غير قانونية.
لهذه الجريمة مصادر عديدة منها تجارة المخدرات والرشوة والفساد الإداري والاختلاس والتهرب الضريبي وفتح دور اللهو والقمار وجرائم التهريب المختلفة...الخ ولهذه الجريمة أيضا اثار اقتصادية تتمثل بالكسب غير المشروع واضعاف الدخل القومي وتهريب رؤوس الاموال الوطنية الى الخارج.
ومن ناحية اخرى لها اثار اجتماعية تتمثل بانتشار الجريمة وشياع الفساد في المجتمع واضعاف روح المواطنة حيث يرى عامة الناس ان المجرمين يتمتعون بثرواتهم من المال الحرام ولا يستطيع القانون الوصول اليهم.
جريمة مهمة تحتاج الى فك طلاسمها حيث تناولت التشريعات في كل الدول تعريف جريمة غسل الأموال والعقوبات التي توقع على مرتكبيها، وأصدرت المنظمات الدولية والإقليمية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وأيضا كافة البنوك المركزية العديد من اللوائح والتعليمات المنظمة للاصطفاف معا في محاربة جريمة غسل الأموال وتوابعها، وكل هذا انطلاقا من ضرورة السيطرة الكاملة على هذه الجريمة التي تشكل أضرارا كثيرة على الاقتصاد في المستويين الدولي والمحلي.
وبالوصول الى موقف المشرع العراقي فقد عالج موضوع غسل الاموال في قانون مكافحة غسل الاموال و تمويل الارهاب رقم 39 لسنة 2015 الصادر من الوقائع العراقية بالعدد (4387) حيث جاء في الفصل الحادي عشر العقوبات المفروضة على مرتكب هذه الجريمة فقد نصت المادة (36) من القانون يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على (15) سنة و بغرامة لا تقل عن قيمة المال محل الجريمة و لا تزيد على خمسة اضعاف كل من ارتكب جريمة غسل الاموال وقد اكملت المواد من (37 الى 48) بقية العقوبات التي نص عليها القانون. وبالرغم من كل التحركات المنتشرة في كل الاتجاهات، إلا أن مرتكبي هذه الجريمة ظلوا يبتكرون العديد من الطرق للالتفاف حول القانون وجهات تطبيق القانون، وسيظل هذا السجال مستمرا إلى ما لا نهاية مالم يواكب التشريع العراقي التطورات التي تحدث يوم بعد يوم في عالم الجريمة ومن أجل تحقيق هذا الهدف السامي لنتحد جميعا صفا واحدا متماسكا لنحمي أنفسنا ومجتمعنا من هذه الجرائم.