فشل الدبلوماسیة العراقیة ومنذ تأسیس ھذه الدولة عام 1921 وحتى الآن في الحصول على اتفاق يضمن حصته المائیة من دول الجوار، يبقي العراق في مواجھة مستمرة مع خطر فقدانه 60في المئة من میاه نھري دجلة والفرات، ويجبره أيضاً على التعاطي بإيجابیة مع دول المنبع تركیا وإيران، والتعامل بحذر مع سیاستھما المائیة الداخلیة، خصوصاً بعد اندلاع عشرات المواجھات بین قبائل جنوب العراق، بسبب شح المیاه وتقلیص الحصص المخصصة للزراعة، وتضرر المساحات الصالحة للزراعة.
ويشترك العراق وتركیا في نھرين كبیرين ھما دجلة والفرات، ويمرّان بمسافة قصیرة داخل الأراضي السورية أيضاً، ويعتمد نھر دجلة في شكل كامل على منابع تركیا، فیما تغذي أنھر عراقیة فرعیة
دجلة بما نسبته 42 في المئة من میاھه، وتأتي البقیة من تركیا وإيران التي تشترك ھي الأخرى بأكثر من 41 نھراً فرعیاً تنبع من إيران وتصب في العراق، عملت إيران على قطع النسبة الأكبر
عبرھا للجفاف منھا ببناء سدود علیھا، ما تسبب بقلة واردات دجلة.
وقبل عقدين، كانت إيرادات نھر دجلة تفوق 50 بلیون متر مكعب سنوياً، وتراجعت في الفترة الأخیرة إلى ما دون 7 بلايین متر مكعب سنوياً، فیما كان إيرادات نھر الفرات ألف متر مكعب في الثانیة،
وتصل حالیاً إلى 180 متراً مكعباً في الثانیة.
وأكدت نائب رئیس لجنة الاقتصاد والاستثمار النیابیة، نورة البجاري، أن السفیر التركي في بغداد "رفض خلال اجتماعات اللجنة المتكررة معه قیام الجانب العراقي سواء الحكومة أو البرلمان،
بتضمین الاتفاقات ومذكرات التفاھم بنوداً تتعلق بالحصص المائیة".
واعتبرت أن السفیر "كان يحاول فصل ملف المیاه عن أي اتفاق اقتصادي أو تجاري بین البلدين، وكأنه يريد إيصال رسالة تفید
بأن تركیا ترفض أي الزام يحدد حصة مائیة".
وأوضحت أنه: "بدأت تركیا ومنذ عقود تنفیذ أكبر السدود المائیة على نھري دجلة والفرات، ما ينذر بخطر كبیر على وجود الدولة العراقیة ككل، كون الموضوع يتعلق بحیاة شعب كامل وأمنه الغذائي وحضارته، التي كانت ولا تزال تُعرف بحضارة وادي الرافدين.
ولم تستبعد البجاري أن "يكون سبب الصراع الإقلیمي المقبل حول المیاه وحتى الصراع العراقي – العراقي، إذ تتجدد كثیراً المواجھات بین عشائر الجنوب خصوصاً بین محافظات واسط وذي قار
ومیسان والبصرة وحتى الفرات الأوسط حول الحصص المائیة".
وكشفت أن مساحات الأراضي المزروعة "تراجعت أضعافاً كثیرة خلال السنوات الماضیة، نتیجة شح الأمطار وخفض إطلاقات
النھرين، من قبل تركیا وإيران".
ورأى وزير الموارد المائیة السابق عبداللطیف جمال رشید، أن المیاه "تضطلع بدور أساس في التنمیة الاجتماعیة والاقتصادية في أنحاء العالم، وكذلك الحال في العراق، حیث نشأت الحضارات
السومرية والبابلیة والأشورية الأولى على ضفاف نھري دجلة والفرات قبل آلاف السنین، ورافق تلك الحضارات إنشاء أولى المنشآت الھیدرولیكیة والسدود وقنوات الري وسن القوانین التي تنظم استخدام میاه الأنھر".
وعن السیاسات المائیة في العراق والتحديات التي تواجھه في استثمار الموارد المائیة، أوضح أن "سیاسة التخبط التي انتھجھا النظام السابق والدخول في صراعات داخلیة وحروب إقلیمیة
ودولیة والحصار الاقتصادي، فضلاً عن عدم تخصیص المبالغ اللازمة لأعمار البنى التحتیة وتنفیذ المشاريع التنموية وغیاب الاستراتیجیات الواضحة للنھوض بالواقع الاقتصادي والتنموي، عوامل أدت إلى ترد كبیر في ھذا القطاع، وكان معظم المشاريع الاستراتیجیة الضخمة بدوافع سیاسیة أكثر من كونھا حلولاً فنیة".
وتقل الإيرادات المائیة الحالیة لنھري دجلة والفرات كثیراً عن معدلاتھا الطبیعیة مقارنة بالسنوات السابقة، إذ كان المعدل السنوي لـواردات عمود نھر دجـلة 43.19 بلیون متر مكعب ويبلغ المعدل
العام لإيراداته مع روافده 48.49 بلیون متر مكعب، ولنھـر الفرات 3.30 قبل إنشاء مشروع الكاب التركي.
أما معـدل الإيرادات المتوقعة بعد اكمال مشروع الكاب، فتقدر بـ45.8 بلیون متر مكعب لنھر الفرات و16.9 بلیون متر مكعب لنھر دجلة، وذلك بفرضیة اكمال المشاريع الخزنیة والري المخطط تنفیذھا في تركیا وسورية، وكذلك عند غیاب اتفاق يحدد الحصص المائیة لكل بلد.
المصدر: صحف عربیة
أقرأ ايضاً
- 350 صاروخا على إسرائيل
- فيديو:وافد لبناني يعالج اخيه في كربلاء : بركات الامام الحسين تجلت في كرم الشعب العراقي
- رسمياً.. انتهاء مهام إلينا رومانسكي في العراق