حجم النص
فلاح المشعل يحدث في بلادنا نوع غريب وشاذ من الفساد، لم ولن يحدث في كل دول العالم، اقصد به الفساد العشائري الذي نشأ،بحسب تقديري، بتدرج عن الفساد المالي والإداري والأخلاقي الذي فاض به مجتمعنا بعد 2003. الفساد العشائري المقصود يتجلى في أعداد ليست قليلة صارت تذهب الى المحاكم طالبة تصحيح لقبها، أي تغيير انتمائها العشائري بحسب عشيرة رئيس الحكومة وقادة الأحزاب السياسية النافذة طبعا ً، وقد لفت نظري نشر العديد من الإعلانات الصادرة عن المحاكم وهي تناشد من لديه اعتراض على تغيير اللقب الى (العبادي)..؟ حين تساءلت وبحثت في الموضوع ظهر ان هذه الموجة من طلبات تغيير اللقب بدأت قبل اربع سنوات واكثر، واللقب المنشود الأكثر رواجا ً حينها كان (المالكي)..!؟ اما لقب (الموسوي) و(الحسني) و(الحسيني) فحدث ولاحرج..!؟ تغيير بورصة العشيرة في المحاكم صار يتناسب طرديا ً مع لقب رئيس الوزراء، أو تلك الشخصيات صاحبة السلطة والتعيينات والصفقات والعطايا و...وغيرها...! العراقيون ومنذ الأزل يحتلهم نفسيا ًهاجس الإعتزاز بالعشيرة واللقب، جميع العراقيين من عرب وكرد وتركمان، رغم وعيهم الحضاري، بل ثبتت الأعراف الإجتماعية ان من لاعشيرة له، يعني لاأصل له، بمعنى لقيط أو منزوع من العشيرة لأسباب قاهرة. بعض المفارقات التي حصلت في العراق خلال الأربعينات والخمسينات، ان بعضهم إدعى أنه يتحدر عن أصول أو تبعية فارسية، كي يتهربوا من الخدمة العسكرية لأنها لاتشمل من كان تبعية لقومية غير عربية أو كردية، لكن المساكين دفعوا ثمنا ً باهضا ً حين وجدوا أنفسهم مع عوائلهم عند الحدود العراقية الإيرانية، في موجة تسفير شملت الآلاف منهم، جراء الخلاف السياسي بين العراق وايران آنذاك..؟ في زمن صدام كنا نسمع عن إدعاء البعض أنهم (تكارته) رغم نأيهم عن العوائل التكريتية المعروفة والكريمة في مدينة تكريت، لكنهم من قرى صلاح الدين فيتشبثوا على اساس الولاء المناطقي، لكن لم يجرأ أحد على تغيير نسبه العشائري. الان موضوع تغيير الالقاب لايحمل من تفسير سوى تملق شخص الرئيس أوعشيرته او محيطه العائلي، ومحاولة إعطاء أهمية إجتماعية وأحيانا وظيفية لشخصه من خلال تواشجه العشائري مع شخص الرئيس..!؟ هذا السقوط الإجتماعي يترجم نوعا ً من الفساد الأخلاقي الذي صار ينمو ويتكاثر برعاية العديد من القوى السياسية النافذة وعناصرها الطفيلية التي تشجع على ذلك، وهي لم تكتف بسرقة حقوق الشعب وثرواته وسنواته وأحلامه وأمنه ومستقبله فقط، بل صارت تتطفل وتسرق الألقاب والعناوين في مهرجان متواصل من الكذب والتزوير وتشويه الحقائق وسيادة الأمية و(اللوكية) و(السيبندية). [email protected]
أقرأ ايضاً
- القصف الذي أراح بايدن
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- الأخطاء الطبية.. جرائم صامتة تفتك بالفقراء