- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لا تُسلِّموا رِقابَنا للارهابيّين
حجم النص
بقلم: نــــــــزار حيدر لا ادرى مدى دقّة العبارة التي نقلتها اليوم وسائل الاعلام على لسان السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور العبادي في المؤتمر الصحفي المشترك مع ضيفه التركي وقوله [ان الجانب التركي تبرع بمساعدة العراق عسكرياً عن طريق تدريب وتسليح أفراد الحرس الوطني المزمع تاسيسه]. وزادت وسائل الاعلام على لسانه قوله [ان قوات المتطوعين العراقيين بحاجة الى تدريب وقد نناقش إمكانية تدريب هذه القوات في تركيا المجاورة]. ولو افترضت جدلا انني احد الذين سيناقش السيد رئيس مجلس الوزراء معهم هذه الفكرة، فسأرفضها رفضاً قاطعاً، وذلك للاسباب التالية: اولا؛ ان تركيا لازالت عدواً في حربنا على الارهاب وليست صديقاً، فهل يُعقل انني ابعث متطوّعي قوات بلدي اليها لتدرّبهم؟ ربما في نفس المعسكرات التي يتدرب فيها الارهابيون الذين تجمعهم انقرة من كل حَدَبٍ وصوب لتزج بهم الى العراق وسوريا لقتلنا وذبحنا وتدمير بلدنا؟. واذا قال احدٌ انها صفقة سياسية ليثبت العراق حسن نية، فأقول؛ منذ متى كان على الضحية ان يثبت حسن نواياه لقاتله؟ والى متى يجب على العراق ان يثبت حسن نواياه لقتلته؟ بالامس نظام القبيلة واليوم تركيا؟ ومتى سيثبت لنا القاتل حسن نواياه أزاء شعبنا واهلنا؟ ام نسينا مافعلته تركيا لحد الان ضدنا حتى جرت الدماء انهارا؟. ثانياً؛ الأمن هو الجهاز العصبي والعمود الفقري في كل بلد ومنها العراق، ولذلك لا يجوز ان يتصرف به او يمد يده اليه وعليه احد، الا أهل البلد انفسهم. والتدريب العسكري، كما نعرف، خرائط وخطط وميزانيات فكيف نفكّر بتسليمها لبلد مثل تركيا التي لم تثبت لنا لحد هذه اللحظة انها صديقتنا وحليفتنا في الحرب على الارهاب؟. هل نسينا ما ظلّ يفعله النظام في الاْردن عندما تقرر ارسال المتطوعين الجدد لقوات الجيش والشرطة لتدريبهم هناك بُعيد سقوط الصنم؟ هل نسينا كيف كانوا يقضون الأسابيع الثلاثة في التدريب وفي طريق عودتهم براً الى العراق كان الارهابيون بانتظارهم لقتلهم وابادتهم عن بكرة اليهم بعد ان كانوا قد استعدوا لهم بناء على معلومات دقيقة تزوّدهم بها المخابرات الاردنية؟. رحم الله تعالى الامام الخميني الذي رفض اكثر من مرّة مقترحاً تقدّم به المرحوم ياسر عرفات عندما زار طهران في اليوم الثالث لانتصار الثورة الاسلامية والقاضي بإرسال شباب الثورة الى لبنان لتدريبهم أمنيا وعسكريا على يد قوات الثورة الفلسطينية لتُشكِّل منهم الثورة، فيما بعد، قوات حرس الثورة الاسلامية، وعندما سُئِل الامام عن سبب رفضه القاطع اجاب: تطلبون منّي ان اسلّم رقبتي له!. ومنذ ذلك اليوم ولحد الان حرصت القيادة في ايران على ان تبني قواتها المسلحة واجهزتها الأمنية بخبراتها الذاتية من دون ان تمنح أدى فرصة لكائن من كان ليتدخل في ذلك ولو قيد انملة، ولذلك ظل جهازها العصبي وعمودها الفقري في منأى عن الاختراق، بل انه يُعد اليوم احد الأسرار العظيمة في منظومة الأمن القومي الذي يموت الغرب ليعرف عنه شيئا، فكانت ان امتلكت عنصر المفاجأة والمباغتة. لنحذر، اذن، ان نسلّم جهازنا العصبي بيد احد، فسنكون تحت رحمته أبداً. قد يقول قائل، ان المقصود بالتدريب هم قوات الحشد الشعبي في الموصل وليس الكرد او المحافظات الجنوبية، وأجيب: قطعاً لن يذهب للتدريب حتى عنصر واحد لا من الكرد، فهم اذكى من الترك، ولا من محافظات الجنوب، لانهم يعرفون ان الأتراك يتعاملون معهم بعنصرية وطائفية، ولذلك لم ولن يوافقوا على التدريب هناك، فالحديث محصور بابناء الموصل، ومع ذلك أقول ان في الامر مخاطرة، أوَليست الموصل جزءاً من العراق؟ فكيف نجيز لانفسنا ان نسلّم أمنها بيد انقرة من خلال مشروع التدريب هذا؟ الا تؤثر الموصل على كل العراق اذا تعرضت لأي اذىً امنيّ؟ ولنا فيما يجري اليوم درسٌ. فضلا عن كل ذلك، اتساءل؛ هل ان العراق بحاجة الى تدريب قواته خارج الحدود؟ ما الذي تمتلكه انقرة او غير انقرة بهذا الصدد ولا يمتلكه العراق؟ واذا كان العراق عاجزاً عن تدريب قواته بعد (١١) عاما من التغيير التي شهدت مشاريع تدريب أمنية وعسكرية في داخل العراق وفي عدد من بلدان العالم ومنها الولايات المتحدة، هذا يعني ان على العراق ان يعترف بفشل كل تلك المشاريع، والا لكان عنده اليوم كم متراكم هائل من الخبرة والتجربة بهذا الصدد. اخيراً؛ الم تخبرنا واشنطن بانها أرسلت لحد الان اكثر من (٣٥٠٠) خبير عسكري الى العراق للتدريب والاستشارات الأمنية والعسكرية؟ فلماذا نفكّر في ارسال قواتنا للتدريب في انقرة اذن؟ ما الذي يفعله هؤلاء الخبراء في العراق؟ ما الذي يفعله بقية الخبراء الأجانب الذين بعثتهم عدة دول أوروبية وغير أوروبية الى العراق؟