- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
اين الشباب ... في برلمان الشباب ؟
تؤكد جميع الدراسات الى ان الشباب يشكل الشريحة الاكبر عدداً في المجتمعات النامية حيث تعد شريحة الشباب الاساس المهم للمجتمع وهي الشريحة الاكثر حساسيةً على المستوى الاجتماعي من ناحية وضعها ومسارها ومصيرها ,الا انها رغم ذلك وفي نفس الوقت هي الشريحة الاكثر استقطاباً للازمات والتهميش والتسقيط .
فهناك العديد من المؤسسات والوزارات والتي تسعى الى هدفٍ سامٍ وهو بناء الانسان .وكم نحن بحاجة الى انسان مبني وفق منهج وطني وتربوي صحيح ,فبعد سنين طوال من مناهج مقيتة ساهمت وبشكل كبير في هدم الانسان من خلال مشاريع تربوية عرجاء ومؤسسات مؤدلجة بفكر (القائد الضرورة) وغير ذلك من الاساليب التي اسهمت وبشكل فاعل في تمييع شخصية الشاب العراقي .واليوم تطلع علينا وزارة الشباب والرياضة بفتحها المبين من خلال انشائها (برلمان الشباب) هذه الفكرة التي ربما نمت وترعرت في ذهنية السيد وزير الشباب والرياضة او في ذهنية احد وكلائه او احد الجهابذة من مستشاريه ,النتيجة واحدة ......برلمان شباب .....لشباب ....لايعرف ماذا يريد بالضبط
نحن لانريد ان نبخس حق الآخرين او نتجنى على احدٍ ,لكن الواقع يقول هكذا ,فالجميع يحتاج الى تأهيل ,صحيح نحن شعب المحنة والحروب والحصارات كل شيء فينا اصبح مختلفاً عن بقية شعوب الارض ! فنحن شعب الاستثناء نقولها بالفم المليان لاننا علّمنا شعوب الارض الصبر والمطاولة والصمود !!! ولذلك نقول علينا ان نعيد تأهيا شبابنا من جديد . فليس عيباً حينما نذكر سلبيات وممارسات الشباب اليوم ذلك لم يكن انتقاصاً اطلاقاً وانما احساساً كبيراً بعظم المسؤلية الملقاة على الجميع باعادة بناء الشباب العراقي من جديد ,نحن لاندعي المزايدة على دور الشباب معاذ الله فنحن ادرى بان الشباب العراقي خرج من رحم المحنة والحروب والحصارات فلم يجد الفرصة المناسبة لكي يستعيد توازنه وبالتالي لكي يأخذ دوره الصحيح في بناء الوطن ,فقد سعت الحكومات المتعاقبة على هذا الشعب المظلوم تسخير وتوظيف الشباب لفكرها ومنهجها واديولوجياتها ولما هي تريد لا مايريد الشباب انفسهم .
فقد ولى والى الأبد زمن عسكرة الشباب والمجتمع وزمن منظمات الطلائع والفتوة والاتحاد الوطني وغير ذلك من المؤسسات التي كانت تمثل وجهاً من وجوه البعث الشوفيني والتي كانت تسعى الى ان تؤدلج الشباب العراقي وفق نظرية الحزب القائد واطروحات القائد الضرورة ونزوات الكسيح عدي ,ذهب ذلك الزمن الى غير رجعة وفتحت كل الابواب امام تطلعات الشباب العراقي بعد الزلزال النيساني الخالد في عام 2003 بشكلٍ كبير جداً .وامام هذه المساحة الكبيرة من الانفتاح والتي يشهدها العراق الجديد ,شرع الشباب العراقي بالتعامل مع الوضع الجديد وفق معطيات جديدة وغريبة احياناً عن طبيعة وتقاليد واعراف مجتمعه .مما جعل حالة اللاتوازن تلازم ملامح الشباب العراقي ,مما انعكس بشكلٍ سلبي احياناً على ممارسات وسلوكيات الشباب العراقي وهذا ليس بخافٍ على كل من يعمل في المجال التربوي سواء كان ذلك على مستوى المدارس او الجامعات ,نحن لانريد ان نرسم صورة قاتمة للوضع لكننا آثرنا منذ البداية ان نكون موضوعيين في طرحنا بعيداً عن لغة المجاملة السمجة واالطرح الاعلامي الذي يحاول عبثاً في تزيين الصورة .ومن هنا نقول ان الحاجة اصبحت ملحة الآن لوجود مؤسسات فعالة تعمل وفق مبادىء تربوية ووطنية وديمقراطية حديثة ومعاصرة لبلورة طاقات الشباب وتوظيفها بالشكل الذي يضمن انتمائها لتقاليد واعراف ومبادىء المجتمع العراقي والمحافظة على خصوصية وهوية المجتمع وبالتالي زج الشباب العراقي بعملية بناء واعمار البلد من خلال تنمية روح المواطنة في نفوس الشباب بشكل يضمن حرياتهم فيما يرونه مناسباً . ونظن بل نجزم ان وزارات التربية والتعليم العالي والشباب والرياضة هي المؤسسات القادرة على ذلك لكونها تمتلك المؤهلات العلمية والفنية والبشرية على النهوض بواقع الشباب ,شرط ان تعمل هذه الوزارات بمهنية صرفة بعيداً عن التحزبية المقيتة والطائفية الصفراء والتي على مايبدو انها فتكت بجسد الدولة العراقية .فمنذ عام 2003 لم تفعل هذه الوزارات شيئاً يذكر للشباب فقد غرقت هذه الوزارات في منهجية عمل مرتبكة حيث كانت السياسة تتحكم بهذه الوزارات اكثر مما يتحكم فيها النظام والمهنية والاختصاصية بالعمل .وهكذا اصبحت السياسة تمثل معول هدم لكل شيء طالما كانت هناك محاصصة سياسية وفعلاً رحم الله من قال (مادخلت السياسة شيئاً الا وافسدته) .
واليوم تطلع علينا وزارة الشباب والرياضة( ببدعة برلمان الشباب) فقد رصدت وزارة الشباب والرياضة مبالغ طائلة قُدرت باكثر من (350) مليون دينار ,في الوقت الذي نست او تناست هذه الوزارة مسؤلياتها الاساسية في اعادة بناء واعمار البنى التحتية الرياضية والتي كنا نسمع بها فقط ولهذه الفقط احكام لايعلمها الا الله والراسخون في دائرة المشاريع الهندسية من المختصين بأنشاء ساحات الفرق الشعبية واسيجة الـ بي آر سي !!!
دعونا نبني للشباب منتديات وملاعب وقاعات قبل ان ننشأ لهم برلمان وفق خصائص حزبية وطائفية وسياسية ضيقة فما جدوى كل ذلك افتونا مأجورين !!!
لماذا نريد لطاقات شبابنا اليوم ان تتقولب في اطار من نظريات وافكار وبرلمانات ما انزل الله بها من سلطان ؟
لقد قتلتنا الاديلوجيات من قبل ...ولذلك لانريد ان نعيد الكرة مرة اخرى ونجعل من شبابنا بيادق شطرنج خاوية بيد السياسيين ذو السياسات والافكار الاحادية النظرة .فالشباب العراقي هم بطاقاتهم التي لو تم بلورتها بشكل صحيح سيكونون اكبر من قاعة برلمان لانشاهد فيه سوى شباب لايجيدون سوى صرعات الموضة من الملابس وقصات الشعر والثقافة السطحية والساذجة والتي تسمى للاسف بثقافة (الوا وا ) .
فالامم لاتنهض ولاتتقدم الا بشبابها وليعلم الجميع ان شباب العراق قد ادرك مايضمره الجميع لان العراقي بالاساس هو ( مفتح بالتيزاب وليس باللبن فقط) فهو شباب خرج من رحم المحنة والحروب والحصارات فلم يعد يحتاج بعد هذا اليوم الى برلمانات شباب خالية من الشباب !!!
M_alrekabby@ yahoo.com
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟