- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
رمضان شهر الرحمة... فلنقض على موجبات النقمة
يعد شهر رمضان من الأشهر المحببة والمباركة عند الله سبحانه وتعالى، ويتمتع هذا الشهر الجليل بالكثير من الخيرات والبركات والمغفرة والدعوات المستجابة وتفتح به أبواب السماء حيث ينتظره الناس بفارغ صبرهم وأملهم، وبه فرض الله سبحانه وتعالى الصوم والذي اثبت في كتابه المحكم والسنة المحمدية، وله فوائد جمّة وفيه ترويض النفوس وتعليمها الصبر والوقوف أمام كل المصاعب الشاقة التي تواجهنا في الحياة، ومع إطلالة هذا الشهر الفضيل يواظب المسلمون بالإضافة إلى الصيام على الإكثار من الدعاء وقراءة القران وعمل الخير والمعروف بأشكاله..
روي عن أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام أنهم قد حثوا وأوجبوا على كل مسلم يرجو غفران الله ومثوبة الآخرة أداء مناسك شهر رمضان المبارك على أكمل وجه، ونذكر خطبة أمير المؤمنين التي نقلها عن خاتم الأنبياء والمرسلين شفيعنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم حول الشهر الفضيل: أيها الناس أنه قد اقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر عند الله أفضل الشهور وأيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات وهو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعائكم فيه مستجاب.
المعطيات التي تنهمر على العبد في شهر رمضان لا تساوي ما يكابده المكلف من متاعب بتحمله الجوع والعطش إبان امتناعه عنهما في نهار رمضان ولا تساوي ما يساوق صومه من كبح الجوانح والجوامح سواء كان مما يسوغ لغيره أم لا، فبالإضافة إلى كل ما ذكر فإنها تعد لا شيء عند مقايستها بالبركة والرحمة والمغفرة الإلهية التي يحصل عليها المؤمن وتكون انعكاساتها واضحة على حياته الدنيوية والأخروية، فهي إذن تنعكس معطياتها على المؤمن الملتزم وهو الذي يحظى بالصحة والعافية والسلامة في البدن والدين والعاقبة، وحري بكل عاقل أن يستغل الفرصة الإلهية الثمينة خير استغلال ويحصل على الكرامة والفوز من عقبات الدنيا وأهوال الآخرة، لعله لا يحصل عليها في القابل وهي خير محطة للتزود بالتقوى وإن وسائلها متوفرة في رمضان أكثر من أي شهر آخر لا سيما فيه ليلة تعد خيرا من ألف شهر من ناحية الفضل وتقبل الأعمال الصالحة وهلاك الأعمال الطالحة، فهي فرصة العمر والعاقل اللبيب هو من يقتنصها من دون تسويف وإلا لات حين مندم.
الصوم جُنة من النار ووعد الله الصائمين بباب في الجنة أسمه الريان، لا يدخل منه إلا الصائمون وإن شاء الله الصائمون في كل العالم والعراق بالخصوص سينالون هذه الهدية ويدخلون في شفاعة محمد وآل محمد (ص) من هذا الباب، ولكن مع الأسف بعض الشباب وشرائح من المجتمع بدون عذر موجه - من قبيل المرض أو السفر - لم يؤدوا هذه الفريضة، وهذا ما يضاعف المسؤولية على الجميع من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من تكثيف الجهود لنشر علوم آل محمد (ص) وحث الناس على التمسك بالفرائض والسنن الإلهية، وعلى رأسها الالتزام بصوم شهر رمضان وعدم الإفطار العلني سواء كان لمن عنده عذر أو لا، احتراما لمشاعر المؤمنين وتقديسا للأحكام الإلهية التي تجلب على الأمة الخير والبركة والرحمة والرضوان، ونحن بأمس الحاجة إليها لما نمر به من مراحل عصيبة بسبب تردي جانب الأمن والخدمات في عراقنا الحبيب.
يشهد الشهر الفضيل ومع بالغ الأسف ظاهرة متفشية وهي الإفطار العلني، وكانت الأسباب مختلفة فقسم منهم يقول بسبب حرارة الجو وآخر يقول لا استطيع الامتناع عن شرب السكائر، وثالث يقول لدي أشغال شاقة تمنعني من الصيام! وكذلك تجد من يعلل إفطاره بالجوع والعطش وضعف البدن وتجد من يفطر تماديا وعدم مبالاة، ولأجل الوقوف على حيثيات فوائد الصوم للصائمين وكيف يعلمهم الصبر والقناعة حيث أن الصيام له معنى خاص من ناحية الصبر على المعاناة التي تحيط بنا من كل جانب من تدني الوضع المالي وقلة الخدمات، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على إيمان هذا الشعب الذي يؤمن إن الأجر على قدر المشقة، وكلما زاد الإيمان زادت متاعبه، وهذا ما نص عليه إمامنا الصادق (ع) حيث قال: المؤمن مُبتلى، فشعبنا بما انه مؤمن وصلب فقد حُف بالبلاء من كل جوانبه، وبما أن الصوم رحمة وتعلُّم وترويض للنفس صار اليوم امتحان نتيجة المتاعب الكثيرة التي يمر بها الصائم في بلدنا العزيز.
وما لحرمة هذا الشهر وقداسته عند الله تعالى ورسوله والأئمة الأطهار ( صلوات الله عليهم أجمعين) وعند المسلمين جميعا من دون استثناء ولما هو ملحوظ من تفشي ظاهرة الإفطار العلني في الأماكن العامة وفي الدوائر المدنية والعسكرية .. ولما هو حرقة على المسلمين من حرمانهم الإغتراف من منهل الرحمة الإلهية في هذا الشهر الفضيل والمبارك، على جميع المعنيين تبيين كرامة هذا الشهر عند الله وعظمة الثوابات التي تنتظر الصائم المحتسب، واتخاذ الإجراءات الصارمة لمن يعاند ويصر على الإفطار العلني، للحد من هذه الظاهرة المريبة.. كما هي دعوة للمواطنين إلى احترام حرمة وقدسية هذا الشهر المبارك حيث إن الإفطار العلني حرام عند الله تعالى وانه سيكون سببا لتعريض المخالف إلى العقوبة الإلهية...
ولابد لهؤلاء المواطنين المتسامحين من ملاحظة إن العراق بلد يغلب على أهله الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية وهو بلد الأنبياء والرسالات السماوية وبلد الأئمة الستة وعاصمة دولة الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف) العالمية فلا بد من مراعاة حرمة هذا الشهر أكثر من بقية المجتمعات والدول الأخرى... ناهيك عن إن العراق يمر بمرحلة عصيبة قد تكالبت عليه قوى الشر والعدوان للانقضاض على تجربته الديمقراطية الرائدة وما تمخض عنها من حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر من دون ضغط أو إقصاء، وهذا ما يفسح المجال أمام المسلم بالالتزام بتعاليم دينه والافتخار بها والاعتقاد بأنها السبب الرئيسي في توفيقه وتعاليه تجاه كل ما يصبو إليه من مشاريع التكامل والتطور والتقدم، وهي في الوقت نفسه تقضي على موجبات الفساد والنفاق التي تنتاب ضعاف النفوس من الأشرار والموتورين والمنافقين.
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد