أهاب سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجعية الدينية العليا في خطبته الثانية من صلاة الجمعة 7 رجب 1429 هـ الموافق 11/7 /2008 م من الصحن الحسيني الشريف بالأعداد الغفيرة من جموع الزائرين الذين توجهوا لأداء زيارة العسكريين بمناسبة استشهاد الإمام علي الهادي عليه السلام في الثالث من رجب وأضاف ( إن هذه الزيارة تعبر عن الحب الكبير والعشق والولاء لأهل البيت عليهم السلام من قبل محبيهم الذين ابدوا استعدادهم للتضحية رغم مخاطر الطريق لكي يعبروا عن الولاء وتجديد العهد للسير على نهج وخطا العسكريين عليهما السلام، وكذلك تعبر عن الإخوة الإسلامية مع أبناء سامراء وجميع أبناء الطائفة السنية، وإشاعة روح التحابب والتوادد والتآخي بين أفراد الشعب الواحد).
ووجه سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي شكره للزائرين والمسؤولين بقوله ( نتوجه بالشكر الجزيل لهؤلاء الزائرين الذين أدوا مراسم الزيارة بشكلها الإيماني ونتوجه بالشكر إلى الأجهزة الأمنية لتوفير الأمن والحماية للزائرين، ونتوجه بالشكر للإخوة في المواكب الذين قدموا الخدمات للزائرين، وشكر خاص لأهالي سامراء لاستقبالهم واحتضانهم تلك الجموع وان دل على شيء فإنما يدل على مشاعر الإخوة والود التي يكنونها تجاه إخوانهم الزوار، وهناك نداء للحكومة والأجهزة الأمنية أن يوفروا المزيد من فرص الأمن لزيارة مرقد الإمامين العسكريين مستقبلا، لأننا نجد شوقا وتطلعا ولهفة من الملايين لأتباع أهل البيت للزيارة خصوصا بعد عملية التفجير الإرهابي ).
ولا يخفى على كل ذي لب أن ( هناك نتائج ايجابية كبيرة تنعكس على التعايش السلمي بين الطائفتين الشيعية والسنية، وبالتالي تلقي بظلالها ايجابيا على الوضعين السياسي والأمني، ومما لا شك فيه أن التفجير أدى إلى حالة من الاحتقان الطائفي التي أدت إلى سقوط العديد من الضحايا من الطرفين، وهذه الزيارات ستخفف من وطأة الاحتقان وستشيع حالة التحابب والتوادد بين أبناء الشعب، وأملنا معقود أن تستجيب الأجهزة المعنية لتحقيق رغبة وتطلع الشعوب الإسلامية لزيارة العتبات المقدسة في العراق).
ونظرا لحساسية الوضع السياسي القائم في بعض مناطق العراق وجه سماحة الشيخ الكربلائي خطابه إلى المواكب والهيئات ورجال الدين والشعراء بقوله ( تعلمون بحساسية الوضع القائم في سامراء وحتى نصل إلى الأهداف السامية التي ذكرناها، لا بد أن نبتعد عن كل ما يثير المشاعر الطائفية وخصوصا في الكلمات والقصائد التي تلقى، والكل يعلم أن هناك تخوفا كان ينتاب جميع الشرفاء من أن ينزلق البلد إلى حرب طائفية ربما تمتد من عشرة إلى خمسة عشر سنة، ولكن بفضل الله تعالى والمرجعية الدينية والقادة السياسيين وبفضل الوعي والنضج الديني والوطني لأبناء الطائفتين، هذه العوامل جميعها قد فوتت الفرصة على الأعداء من الانجرار نحو الحرب الأهلية، لهذا أوصي جميع الإخوة الزائرين أن لا يصدر عنهم أي شيء يثير الحساسية الطائفية بل يقتصر نشاطهم في الدعوة إلى مقام ومنزلة ومناقب أهل البيت والدعوة إلى التعايش الأخوي بين مكونات الشعب العراقي ).
ومن جانب آخر ذكر سماحة الشيخ بما تناقلته وسائل الإعلام بشأن المفاوضات الجارية بين الجانبين العراقي والأمريكي، وأضاف ( إن هناك موقفا شعبيا ورسميا موحدا تجاه تلك الاتفاقية وهو مبني على الحرص على السيادة الكاملة للعراق، وهناك اتجاه أن تؤطر الاتفاقية بعنوان مذكرة تعاون، وهنا ينبغي أن نذكر انه ليس من الصحيح أن تتولى الحكومة العراقية تدوين جميع مراحل مذكرة التعاون، بل لا بد من إشراك المكونات السياسية الفاعلة في وضع البنود التي تطرح في المفاوضات، لان القضية تهم جميع أبناء الشعب العراقي، وفي مرحلة المصادقة لابد أن تعرض هذه البنود لمناقشتها مناقشة مستفيضة من قبل أعضاء مجلس النواب لأنهم يمثلون إرادة الشعب، ونحن نأمل من الأعضاء المحترمين أن يكون لهم حضور فاعل للدفاع عن المبادئ الوطنية الرئيسية وهي: الحفاظ على المصالح العليا للشعب العراقي، عدم المساس بالسيادة العراقية، عدم جعل العراق أرضا وجوا ومياها منطلقا للاعتداء على الآخرين ).
تناول سماحة الشيخ في جانب آخر من خطبته احتمال تأجيل انتخابات مجالس المحافظات إلى نهاية السنة وقال( أملنا من جميع الكتل السياسية أن تتخطى الخلافات فيما بينها والاتفاق على صيغة مقبولة تدفع من خلالها العناصر الكفوءة والمخلصة إلى مجالس المحافظات، لتحقق بذلك طموحات الشعب من تقديم الخدمات بشكل أفضل عن الماضي، ومن المعلوم أن الكثير من المواطنين يقولون أن المجالس السابقة لم يحققوا آمالنا وهم يأملون من الانتخابات القادمة أن تحقق لهم ما حرموا منه سابقا من تبوأ أناس كفوئين لكي يحققوا تطلعات هذا الشعب ).
وتناول في معرض خطبته الديون العراقية التي في ذمة العراق للدول العربية والإسلامية الشقيقة وأعرب عن أمله ( أن يتفهم العالم الظروف الصعبة التي يعيشها العراق وبالتالي إلغاء الديون أو نسب كبيرة منها التي تثقل كاهل الشعب العراقي أسوة بالدول الغربية، والجميع يعلم أن الأعمال الإرهابية قد منعت البناء والتطور في هذا البلد، إضافة إلى أن تلك الديون كانت بسبب السياسة الرعناء للنظام السابق، ولابد من تفهم لمنشأ هذه الديون، ولنا حقوق عليهم جميعا حيث أن الدين واحد واللغة واحدة والقومية واحدة بالإضافة إلى معطيات حسن الجوار، صحيح أن العراق له من الثروات الطائلة ولكن في الوقت نفسه أنه يمر بظروف قاهرة، وهناك بنية تحتية محطمة، ونحن بحاجة للخروج من الواقع المحطم إلى الواقع الجديد لمبالغ ضخمة، ولابد من الجميع وخصوصا الأخوة في الدين من معاضدة هذا البلد لانتشاله من واقعه المرير الذي يعيشه في هذه المرحلة).
ووجه سماحة ممثل المرجعية الدينية العليا من على منبر الجمعة وهو الذي يعبر عن صوت المحرومين والمستضعفين نداءه إلى المسؤولين لإنصاف جميع شرائح المجتمع في كيفية التعاطي لمشكلة التضخم والغلاء في الأسعار قائلا ( كما تعلمون أن زيادة قد حصلت في رواتب الموظفين والحال أن شرائح كبيرة من المجتمع هم ليسوا بموظفين ولا يمكن لهم أن يوفروا مستوى مقبول من استيفاء المستلزمات الضرورية في الحياة، ولابد للمسؤولين أن يلتفتوا لحل هذه المشكلة ونأمل منهم أن يشكلوا لجانا متخصصة لدراسة وبحث الوسائل المناسبة لانتشال تلك الشرائح المعدومة من متاهات التضخم والغلاء لمواجهة المشاكل مع الاحتفاظ بالكرامة الإنسانية، حيث لا يمكننا أن ننظر إلى تلك الشرائح وهم يعانون من مشاكل في دفع أجور الخدمات والمواد الأساسية، فلا بد من وضع الأسس الصحيحة لمعالجة هذه المعضلة التي تعاني منها شرائح كبيرة من المجتمع العراقي ).
أقرأ ايضاً
- الحكومة العراقية تُقر مشاريع سكنية وصناعية وخدمية ومدينة ترفيهية
- سوريا تنفي شرط "الكفيل" لدخول العراقيين الى أراضيها
- الصدر يقرر طرد أتباعه الذين يحملون السلاح ضد العراقيين