حذر مسؤول عراقي محلي في محافظة ديالى شرقي البلاد، امس الجمعة، من تداعيات إنشاء إيران سد كبير قرب الحدود العراقية، مؤكدين أن السد يحرم العراق من 70% من مياه السيول ويفاقم أزمة المياه، وسط مطالبات بأن تتحمل الحكومة العراقية مسؤوليتها إزاء الملف. وفي هذا الصدد، قال قائممقام مدينة مندلي في محافظة ديالى المرتبطة حدودياً مع إيران، أكرم الخزاعي، إن "السلطات الإيرانية أنشأت سد مياه عملاقاً يدعى سد شريف شاه على منحدرات وادي حران، أحد أهم الوديان الحدودية التي تستقبل سنوياً كميات كبيرة من السيول القادمة من عمق الأراضي الإيرانية باتجاه العراق".
وأوضح الخزاعي في تصريحات للصحفيين امس الجمعة، أوردتها وكالة "بغداد اليوم"، الإخبارية، أن "السد الذي دخل حيز التشغيل فعلياً، يمتص قرابة 70% من مياه السيول الموسمية التي كانت تتدفق نحو المناطق الحدودية العراقية، بما في ذلك مندلي والمناطق المحيطة"، مبيناً أن "السد يقع على بعد 30 كيلومتراً فقط من الحدود العراقية، ما أثر بوضوح على كميات المياه الواصلة إلى الأراضي العراقية".
وأضاف أن "تدفق السيول نحو العراق أصبح مشروطاً بتجاوز كميات الأمطار معدلات مرتفعة للغاية، وهو ما أدى إلى تراجع كبير في كميات المياه الموسمية التي تصل الحدود"، مشيراً إلى "وجود وديان أخرى مثل وادي النفط ووادي تلصاق، التي تلعب دوراً مهما في خريطة حصاد المياه، إلا أن 95% من هذه المياه تُهدر داخل العمق العراقي بسبب غياب السدود القادرة على خزنها".
وأكد أن "هذا الواقع أدى إلى استنزاف موارد المياه السطحية، مع الإشارة إلى أن الفائدة الوحيدة المتبقية من السيول هي تعزيز المياه الجوفية، التي تعد شريان حياة لنحو 80% من سكان القرى والمناطق الحدودية"، مضيفاً أن "المناطق الحدودية بحاجة إلى حلول عاجلة لإنشاء مشاريع خزن مائي لتعويض ما يفقد من السيول، وإلا فإن الأزمة المائية ستستمر في التصاعد مع كل موسم أمطار".
يأتي ذلك في وقت لجأت فيه وزارة الموارد المائية العراقية إلى ما يوصف بـ"الخزين الميت" في البحيرات والسدود، والوصول الى آخر محطة خزنية، والمتمثلة في منخفض بحيرة الثرثار، بسبب النقص الحاد بكميات المياه، في محاولة لتغذية الأنهار التي تمر باتجاه محافظات الوسط والجنوب عبر نهري دجلة والفرات.
ويعد استخدام الخزين المائي الميت للمياه ظاهرة خطرة تؤشر إلى حجم الضرر الذي يواجهه العراق، فضلاً عن أزمة مرتقبة قد يواجهها البلد بسبب التصحر والجفاف وقلة الأمطار، وتقليص الإطلاقات المائية القادمة من منابع الأنهار لدى دول الجوار. وينتقد مختصون سوء إدارة ملف تخزين المياه وحصادها في البلاد، مؤكدين أن تخلّف السدود المائية تسبب بهدر مليارات المترات المكعبة من مياه السيول والأمطار، وهو ما يؤثر سلباً على المواسم الزراعية ويتسبب بخسائر كبيرة.
وفي هذا السياق، قال الخبير المائي، علي المهداوي، إن سياسات العراق المائية ضعيفة جداً وتسببت بهدر كميات كبير من المياه نحن بأمس الحاجة إليها"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن الحكومات العراقية المتعاقبة فشلت بإدارة ملف المياه، وتركت إيران وتركيا تتحكمان بالحصص المائية للعراق، من دون أن تكون هناك أي إجراءات ومعالجات عدا تقبل هذا الواقع وتقليص المساحات الزراعية وحرمان محافظات عدة من الخطط الزراعية بالكامل".
وأضاف أن "العراق يواجه موتاً بطيئاً بحرمانه من المياه"، مشيراً إلى أن "السد الإيراني الجديد خطير للغاية، وأن العراق يواجه حصاراً مائياً سيقضي بالتدريج على صفته بلداً زراعياً، وهو ما يحتم على الحكومة أن تعالج الملف وتتحمل مسؤوليته، لا أن تنتظر قتل الزراعة في العراق".
ويمتلك العراق حالياً 25 سداً لتجميع المياه في مناطقه الشرقية والجنوبية، وأكدت الوزارة في وقت سابق أن تلك السدود تخزّن أكثر من 300 مليون متر مكعب، إضافة إلى سدود حوران ومندلي وقزانية والأبيض الأول والثاني والثالث التي تخزّن وحدها كمية 70 مليون متر مكعب من المياه، وتستفيد منها مجتمعات الرعي في الصحراء.
وقلصت السلطات العراقية مساحة الأراضي التي تشملها الخطة الزراعية الموسمية إلى النصف، وصولاً إلى استبعاد محافظات معيّنة من الخطة بالكامل، بسبب موجة الجفاف غير المسبوقة في البلاد بتأثير قطع إيران روافد نهر دجلة
متابعات
أقرأ ايضاً
- العراق يعلن تضامنه مع أميركا جرّاء الحرائق في كاليفورنيا
- بالأرقام.. إحصائية رسمية دولية حول اعداد النازحين في العراق
- أول تعليق إيراني بعد انتخاب جوزيف عون رئيسا للجمهورية اللبنانية