تعد أزمة الكهرباء في العراق ليست وليدة اليوم، بل هي تراكمات لسنوات من غياب التخطيط لهذا القطاع الحيوي، فبعد أن أرهقت ميزانية الدولة بمليارات الدولارات لاستيراد الغاز من إيران، باتت اليوم تشكل ضغطاً على الزراعة.
فمع انحسار معدلات المياه الواردة إليه من دول المنبع وشح الأمطار، وفقدانه نصف مساحته المزروعة بسبب التصحر، أكد النائب حسين مردان، أن أجور الكهرباء باتت تستنزف 20 بالمئة من تكاليف إنتاج المزارعين.
وتشكل الزراعة موردا اقتصاديا مهما للعديد من الفلاحين والمزارعين في قرى ومدن العراق المختلفة لاسيما المحافظات التي تسجل إنتاجا وفيرا بالمحاصيل الزراعية والحبوب.
وقال مردان في تصريح صحافي، إن “هذه النسبة ليست قليلة، اذ يضطر المزارعين الاعتماد على المضخات الزراعية في تأمين مياه السقي للمزارع والبساتين من خلال خطوط الطاقة الوطنية الا ان التعرفة تكون باهظة وتشكل حوالي 20 بالمئة من تكاليف الانتاج ما يزيد الأعباء المالية على ملف الزراعة”.
وكشف مردان، عن “حراك نيابي للعمل على تقليل تعرفة استهلاك الكهرباء للمزارعين وفق مبدأ يضمن دعم يساعد على خفض التكلفة”.
وأشار إلى أن “دعم الزراعة تعني توفير نشاط يستقطب قرابة 50 بالمئة من الأيادي العاملة في البلاد”، مؤكدا “اهمية دعم المزارعين لان تحقيق الأمن الغذائي امر بالغ الاهمية”.
ويستورد العراق في فصل الصيف 70 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني في اليوم لتغذية محطات توليد الكهرباء في البلاد، ويولّد نحو 5000 ميغاواط من الكهرباء بهذه الإمدادات، ويعني هذا التدفق، إلى جانب عمليات الشراء المباشرة للكهرباء من إيران، أن طهران تلبي 40 في المائة من احتياجات العراق من الكهرباء بتكلفة 4 مليارات دولار سنوياً.
ولكن غالباً ما تخفض إيران إمدادات الغاز للعراق، ويساهم ذلك في بعض الانقطاع في التيار الكهربائي والاستياء العام والمشاكل السياسية. وتعزى بعض هذه التخفيضات إلى الطلب المحلي الإيراني.
ويعاني 60 في المئة من المزارعين في العديد من المحافظات العراقية جراء تقليص المساحات المزروعة وخفض كميات المياه المستخدمة، وفقا لاستطلاع أجراه “المجلس النرويجي للاجئين” (منظمة غير حكومية)، داعيا السلطات إلى إدارة الموارد المائية بشكل أفضل.
وبرزت خلال السنوات الأخيرة، أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تمّ تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المستغلة في العراق 18 مليون دونم من أصل 32 مليون دونم، حسب تصريحات سابقة لوزير الزراعة محمد كريم الخفاجي.
جدير بالذكر، أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، منها سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.
كما غيرت إيران مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع حوالي 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر بالأراضي الزراعية في محافظة البصرة، كما قطعت إيران كافة الأنهر الواصلة لمحافظة ديالى، ما أدى إلى فقدانها الزراعة بشكل شبه تام.
أقرأ ايضاً
- بعد المباراة بيومين.. شرطة البصرة تعلن ضبط شبكة لتزوير بطاقات دخول ملعب جذع النخلة (صورة)
- بعد الفوسفور الأبيض.. إسرائيل تستخدم القنابل العنقودية مجددا في غاراتها على جنوب لبنان
- "مبالغ فيها".. تحقيق رسمي بارتفاع فواتير الكهرباء