ارتفعت مؤخرا حدة الدعوات لمقاطعة الانتخابات من قبل أنصار التيار الصدري، سواء في مواقع التواصل الاجتماعي أو في الطرقات، وذلك مع اقتراب موعد إجرائها، لتشكل هذه المقاطعة نقطة استفهام حول نسبة المشاركة في الانتخابات وما إذا كانت ستكون الأدنى في تاريخ الانتخابات العراقية.
وفيما ذهب مراقبون للشأن السياسي، إلى أن هذه المقاطعة يمكن أن تؤدي إلى تراجع نسبة المشاركة بالانتخابات وهو رأي التيار الصدري أيضا، خالف الإطار التنسيقي هذه الرؤية، بل أشار إلى أن نسبة المشاركة يمكن أن ترتفع، متعكزا بتوقعه على الجيل الشبابي الذي يطمح للتغيير وتحديد ممثليه في مجالس المحافظات.
ويقول المحلل السياسي أحمد الشريفي، إن "مقاطعة التيار الصدري لانتخابات مجالس المحافظات، بالتأكيد سيكون لها تأثير واضح في تراجع نسبة المشاركة بها، خصوصا وأن مقاطعة الصدريين ستكون دافع لمقاطعة جماهير أخرى من خارج التيار".
ويضيف الشريفي، أن "كل المعيطات والمؤشرات في الشارع وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي، تؤكد إتساع ظاهرة مقاطعة انتخابات مجالس المحافظات، فهناك الكثير من القوى المدنية والناشئة ستكون داعمة لخطوات الصدريين في المقاطعة، وربما يكون هناك تصعيد شعبي في قادم الأيام ضد العملية الانتخابية".
ويرى أن "تراجع نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، لا يؤثر عليها من الناحية الدستورية والقانونية، فلا توجد نسبة لاعتماد تلك الانتخابات، لكن سيكون لها مؤشر أمام المجتمع الدولي، خصوصاً وأن التيار الصدري يملك قاعدة شعبية كبيرة ومقاطعته للعملية الانتخابية تؤشر خللا في النظام السياسي والانتخابي، كما هناك شخصيات لها حضورها الخارجي توجهت للمقاطعة أيضا مثل إياد علاوي، فكل هذا سيكون له تأثير على شكل العملية الانتخابية".
ومنذ أيام، ارتفعت وتيرة حملة مقاطعة الانتخابات من قبل أنصار التيار الصدري وقد أطلقوا سم "مقاطعون" وفيه عمدوا إلى نشر مختلف الفيديوهات والصور الذي تنال من الإطار التنسيقي، ودعوا إلى مقاطعة الانتخابات بشكل تام.
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وجه منتصف الشهر الماضي، انصاره بمقاطعة انتخابات مجالس المحافظات، وعدّ ذلك بأنه سيقلل من شرعيتها خارجياً وداخلياً، حيث أكد: مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيراً.. ومقاطعتكم للإنتخابات أمر يفرحني ويغيض العدا.. ويقلل من شرعية الانتخابات دولياً وداخلياً ويقلص من هيمنة الفاسدين والتبعيين على عراقنا الحبيب".
يذكر أن الصدر، أمر بانحساب الكتلة الصدرية التابعة له والابتعاد عن العملية السياسية في حزيران 2022، ومن ثم أعلن عدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة، وذلك خلال أزمة الإنسداد السياسي التي استمرت قرابة عام.
وبعد انسحاب الصدر، تمكن الإطار التنسيقي من تشكيل الحكومة بالاتفاق مع الكتل الكردية والسنية، وسط استمرار مقاطعة الصدر لها، كما عبر الأخير عن رفضه للحكومة أكثر من مرة وبشكل صريح.
من جهته، يبين المحلل السياسي المقرب من التيار الصدري عصام حسين، أن "دعوات مقاطعة انتخابات مجالس المحافظات، تتصاعد يوما بعد يوم مع اقتراب موعد العملية الانتخابية، خصوصاً وأن هناك تأييد كبير لدعوة الصدر لهذه المقاطعة من جمهور غير الجمهور الصدري، وهذا يؤكد وجود الرفض الشعبي للعملية السياسية التي تدار من قبل الأطراف الخاسرة في الانتخابات الأخيرة".
ويلفت حسين، إلى أنه "نتوقع أن نسبة انتخابات مجالس المحافظات سوف تكون متدنية جداً، فنسبة المشاركة في كل الانتخابات السابقة، والتي كانت مرتفعة، هي بسبب المشاركة الفاعلة والقوية لجمهور التيار الصدري"، مبينا أن "الأيام القليلة الماضية، شهدت انسحاب الكثير من المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات، تلبية لدعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ونتوقع انسحاب المزيد".
وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي جرت في 2021، قد بلغت 41 بالمئة، بحسب المعلن من قبل مفوضية الانتخابات في حينها، فيما ذكرت منظمات مستقلة معنية بالانتخابات أن النسبة أدنى من المعلن.
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي هاشم الكندي، أن "دعوة الصدر لمقاطعة انتخابات مجالس المحافظات، لن تؤثر على نسبة المشاركة بالعملية الانتخابية بشكل كبير، فهذه الدعوة موجهة لجزء من الشعب العراقي من المكون الشيعي، وهي غير ملزمة لباقي المكون والذي يمثل الأغلبية".
ويشير الكندي، إلى أن "المشاركة والمقاطعة حرية شخصية لكل فرد عراقي، ومن لا يشارك يخسر اختيار من يمثله في مجالس المحافظات والحكومات المحلية، وهذه المقاطعة لن توقف العملية الانتخابية التي ستجري في موعدها دون أي تأجيل، لوجود رغبة سياسية وشعبية وحكومية بذلك".
ويستطرد أن "نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات ستكون متقاربة من نسب العمليات الانتخابية السابقة، بل ربما يكون فيها ارتفاع وليس انخفاض، خصوصاً مع وجود جيل شبابي يريد تقرير مصيره من خلال المشاركة في العملية الانتخابية المقبلة سواء المحلية والبرلمانية".
ومن المفترض أن تجرى انتخابات مجالس المحافظات في 18 من شهر كانون الأول الجاري، وقد انطلقت قبل فترة وجيزة الدعاية الانتخابية للمرشحين.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟