بقلم: علي حسين
في ظل نظام اعتقدنا أنه ديمقراطي، وفي ظل مؤسسات قيل إنها منتخبة، مازال البعض يعتقد بأنه يحمل تراخيص لإذلال الناس وتعذيبهم والحط من آدميتهم.. اليوم نحن أمام عملية ممنهجة لاستعادة ممارسات الطغيان والتسلط.. ففي الأيام الماضية جرت وقائع وأحداث كثيرة أعادت إلى الأذهان ما كان يجري في أقبية المخابرات والأمن أيام نظام القائد الضرورة، وسط صمت متواطئ مع قطعان الوحوش التي تهتك أعراض واجساد المعتقلين، الأمر الذي دفع وزير العدل إلى معاقبة وإعفاء عدد من مدراء السجون على خلفية فديوهات لنزلاء داخل أحد السجون وهم يناشدون الحكومة لإنقاذهم من ممارسات إدارة السجن التي تجبرهم على شراء المخدرات والهواتف النقالة بمبلغ مليون ونصف المليون دينار عراقي.
سيقول البعض إن هذه حالات فردية متناثرة هنا وهناك، ونقول إنها رسائل رعب ترسلها الجهات الحكومية، لكل من يختلف مع منهجها التسلطي، خصوصا وأن أجهزتها الأمنية تمارس الوداعة مع عتاة الفساد وتسهل لهم أن يعيشوا مرفهين، حيث تفتح لهم أبواب السجون متى أرادوا.
بعد 2003 كانت الناس تأمل أن تجد أمامها مسؤولين أقوياء في هدوئهم، فقد عانوا طويلاً من عهود سادت فيها قرارات الجور والظلم والتعسف، التي أوقعت جميع العراقيين في مصائب كثيرة، وهزائم كبيرة مازالوا يدفعون ثمنها حتى الآن.
ظلت الناس تنتظر أن ترى أمامها مسؤولاً، لا ينحاز لطرف على حساب طرف آخر، مسؤول يتعامل مع الجميع على مسافة واحدة من الجميع، مسؤول شعاره العدالة أولاً، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام عقليات سياسية خربة تتعامل مع المواطن باعتباره عدواً وعميلاً يجب اجتثاثه، كانت الناس تريد مسؤولين يعبرون بالبلاد من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات، فوجدوا أمامهم مسؤولين يريدون إعادة العراق إلى زمن القرون الوسطى.
اليوم علينا جميعاً أن ندرك أن لا استقرار لوطن يمارس فيه الجلاد وظيفته بقوة القانون، وعلينا أن نقولها، مرة ومرتين وإلى ما لانهاية، إن الجلادين ومن يقوم بحمايتهم يجب ألا يفلتوا من قبضة القانون، وعلينا أن ندرك جميعاً، أن لاعدالة مع مثل هكذا مؤسسات أمنية، ولا استقرار مع قوانين عرجاء، تقفز كلما أرادت الناس أن تحاسب المفسدين والسراق والمزورين والقتلة، وتصمت عندما تُنتهك آدمية الإنسان، ولا مستقبل لبلاد يقودها مسؤولون يرون الجريمة وينكرونها وكأنها لم تحدث.
ليس هناك قدر محتوم على البشر فيه أن يتحولوا إلى ضحايا لوحوش بشرية، لكن أنظمة القمع والاستبداد هي التي تصر على أن نبقى أسرى نظام استبدادي لا يؤمن بالآخر، نظام يعيش على وهم "عصر المؤامرات "، عصر السجون المخيفة، عصر الهتافات، تلك هي صورة العراق التي يريدون لها أن تبقى مرسومة في أذهان الناس.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير