تجاوزت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت، الاحد، بروتوكل الزيارة الرسمية وتغلبت مشاعرها الانسانية على كل قيد رسمي لتصرفها اثناء زيارتها للأطفال المصابين بأمراض السرطان الذين تتكفل العتبة الحسينية المقدسة بعلاجهم على نفقتها الخاصة في مؤسسة وارث الدولية لعلاج الأورام التابعة لهيئة الصحة والتعليم الطبي في العتبة المقدسة، فتارة تجلس القرفصاء امام طفل مريض وأخرى تحتضنه وتجهش بالبكاء وثالثة تواسي اما تملكها الحزن على مرض ابنها، ومازحتهم ولاطفتهم وتقبلت منهم الهدايا واثنت على جهود الملاكات التمريضية والطبية في المؤسسة وأنهت زيارتها والتأثر والحزن والمشاعر الإنسانية بادية على وجهها، لأنها فوجئت بأمرين أولهما تلك الحالات المرضية لأطفال بعمر الورود وثانيهما هذه المؤسسة العملاقة التي تعالجهم بأحدث الأجهزة والمعدات وتقف من خلفها العتبة الحسينية المقدسة تدعم وتتكفل بمبالغ العلاج لمرضى من اربيل والسليمانية والانبار والبصرة وغيرهم الكثير.
دخلت بلاسخارت الى غرفة الطفل الكردي اوراس الذي جاء به اهله من اربيل بعد ان عجزوا عن علاجه فلجأوا الى العتبة الحسينية المقدسة والتي احالته الى مؤسسة وارث الدولية لعلاج الاورام واصطحبه جده ووالدته، فسلمت على الجد وما ان شاهدته بالزي الكردي التقليدي حتى سألته تتكلم العربية ام الكردية، وبعد ان علمت انه يتكلم العربية سألت عن اوراس وحالته وكيف يتعالج ومازحت الطفل وتكلمت معه ورفعت من معنوياته وصافحته وحاولت إخفاء حزنها عليه لكن قسمات وجهها فضحتها.
في الغرفة الثانية التقت بمحمد الطفل الغض الصغير الذي مسك وردة في يمينه ليهديها الى بلاسخارت، ولكنها ما ان رأت الاصفرار الطاغي على وجهه وسقوط شعر رأسه حتى جلست على سريره واحتضنه بشكل عفوي وكأنه ابنها، وتحدثت مع امه التي اكدت انه يتعالج مجانا في مؤسسة وارث منذ ستة اشهر وقد تحسنت حالته وقل شعوره بالالم وعاد يتكلم فرقرقت الدموع في عيون بلاسخارت وما ان بكت الام على ولدها حتى شاطرتها بلاسخارت بالبكاء ومسكت يدها وشدت عليها لتواسيها آلامها على ولدها وتعدّت كل حدود البروتوكول لتتحول الى بلاسخارت الانسانة واستمعت من الطبيبة المختصة لحالته وعلاجه وتحسنه، وقبل ان تخرج انتبهت الى انه يمسك بيده وردة حمراء فسألته عنها فأشار لها انه يريد اهدائها لها، فصاحت "يا الهي" (Oh My God) فاحتضنته من جديد وقبلته وانهمرت دموعها مرة اخرى.
ثالث الاطفال الذين التقتهم بلاسخارت هي طفلة من اهالي محافظة الانبار بعمر الورود ترتدي ثوبا لونه قرمزي وربطة رأس بيضاء وتتحدث كأنها لعبة، لم تتمالك نفسها الممثلة الخاصة للام المتحدة في العراق امام برائتها فجلست القرفصاء جنب السرير وحاورتها وتبسمت بوجهها وتعرفت من طبيبتها على حالتها وسألت امها وابوها عن وضعها فاثنيا كثيراً على جهود الملاكات الطبية التي اعادت الحياة الى ابنتهم حيث كانت لا تستطيع السير ولا الجلوس واصبحت الان تتحرك وتسير وتقوم وتجلس وتأكل، ونزلت دموعها وهي تسمع الطفلة تقول اريد العودة الى بيتنا واللعب مع اخواني، فمازحتها بعيون دامعة وودعها وهي تدعوا لها بالشفاء.
من البصرة جاءت الصبية اليافعة التي نحل جسدها بسبب مرض السرطان وتكلمت معها بلاسخارت وسمعتها تتمكن من الكلام ببعض الجمل باللغة الانكليزية، ولما عرفت انها من البصرة مازحتها وتحاورت معها مطولا، وعلمت من امها انها اجريت لها عملية ناجحة ويجب ان تبقى لمدة في المؤسسة لإكمال العلاج، ولكن وبطبيعة صبيانية تريد السفر الى البصرة للمشاركة في سفرة مدرسية تنظمها مدرستها في محافظة البصرة، فعقدت معها بلاسخارت صفقة واخبرتها انها ستعود لزيارتها هنا في المؤسسة بعد شهرين وتكون هي قد تلقت كامل علاجها وتعهدت بلاسخارت للصبية ان تصحبها هي بسفرة معها الى محافظة البصرة بشرط تلقي العلاج، فوافقت الصبية على الصفة وضجت الغرفة بالضحكات والفرح، وقبل ان تودعها بلاسخارت اهدت لها الصبية لوحة مرسومة بخط يدها تمكنت من رسمها خلال مكوثها في المؤسسة للعلاج، فانبهرت بها بلاسخارت وشكرتها على مشاعرها الرقيقة والانسانية رغم مرضها، والتقطت معها صورا للذكرى.
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير: علي فتح الله - احمد القريشي
أقرأ ايضاً
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)
- في حي البلديات ببغداد: تجاوزات ومعاناة من الكهرباء والمجاري ومعامل تلحق الضرر بصحة الناس (صور)
- شملت الاطفال والنساء : وفد العتبة الحسينية في سوريا يوزع وجبة ثانية من الملابس الشتوية على العائلات اللبنانية