- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
يأس الجماهير من العملية السياسية
بقلم: صالح لفتة
الجميع يتذكر أن العملية السياسية الحالية في بداية تشكيلها واجهت اعتراضات ونقد وتهكم من أطراف وجهات ودول لأسباب مختلفة لكنها حظيت بتأييد واسع من المواطنين العراقيين يرونها البديل عن الدكتاتورية والفرصة الحقيقة لتعديل أوضاع العراق المائلة من عزلة دولية وديون بالمليارات وقمع حريات وقتل وتشريد للأصوات المعارضة وتميز عنصري وطائفي لأبناء الوطن الواحد واستبعاد الكفاءات ودفعها للهجرة بعد تسليم المناصب حسب الولاء للنظام.
وبقيت الأصوات الداعمة التي ترى أن لا بديل عن العملية السياسية لإنقاذ العراق عالية وتدعوا لتقويم النظام السياسي لبناء دولة توفر للعراقيين أبسط مقومات الحياة وتحفظ حقوقهم وتعويضهم عن سنوات الحرمان الماضية لكن ما جرى كان العكس تماماً، وبدأت الأصوات المتفائلة تخبو أو تنقلب للمعارضة رويداً رويداً.
فالخطاب الطائفي اعلى من الخطاب الوطني وانتشار الفساد في جميع القطاعات والتخبط في إدارة المؤسسات وتراجع الولاء الوطني على حساب الولاء للأشخاص وانحدار كبير في مستوى الخدمات المقدمة للناس وزيادة العزلة الدولية أكثر مما كانت سابقاً بعد ضياع فرصة دبلوماسية حقيقية لاستعادة دور العراق والاستفادة من زخم الدعم الدولي الذي حظي به العراق بعد التغيير في 2003.
كل ذلك زاد الأوضاع سوءاً وانقلبت كل الأصوات المستقلة الداعمة للمعارضة حتى تحولت لأحتجاجات شعبية شاركت بها الجماهير بعفوية دون توجية بل صرخة ضد كل ماهو خطأ والمطالبة بضرورة تعديل العملية السياسية برمتها.
كانت تظاهرات تشرين الفرصة الأخيرة للزعامات للترفع عن المصالح الشخصية وانقاذ البلد لكن تلك الزعامات لم تستوعب الدرس وعادت كما الأول بالصراع على المكاسب دون النظر لمصالح الشعب او خوف من غضب الجماهير التي نهضت مطالبة بإزالتها،
لأنها تأكدت أن أغلب الأصوات المعارضة وهي أغلبية الشعب العراقي الصامتة قد قطعت الأمل بتعديل الأوضاع للأفضل ولن يتغير أي شي في العراق على يد نفس الشخصيات المسؤولة عن الخراب واختارت الانكفاء على نفسها والانزواء بعيدا عن صراع الزعامات تراقب ما يجري دون أن تشارك وكأن الأمر لا يعنيها.
ان تخلخل ثقة الشعب بالنظام نتيجة فشله بتوفير الحد الأدنى من حقوق الناس والإخفاق بتغيير أحوالهم وخلق إصلاح شامل ورأب الصدع وتضميد الجروح في جسد الوطن يغذي الإحباط العام الذي ينتشر في المجتمع واليأس من إصلاح مؤسسات الدولة واستمرار العملية السياسية بنفس العقول وتجاهل الحلول لتبني عملية إصلاحية جذرية تبدأ من الدستور وفقراته وتنتهي بمن يتولى الحكم ونوعية ومواصفات الأشخاص الذين يتحملون المسؤولية هو بداية النهاية لذلك النظام.
وينبئ بنتائج كارثية لن يسلم منها الجميع ولذا من الواجب الحتمي أن يتنبه من هم حريصون على العراق حتى لا نصل لمرحلة موت الديمقراطية وتفكك البلد ولا ينفعنا الندم حينها .
أقرأ ايضاً
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- التداعيات السياسية بعد قرار المحكمة الاتحادية
- العملية السياسية تستعيد عافيتها !!