دعا حقوقيون وأساتذة جامعيون وإعلاميون ومهتمون بقضايا النزاهة والفساد إلى ضرورة القضاء على جميع مظاهر الرشوة في القطاعين الخاص والعام؛ لأنها تمثل عائقاً أمام المستثمرين من جهةٍ وتضعف ثقة المواطن في مؤسسات الدولة من جهةٍ أخرى.
المدير العام للأكاديميَّة العراقيَّة لمكافحة الفساد الدكتور باسم العقابيُّ وفي كلمة له خلال الندوة العلميَّة الموسومة (الرشوة في القطاع الخاصِّ) التي عقدتها الأكاديميَّة العراقيَّة لمكافحة الفساد عبر المنصة الإلكترونيَّة (Zoom ) بالتعاون مع كليَّـة الحقوق - جامعة تكريت أشار إلى أنَّ تجريم الرشوة في القطاع الخاصِّ يعد من المواضيع المستحدثة في المنظومة التشريعيَّة العراقيَّة، لافتاً إلى أنَّ دول العالم الغربي سبقتنا كثيراً إلى تجريم الرشوة في هذا القطاع، موضحاً أن النظام الرأسمالي في تلك الدول جعل معالجة الفساد في القطاع الخاص يولى بأهميةٍ كبيرةٍ.
واشتملت الندوة على محورين، حمل الأول منهما عنوان (الرشوة في القطاع الخاص وموقف التشريع العراقيِّ منها) قدمه عن جامعة تكريت (أ.م.د عدي طلفاح محمد)، سلط من خلاله التعريف بمفهوم الرشوة وأركانها والعقوبات المترتبة عليها في قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، معرجاً على جريمة الرشوة والأحكام والعقوبات المتعلقة بها على وفق القوانين العراقيَّة النافذة، لا سيما قانون العقوبات العراقيِّ وقانون هيئة النزاهة الاتحاديَّة رقم 30 لسنة 2011 المُعدَّل.
فيما قدم السيد (أحمد العطار) عن الأكاديميَّة المحور الثاني للورشة الذي حمل عنوان (الرشوة في القطاع الخاصِّ بين النصِّ التشريعيِّ والواقع العمليِّ) استعرض فيه نبذة تاريخيَّة عن الرشوة في تاريخ العراق القديم، لافتاً إلى وجود نصوص باللغات السومريَّة والاراميَّة والسريانيَّة تشير إلى هذه الجريمة والعقوبات التي رتبتها التشريعات في تلك الحضارات على الرشوة، مسلطاً الضوء على بعض النصوص الدينيَّة سواء في العهد القديم او إنجيل متى أو القرآن الكريم الخاصة بهذه الجريمة ومنها ما ورد في القرآن: " وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَآ إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النّاس بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ"، إضافة إلى إيراد نصوص حديثيَّةٍ تلعن مقترفي هذه الموبقة سواء الراشي منهم أو المرتشي والرائش.
واستغرب العطار تأخر المشرع العراقيُّ في تجريم الرشوة في القطاع الخاصِّ، على الرغم من انضمام العراق لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والاتفاقية العربيَّة لمكافحة الفساد اللتين حضتا الدول الأطراف على تجريم الرشوة في القطاع الخاصِّ، لافتاً إلى أنَّ المشرع البريطاني جرمها منذ 1906، والقانون الفرنسي في عام 1915 فيما نص على تجريمها القانون المصري عام 1953 والقانون اللبناني عام 1943، مبدياً ملاحظاته على التعديل الأول لقانون هيئة النزاهة الاتحاديَّة رقم 30 لسنة 2011، منبهاً إلى أنه كان على المشرع إيراد تجريم الرشوة في قانون العقوبات وليس في قانون هيئة النزاهة، مشخصاً عدم وجود تحديد للقطاع الخاص والعاملين فيه في تعديل قانون الهيئة، مستعرضاً تلك التعريفات في قانون العمل رقم (37) لسنة 2015.
من جانبه، رحب عميد كليَّـة الحقوق - جامعة تكريت (أ.د.بيرك فارس حسين الجبوري) بفتح أفق التعاون مع الأكاديميَّة العراقيَّة لمكافحة الفساد في هيئة النزاهة، داعياً لمزيد من تبادل الخبرات وعقد الندوات بعد انتهاء جائحة كورونا، لا سيما في مجال نشر ثقافة النزاهة وتسليط الضوء على المنظومة القانونيَّة المتصدية لجرائم الفساد.
أقرأ ايضاً
- كبير مستشاري السوداني يفند مزاعم "الرشوة المليارية" المسربة عنه
- في سابقة من نوعها.. بلدية النجف تعرض "آليات الدولة" للاستثمار
- اللجنة المنظمة: ملتقى العراق للاستثمار سيوفر 90 فرصة صناعية