- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
غربال عبد الأمير العبودي المتهرّئ
بقلم: نجاح بيعي.
(لانعرف ما هو عمل حامد الخفاف، ولم ينقل لنا أحد من بيت السيستاني أن الخفاف يعمل بصفة معينة أن الكثيرين قالوا نحن نمثل المرجعية).
لا أريد أن أتهم (العبودي) بالكذب لعدم معرفته بـ(ممثل السيد السيستاني ـ حامد الخفاف) بالرغم من توقعي أنه يضع كتاب (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) والذي هو من إعداد(الخفاف) تحت وسادته. كما يضعها كل زعيم سياسي عراقي تحت وسادته, لا لشيء سوى أنه يحوى منهج المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف السياسي وتعاطيها مع القضية العراقية برمتها, حتى صار الكتاب المعيار الذي به يُعرَف مَن ابتعد عن خط ونهج المرجعية العليا مِن عدمه.
فالجميع يعلم من هو (حامد الخفاف) ويعلم مدى مواكبته للأحداث المريرة التي مرت على النجف خاصة والعراق عامة, فكان ذلك الصوت الذي ينقل مواقف المرجعية الدينية العليا في أحلك ظروف العراق وأصعبها بعد التغيير عام 2003م. ولا ينكر ذلك إلا جاهل أو مُكابر أو مُغرض. فليعرفنا إذن (عبد الأمير العبودي) بنفسه أولا ً لأننا حقا ً لا نعرفه من أين؟ وفي أين؟ وإلى أين؟. مع أن كل الذي نعرف عنه أنه كان أحد ألسنة الخطاب الطائفي المقيت الذي أطّر المشهد العراقي بعد أحداث وفواجع عام 2014م, تحديدا ً بعد أشهر من إصدار فتوى الدفاع المُقدسة في 13/6/2014م واشتعال المعارك ضد تنظيمات عصابات (داعش) وهو يتنقل عبر فضائيات الإثارة والتثوير والعبث. لم يحصد غير مقت واستهجان قطاعات طويلة وعريضة من الشعب العراقي ونخبه التوّاق الى عدم العودة الى الخطاب الطائفي الذي طالبت المرجعية العليا به كشرط للقضاء على داعش.
ـ وسؤالي هنا هو: مالذي استفزّ (عبد الأمير العبودي) وجعله يُنكر شخص مثل (حامد الخفاف)؟. أحقا ً لا يعرفه أو يعلم به مُمثل السيد السيستاني ومدير مكتبه في لبنان. أحقا ً لا يعرف من كان له الدور الريادي والرئيسي كناطق إعلامي في توصيل مواقف المرجعية العليا في مسألة كتابة الدستور والإنتخابات وحرب النجف الأولى والثانية؟. أحقا ً لا يعرف من كان له دور في وقف حرب تموز ضد لبنان (حوب الله) التي شنتها إسرائيل عام 2006م؟. أحقا ً لا يعرف كان له الدور الإستثنائي في ذلك الظرف الظلامي الحالك الذي ساد العراق وشعبه بعد سقوط الصنم, حيث الإحتلال ومؤامراته والإنفلات الأمني وانتشار السلاح والعصابات الخارجة عن القانون وانكفاء الطبقة السياسية بأحزابها وكتلها وزعاماتها على أعتاب المُحتل جريا ً وراء المكاسب السياسية والحزبية والمناطقية على حساب سيادة البلد ومستقبله, فضلا ً عن انتشار الجريمة والجريمة المنظمة والسرقة والفساد وغياب الدولة والقانون فكان العراق في غمرة الظلمة المحيطة الحالكة التي عزلته عن العالم أجمع؟. أحقا ً لا يعرف الدور الكبير الذي اضطلع به في أرشفة تراث السيد المرجع الأعلى (السيستاني) بعد عام 2003م فأصدر كتاب (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) من إعداده فكان تحفة أرخت حقبة من تاريخ العراق المعاصر لا يتكرر أبدا ً؟. حيث يحوي الكتاب على رؤية المرجعية العليا في بناء الدولة ومقوماتها بعد انهيارها تماما ً جراء إحتلال العراق, متمثلة بمجمل بيانات واستفتاءات ورسائل ومواقف المرجعية العليا في النجف الأشرف المحلية والإقليمية والدولية.
ـ(لانعرف ما هو عمل حامد الخفاف... أن الكثيرين قالوا نحن نمثل المرجعية)!؟.
لا أريد أن أكذبه. ربما إدعائه صحيح وقد تفوت على الدكتور ـ والإعلامي ـ والكاتب ـ والخبير الأمني ـ والمحلل السياسي والقائمة تطول والمسميات عليه تترى. ولكني أبحث عن سبب إستفزازه فجأة من (الخفاف) حتى فقد توازنه وقال:
ـ(فصائل المقاومة لو سلمت سلاحها سابقا لكانت بغداد قد سقطت، لكن العاصمة انقذت بسلاح الناس والمقاومة.. فصائل المقاومة تطالب بحصر السلاح بيد الدولة ايضاً ولكن أي دولة)؟.
ـ(العبودي) هنا يُنبئنا من خلال كلامه أعلاه بأمور عدّة كانت قد خزنها عقله في (اللاوعي) وأطلقها على حين غرة منها:
ـ بأن هناك فصائل متواجدة على الساحة العراقية ومسلحة تنضوي تحت مسمى (مقاومة).
ـ أن فصائل المقاومة تلك هي غير الحشد الشعبي الذي صدر بحقه قانون ينظمه, ولا تنتسب لأي جهة عسكرية أو أمنية رسمية.
ـ لا فتوى الدفاع المُقدسة ولا المتطوعين ولا الحشد الشعبي مَن أنقذت بغداد العاصمة من خطر السقوط بيد داعش بل فصائل المقاومة المسلحة.
ـ وبما أن لا وجود لدولة قوية وأمينة ومُقتدرة في العراق, لذا فلا يُمكن تسليم السلاح لأي جهة حكومية , وتحت أي ظرف كان وسيبقى السلاح بيد فصائل المقاومة.
ـ فصائل المقاومة خارج الدولة والدستور والقانون.
بلا شك أن مثل هذا الكلام خطير وخطير جدا ً. لأنه يضع تلك الفصائل (التي أسماها مقاومة)ومن يقف ورائها وجها ً لوجه مع المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف, وتطلعها الى وجود دولة عراقية ذات سيادة مستقلة يحكمها القانون والدستور, وأن لا وجود الى جيش ثان ٍ الى جانب الجيش الوطني العراقي, فضلا ً عن مصادرة جهودها ومواقفها الجبارة كإصدار فتوى قتال داعش التي لولاها لما تحرك شخص واحد لقتاله, ومُصادرة تضحيات المتطوعين للفتوى بالكامل. وفوق كل ذلك وإذا ما أصرّت تلك الفصائل المسلحة (حسب رؤية العبودي) على موقفها, فسيكون هناك بالمقابل موقف حازم من المرجعية العليا بالضد منه تماما ً, كون الأمر يُهدد المصلحة العليا للبلد وشعبه ومقدساته وكدولة ذات مؤسسات دستورية. وقطعا ً أن ما يقوله (العبودي) لا يتحمل نتائجه أحد إلا هو فيما لو جدّ الجد, كون (العبودي) لا يمثل رأيه إلا هو, وبالتالي لا وزن لرأيه ولا وزن لما يقوله البتة, أمام موقف المرجعية العليا وما تريده وتتطلع إليه للعراق وللعراقيين.
ـ أما بالنسبة لـ(حامد الخفاف):
نعم.. الرجل كممثل لـ(السيد السيستاني) ومدير مكتبه في لبنان قد يُبدي رأيا ً في مسألة ما ليست بالضروة تمثل رأي وموقف المرجعية العليا. ولكن حينما يُدلي بتصريحات (كما في الحوار الذي أجرته وكالة شفقنا في 12/9/2019م معه) وكانت مُفعمة بالمضامين التي سبق وإن نادت بها المرجعية العليا منذ أكثر من (16) ستة عشر عاماً وعبر قنواتها المتعددة(والتي صمّ العبودي آذانه عنها ولم يسمعها), وكررتها ولا تزال تكررها بكل مناسبة, ويتبنى موقع سماحة السيد (السيستاني) الألكتروني تلك التصريحات وينشرها عليه, علينا أن ندرك بأن (حامد الخفاف) لم ينطلق من فراغ قط أو تكلم من عندياته, وإنما فعل ذلك إمتثالا ً لتوجيه السيد المرجع الأعلى لضرورة هو يراها صائبة وفي الوقت المناسب.
أن نص ما قاله (الخفاف ـ المرجع الأعلى) كجواب على تساؤل حول رؤية المرجعية العليا حول مستقبل قوة الحشد الشعبي وفصائله الملتحقة به بعد فتوى الدفاع المقدسة هو:
ـ(هناك قانون أقر في مجلس النواب ينظم عمل هذه القوة. ينص البند (خامساً) من الفقرة (ثانياً) من المادة (الأولى) منه على ضرورة أن (يتم فك ارتباط منتسبي هيئة الحشد الشعبي الذين ينضمون الى هذا التشكيل عن كافة الأطر السياسية والحزبية والإجتماعية ولا يسمح بالعمل السياسي في صفوفه) وهناك أمر ديواني صدر من السيد رئيس مجلس الوزراء بغية هيكلة هذه القوة، والمرجعية (تنتظر) تطبيق ذلك القانون وتنفيذ ذاك الأمر الديواني. وتؤكد على موقفها المبدئي من ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وعدم السماح بامتلاك أي حزب أو مجموعة أو عشيرة او غيرها للسلاح المتوسط أو الثقيل تحت أي (ذريعة) أو (عنوان) خارج القوات المسلحة الرسمية على الأرض العراقية. وترى أنه لا يمكن تطبيق القوانين وفرض هيبة الدولة ولا مكافحة الفساد بصورة شاملة ولا المحافظة على الحريات العامة والخاصة ولا غير ذلك مما يدعو اليه الدستور مع امتلاك السلاح وانتشاره خارج الأطر القانونية الرسمية).
ـ ماذا أرادت المرجعية الدينية العليا أن توصله للأمّة وللطبقة السياسية ولقادة الحشد الشعبي على لسان مُمثلها ومدير مكتبها بلبنان؟.
ـ أرادت:
ـ المُباشرة بتطبيق قانون الحشد الشعبي الذي أقره البرلمان في 26/11/2016م بجميع مواده وفقراته والذي لم يرَ تطبيقه النور إلى الآن.
ـ فك إرتباط منتسبي هيئة الحشد الشعبي كـ(ضرورة) عن كافة الأطر السياسية والحزبية والإجتماعية والتي لا يزال العمل بها للآن.
ـ عدم السماح بالعمل السياسي في صفوف الحشد الشعبي والذي لا يزال معمولا ً به إلى الآن.
ـ تنفيذ وتطبيق الأمر الديواني المرقم (237)الصادر من رئيس مجلس الوزراء في 1/7/2019م والقاضي بهيكلة قوات الحشد الشعبي والذي يجد مُمانعة إلى الآن.
ـ وأنها (أي المرجعية العليا) تنتظر, وستنتظر لحين تطبيق قانون هيئة الحشد الشعبي وتنفيذ الأمر الديواني ذاك.
في حين تؤكد المرجعية الدينية العليا على موقفها المبدئي والحازم مِن:
ـ ضرورة حصر السلاح بيد الدولة وتحت أي عنوان كان أو ذريعة كانت.
ـ عدم السماح بإمتلاك أي (حزب) أو (مجموعة) أو (عشيرة) أو غيرها للسلاح المتوسط أو الثقيل تحت أي (ذريعة) أو (عنوان) خارج القوات المسلحة الرسمية على الأرض العراقية.
ـ أنه لا يمكن تطبيق القوانين وفرض هيبة الدولة ولا مكافحة الفساد بصورة شاملة ولا المحافظة على الحريات العامة والخاصة ولا غير ذلك مما يدعو اليه الدستور مع إمتلاك السلاح وانتشاره خارج الأطر القانونية الرسمية.
من هذا المنطلق وبعد ما تم إيضاحه نقول للعبودي: بأن نكرانك (لحامد الخفاف) هو نكران (للمرجعية العليا). وأن خصومتك لطرح (حامد الخفاف) هو إشهار الخصومة لنهج ورؤية (المرجعية العليا). وأن نهج (اللادولة) الذي أنت عليه هو بالحقيقة يتقاطع كلية ً ويقف بالضد مع مبدأ (الدولة) التي عليها مرجعية النجف الأشرف العتيدة وقطاعات واسعة من الشعب العراقي.
وأخيرا ً.. أن غربالك السياسي المتهرّئ لا يمكن أن يحجب شمسا ً كشمس النجف الأشرف.
أقرأ ايضاً
- عن الذي لا يحتاجُ “عيد الغدير” كي يُحب الأمير
- قراءةٌ في مقال السفيرة الأميركيَّة
- الحدود العراقية الكويتية بين المطلاع والعبدلي..(وهب الأمير ما لا يملك)